مازال الاحتلال يحاول فرض سياسة الأمر الواقع في مدينة القدسالمحتلة وخاصة بالمسجد الأقصى؛ حيث سعى خلال الأيام القليلة الماضية إلى إفراغ المدينة من قاطنيها عبر حملات الاعتقال وتضييق الخناق على تحركاتهم، ومنذ أحداث الأقصى الأخيرة التي أدت إلى إغلاق المسجد أسبوعين على التوالي، يستهدف الكيان الصهيوني الرموز الدينية بكثافة، الأمر الذي يشير إلى نية لتغيير ملامح المدينة المقدسة وتنفيذ وعوده السابقة بجعل القدس عاصمة للاحتلال، ووضع السيادة على الأقصى. الرجبي.. إفراج مشروط بإبعاد قررت محكمة الاحتلال، مساء أمس الاثنين، الإفراج عن الشيخ نور الدين الرجبي، أحد أئمة وخطباء مساجد القدسالمحتلة، بشرط الإبعاد عن المدينة وبلدتها القديمة لمدة أسبوع، وبكفالة مالية مقدارها خمسة آلاف شيكل، حيث كانت مخابرات الاحتلال استدعت الشيخ الرجبي يوم الأحد الماضي للمرة الثالثة على التوالي خلال شهر واحد؛ للتحقيق معه بمركز المسكوبية غربي القدس واعتقلته خلال التحقيقات، ثم مددت اعتقاله لعرضه على المحكمة أمس الاثنين، قبل أن تصدر الأخيرة قرارًا بإبعاده عن القدس. صلاح.. تمديد ثالث خلال أسبوع واعتقلت سلطات الاحتلال، رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 48، الشيخ رائد صلاح، بعد اقتحام منزله في أم الفحم داخل الخط الأخضر، الثلاثاء الماضي، متهمة إياه بالتحريض على العنف والقيام بنشاط في رابطة خارجة عن القانون، لتمدد محكمة الاحتلال الجمعة الماضية، اعتقاله ثلاثة أيام، فيما قررت محكمة إسرائيلية جنوب تل أبيب أمس الاثنين، تمديد اعتقال الشيخ صلاح للمرة الثالثة خلال أسبوع، أربعة أيام أخرى تنتهي الجمعة المقبلة. وزعم وزير داخلية الكيان الصهيوني، جلعاد أردان، أن تصريحات صلاح تشجع على التطرف وارتكاب جرائم القتل، قائلا: "آمل بأن تتم محاسبته هذه المرة وأن يقبع وراء القضبان مدة طويلة"، فيما قالت شرطة الاحتلال أمام المحكمة إن الاتهامات الموجهة لصلاح تتضمن خطبة ألقاها بعد هجوم 14 يوليو الماضي، الذي أدى إلى مقتل شرطيين إسرائيليين في باحة الحرم القدسي، وإن الخطبة كانت "أمام حشود ذات صلة بمقتل الشرطيين". وفي المقابل، أكد محامي رئيس الحركة الإسلامية، خالد زبارقة، أن الهدف الأول والأساسي من اعتقال الشيخ، محاولة الحكومة الإسرائيلية تبرير فشلها في أحداث الأقصى الأخيرة وتحميل صلاح نتائج قراراتها الغبية والفاشلة التي اتخذتها بحق الأقصى مؤخرًا، مضيفا أن الهدف الثاني هو محاولة يائسة لإسكات صوت الأقصى من خلال استهداف رموزه، مضيفا أن الشيخ الذي تعرض للاعتداء داخل السجن، يدرك أبعاد استهدافه من قبل السلطات الإسرائيلية؛ كأحد الرموز الفلسطينية في الداخل، وكذلك الرموز الإسلامية التي تمثل المسجد الأقصى في العالم، متابعا: "لا يوجد أي سبب قانوني لاعتقال الشيخ، وشرطة الاحتلال أصبحت تحقق معه في آيات قرآنية، ما يلفت الانتباه إلى سياسة التحقيق الجديدة التي تنتهجها سلطات الاحتلال". تهديدات بالقتل بعيدًا عن الاعتقال وأحكام المحاكم الإسرائيلية العنصرية، أوضح الشيخ صلاح أمام المحكمة مؤخرًا، أنه تلقى تهديدا بالقتل داخل السجن من قبل سجناء يهود، مضيفًا: إذا حدث لي شيء، فإن دمي سيكون على يدي رئيس وزراء كيان الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وهو ما أكدته المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، والتي وجهت رسالة عاجلة إلى الأممالمتحدة، ناشدت فيها حماية الشيخ رائد صلاح من بطش سجانيه. وحذرت المنظمة في رسالتها المعنونة باسم المبعوثين الخاصين لأمين عام الأممالمتحدة، المعنيين في قضايا الاعتقال التعسفي والتعذيب، من أن هناك خططًا مبيتة لتصفية الشيخ صلاح من قبل سجانيه الإسرائيليين، تم كشف بعضها سابقًا، وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا: إن ما يتعرض له الشيخ صلاح من اعتقال وحشي واعتداء عليه في محبسه يعكس حنق الاحتلال الإسرائيلي من أنشطة الشيخ السلمية والمتوافقة مع القانون، ووفقا للمنظمة، فإن ضباطًا كبارًا داخل السجن الذي يقبع فيه الشيخ هددوه عقب الاعتداء عليه بالضرب، بتصفيته بطريقة توحي بأن الوفاة حدثت لأسباب طبيعية، مؤكدين للشيخ أنهم طوروا طريقة خاصة لهذا الأمر بعدما يأسوا من كبح جماحه في الدفاع عن الأقصى. يؤرق الاحتلال لم تكن المرة الأولى التي تعتقل فيها قوات الاحتلال الشيخ رائد صلاح، حيث سبق اعتقاله عام 1981، بعد تخرجه في كلية الشريعة بتهمة ارتباطه بمنظمة محظورة، وفي عام 2000، نجا من محاولة اغتيال، إذ أصيب بعيار ناري في رأسه، وبعد مرور عامين على الحادثة صدر أمر بمنعه من السفر خارج فلسطينالمحتلة، وفي 2003 اعتقل بتهمة تبييض أموال لصالح حركة حماس، ليفرج عنه بعد عامين. وفي عام 2009، منعه الكيان الصهيوني من دخول المسجد الأقصى، وبعدها بعام أصدرت محكمة الاحتلال قرارا بحبسه 9 أشهر، وبعد عودته من أداء فريضة الحج حبس مجددًا على خلفية مشادات كلامية مع شرطة الحدود، وفي العام نفسه، تم اعتقاله في بريطانيا بطلب من إسرائيل، وأفرج عنه وعاد إلى مدينة أم الفحم، وفي مايو عام 2016 حبست سلطات الاحتلال الإسرائيلي مجددًا الشيخ رائد صلاح لمدة 9 أشهر بتهمة التحريض على العنف، تخلل الاعتقال إضرابًا عن الطعام. حملات الاعتقال والتمديد وأحكام الإبعاد التي تصدر بحق الرموز الدينية الإسلامية في القدس، تأتي ضمن سياسة وحملة التحريض الممنهجة والكبيرة التي يشنها مسؤولون وكتُاب إسرائيليون ووسائل إعلام صهيونية ضد الرموز الدينية، ويطالبون خلالها بإبعاد هؤلاء عن الأنظار خشية أن يشكلوا قيادات خلال أي انتقاضة مقبلة.