تواجه الشركة المصرية لتجارة الأدوية، كبرى الشركات الحكومية العاملة في مجال توزيع الدواء، كارثة الانهيار بعد أن وصلت خسائرها هذا العام إلى أكثر من 600 مليون جنيه، بحسب مستندات توصلت إليها"البديل"، وباتت الشركة تواجه شبح الحل في ظل تجاوز فاتورة السحب على المكشوف من البنوك 4 مليارات جنيه. قبل قليل، انتهى اجتماع الجمعية العمومية للشركة، وتم تعيين الدكتور أحمد حجازي، رئيسًا لمجلس الإدارة قادمًا من شركة "سيد للأدوية" والدكتور خالد عبدالعزيز، العضو المنتدب ورئيس قطاع الاستيراد بالشركة، مع صرف مكافأة 7 أشهر لكافة العاملين بالشركة وعدم مناقشه الخطاب المنشور بحل الشركة بعد تحقيقها 601 مليون جنيه خسائر سنوية. يؤكد ذلك الخطاب الرسمي المرسل، قبل أسبوع، من المحاسب عادل حسن محمد، رئيس قطاع الشؤون المالية والاقتصادية بالشركة للعرض على العضو المنتدب، والذي تنشره "البديل" ويؤكد أن الشركة ستغلق بحسب القانون رقم 202 لسنة 1990 بعد أن خسرت نصف رأس مالها وتجاوزت خسائرها 601 مليون جنيه في عام واحد فقط. تأسست الشركة المصرية لتجارة الأدوية عام 1965، وهي إحدى شركات قطاع الأعمال العام التابعة للشركة القابضة للأدوية والتي تستورد أدوية لا تنتج محليًا، ومن بينها أدوية القلب والسرطان والربو والحساسية والسكر والأوعية الدموية ومضادات النزيف وأشهر هذه الأدوية الأنسيولين بأنواعه وألبان الأطفال وأدوية الإنترفيرون ممتد المفعول لعلاج الالتهاب الكبدي الوبائي "سي". قبل عامين نشرت الشركة المصرية للأدوية إعلانًا مدفوع الأجر بالصحف المصرية أطلقت من خلاله استغاثة للرئيس عبدالفتاح السيسي، لينقذها من تدابير كانت تُتخذ في الخفاء لسحب البساط من تحت أقدامها، رغم أنها تحملت على مدى أكثر من 50 عامًا مسؤولية توفير احتياجات المريض المصري من أدوية الأورام والإنسولين والألبان وكانت حائط الدفاع والأمان الأول لعدد كبير من الصيادلة، ولكنها اليوم تسقط بفعل الفساد المالي والاداري. شبح الإفلاس المركز المصري للحق في الدواء، ناشد، من جانبه، رئاسة الجمهورية بالتدخل لإنقاذ الشركة من شبح الإفلاس والإغلاق بسبب الخسائر، بعد أن كانت أرباحها تتجاوز 400 مليون جنيه في العام قبل الماضي، وقال المحامي الحقوقي محمود فؤاد، إن إغلاق الشركة سيكون ضربة موجعة للمرضى وللصيادلة على حد سواء، وطالب بضروره التحقيق لمعرفة كيفية وصول خسائر الشركة لنصف رأس مالها كما تؤكد المستندات، علمًا بأن سوق الدواء في مصر لنفس العام حقق نسبة نمو تجاوزت 11٪، حسب قوله، كما أن الحكومة رفعت الأسعار مرتين فكيف تحقق الشركة كل هذه الخسارة في عام واحد فقط. وتتجاوز مبيعات الشركة المصرية لتجارة الأدوية ال6 مليارات جنيه، وحققت خلال العام الماضي أرباحًا تجاوزت 270 مليون جنيه، حيث تتعامل مع نحو 6537 مستحضرًا طبيًا من 267 شركة محلية وأجنبية، ولديها 37 فرعًا على مستوى الجمهورية في مواقع مميزة، و70 صيدلية موزعة على مختلف المحافظات في الأماكن التجارية وداخل بعض المستشفيات الحكومية، بالإضافة إلى 3 مراكز لتموين المستشفيات ويعمل بها ما يقرب من 5 آلاف شخص. تراجع ترتيب الشركة المصرية بين الشركات الموزعة للأدوية، وسبقتها شركات توزيع أخرى خاصة، حتى أصبح ترتيبها الرابع في حجم المبيعات وتقلصت حصة مبيعاتها في السوق إلى اقل من 10%. وقال المتحدث الرسمي باسم الشركة الدكتور كريم كرم، ل"البديل" إن وصول الخسائر هذا العام إلى هذا الحجم راجع لأسباب خارجة عن إرادة الشركة (التعويم، فرق العملة، صفقة الألبان) وأن الشركة تمتلك من الإمكانيات التي تساعدها على التقدم والاستمرار لتقديم الخدمة الدوائية للسوق المصرية. وأكد الدكتور أحمد حجازي، رئيس مجلس إدارة الشركة الجديد، أنه تم تكوين مخصصات لتدعيم الموقف المالي للشركة خلال المرحلة المقبلة بنحو 225 مليون جنيه، في الوقت الذي يبلغ فيه إجمالي رأس المال المصدر للشركة 300 مليون جنيه، بعد أن تجاوزت الخسائر المحققة نصف رأس المال المحقق.