العدالة الاجتماعية حلم المصريين منذ زمن بعيد، طالما طالبوا به حتى قامت ثورة 25 يناير 2011 والتي كانت أهم مطالبها «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، آملين أن يتحقق الحلم، إلى أن جاء حكم الإخوان المسلمين لتتجدد مطالب الشعب بالعدالة الاجتماعية في ثورة 30 يونيو، ويتجدد الأمل مرة أخرى، خاصة وأن الدستور المصري نص على أن يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي، وأن تلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، على النحو الذي ينظمه القانون. ونحن نستقبل الذكرى الرابعة لثورة 30 يونيو، وبعد مرور 6 سنوات على ثورة 25 يناير، ما زال الشعب المصري يبحث عن حلم العدالة الاجتماعية الذي يبدو أنه ضاع في ظل تدني الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فالعدالة الاجتماعية غائبة عن سياسات أنظمة الحكم في مصر، حيث إنها غير مدرجة على أولويات السلطة. قال الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، إن عدم تحقيق العدالة الاجتماعية حتى الآن رغم قيام ثورتين يرجع إلى أن هناك خلالاً كبيرًا في وضع الموازنة العامة للدولة، ولذلك يجب رفع الدعم عن رجال الأعمال؛ لأنه يعطي الفرصة للحكومة المصرية لإعادة توزيعه من جديد لصالح المجتمع المصري الذي يقع 40% منه تحت خط الفقر. وأضاف عامر أنه يجب إجراء إصلاح اقتصادي ومالي عاجل يشارك فيه مجتمع الأعمال المصري، من خلال رفع أسعار الطاقة للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة، سواء المازوت أو الكهرباء، ورفع أسعار المياه لشرائح معينة من المواطنين الذين يسكنون القصور والفيلات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، في ظل وجود حمامات سباحة. وأوضح أن الأداء الاقتصادي عامة في حالة فشل تام، خاصة في بحث الآليات الخاصة بقضية العدالة الاجتماعية، والتي تمثل أهم وأول المطالب الثورية، وبثها كبرامج عمل حقيقية، لافتًا إلى أن هذا الأمر يعوقه ضعف الموارد المالية وتفاقم الدين العام الداخلي والخارجي، إضافة إلى دعم الطاقة الذي وصل إلى مستويات قياسية بلغت ما يقرب من 128 مليار جنية سنويًّا، مما يتجاوز قدرة الاقتصاد المصري على تلبية المطالب التي تحتاج إلى رؤية استراتيجية، من خلال وضع اقتصادي يستند إلى شراكة حقيقية بين الدول ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص وتشجيعهم على العمل وتبني منظومة الاستثمار بعد صدور قانون الاستثمارالجديد. وأشار إلى أن عدم وجود العدالة الاجتماعية يؤجج لقيام الثورات، وهو أحد أسباب ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ففي غياب العدالة بوجه عام، والعدالة الاجتماعية بوجه خاص، تتفاوت الطبقات في المجتمع الواحد، فنجد شريحة رفيعة كمًّا و كيفًا من المجتمع تتمتع بكافة المزايا المادية والمعنوية، تليها شريحتان فقط من الطبقات إما وسطى تكافح لتبقى على حالها من التوسط وعلى ما تكتسبه من مزايا ضئيلة جدًّا بالكاد تكفي معيشتها، وتستمر تقاوم لكي لا تسقط في الهوة الواسعة، التي تنتهي بطبقة معدمة لا تتمتع بأي مزايا مادية أو معنوية، وهذه الطبقة تحديدًا هي قوة فاعلة متعطشة للعمل ساعية إلى الكسب، فهي طاقة هائلة إن توافر لها المناخ المناسب لكي تعمل وتساهم بدور ما في المجتمع، فيجب استغلال هذه السواعد في الأعمال البسيطة أو المشاريع المتوسطة، أو لاستصلاح الأراضي ومن ثم زراعتها، أو غير ذلك، مما يجعلها تشعر بقيمتها في المجتمع، فلا تكون سببًا لثورة جديدة.