انطلقت فى شهر رمضان وما زالت مستمرة حملة إعلانية دعائية ضخمة بعنوان "حق المواطن فى المعرفة" تحت شعار "من غير ما تعرف مش هتشوف الصورة كاملة"، وعندما يشاهد مواطن هذه الإعلانات الممولة من قبل بعض مؤسسات الدولة تتملكه الرغبة فى المعرفة والبحث عن المعلومة من كل الزوايا ومن مختلف المصادر، حتى يصطدم بالحقيقة، وهى أن نفس السلطة التى تقوم بحملة دعائية ضخمة بعشرات الملايين من الجنيهات، لتحثك على المعرفة وعدم الانسياق إلى معلومات من جهة واحده سواء مؤيدة أو معارضة، وأن عليك دائما البحث عن المعلومات من مصادر مختلفة لمعرفة الحقيقية وممارسة حقك فى المعرفة، هى نفس السلطة التى تحجب يوميا عشرات المواقع الإخبارية، فقط لأنها تقدم أخبار (وليس آراء) وأحداث تحدث فى مصر لكن من زاوية أخرى غير التى تريد السلطة أن يراها المواطن. أمر عجيب أن تجد من يدعوك للمعرفة يحجب عنك مصادر المعلومات المختلفة، لكن إذا عرفت السبب زال العجب، فهذه السلطة تريد أن تشيع دائما أنها ديمقراطية راعية للحقوق والحريات وتقبل الآخر وحق الاختلاف لكى تكسب الرأى العام العالمى وتمكن المبررين من الكذب و الإدعاء بأنها كذلك، لكن الحقيقة مختلفة تماما فلا هى ديمقراطية ولا تعترف بحق الآخر فى حرية الرأى و التعبير وكل مؤشرات حقوق الإنسان العالمية أظهرت تراجع الدولة فى هذا الشأن بنسبة كبيرة، وكانت النتيجة حجب الموقع العالمى هيومان رايتس ووتش لنشره هذا التقارير، بدلا من التعامل مع هذه المؤشرات بجدية، ودراسة مواجهة هذا التراجع الحاد فى هذا الملف. السلطة وأبواقها الإعلامية إعتادت على طريقة واحدة هى الرد على التقارير الرسمية وغير الرسمية بالإنكار بل والتشهير وسب المؤسسات التى تعلن ما يدين السلطة والآن حجب المواقع التى تنشر هذه التقارير. لكن هذه الطريقة لم تعد مثمرة لا على المستوى المحلى ولا العالمى وبدلا من بذل المجهود فى الإنكار لابد من العمل على حل المشكلة من جذورها الا إذا كانت هذه السلطة راغبة ومستفيدة من غير ذلك. أما الحق فى المعرفة فهو فقط لم تريده السلطة أن يصلك عبر أبواقها وليس لك الحق فى البحث عن المعلومة من مصادر أخرى، وإلا أصبحت مارقا و خائنا فاحذروا.