نعم.. 25 يناير ثورة شعبية شارك فيها ملايين المصريين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم وأعمارهم.. وظلت هذه الملايين في الشوارع والميادين حتي رحل نظام مبارك مخلفاً ميراثاً هائلاً من الفساد والمحسوبية والفقر والمرض. نظاماً التفت حوله واستفادت منه طبقة بعينها من دون باقي طبقات الشعب ولذلك كان من الطبيعي أن تعادي هذه الطبقة الثورة التي هددت مصالحها لبعض الوقت. بعد خمس سنوات أراني مضطرة ان أؤكد ذلك واذكر به في مواجهة أصوات تشكك في ثورة 25 يناير لصالح ثورة 30 يونيو غافلة أو متغافلة ان غالبية من شاركوا في 25 يناير هم من خرجوا في 30 يونيو لإصلاح مسار الثورة والاطاحة بالإخوان الذين حاولوا اختطافها. وإذا كان من الطبيعي أن يهاجم رجال الأعمال خاصة مالكي القنوات الفضائية "25 يناير" باعتبارها ثورة مست مصالحهم وبثت الرعب في نفوسهم لبعض الوقت خوفاً علي ثرواتهم. فإنه من غير الطبيعي أن نسمع أصوات بعض ممن يحملون لقب خبير اقتصادي ويرفعون شعار الليبرالية. تتعجب من الاحتفال بثورة يناير التي أرجعت البلاد 50 عاماً للوراء حسب زعمهم!!! هذه الأصوات تقلبت خلال عصر مبارك من مؤيدي الخصخصة وسياسات الانفتاح الاقتصادي غير المنضبط إلي أصوات متحفظة ومنتقدة لبعض السياسات الاقتصادية خاصة بعد تصاعد نبرة المعارضة لهذه السياسات. وربما شجعها ذلك علي اتخاذ مثل هذه المواقف المتحفظة. وواضح ان هذا التقلب في الآراء انتقل من الاقتصاد للسياسة خاصة انها أيدت ثورة 25 يناير بعد نجاحها في اسقاط نظام مبارك. عموماً مرت سنوات خمس علي الثورة فماذا تحقق من أهدافها "عيش. حرية. عدالة اجتماعية"؟!!. "العيش" تحاول الدولة توفيره للمواطن بأسعار مناسبة. في ظل موجات شرسة من ارتفاعات الأسعار طوال السنوات الخمس الأخيرة. ونجحت حتي الآن في توفير "رغيف العيش" دون زيادة في سعره. وان بدأ وزير التموين الحالي في الحديث عن رغيف مميز بعشرة قروش!! كما حافظت الدولة علي دعم السلع لقطاع عريض من الشعب. وان كانت قيمة الدعم ذاته قد انخفضت من خلال النظام الجديد المتبع الآن. ملف الحرية مازال متعثراً حتي الآن والشئ العجيب وغير المتوقع ان شرائح من المواطنين أصبحت تكره الحرية. وتهاجم بشدة كل رأي يخالف رأيها ولا يتطابق معه ولا تتردد في إلقاء التهم وربما الشتائم علي هؤلاء المختلفين معها. أما ملف العدالة الاجتماعية فعلي الرغم من جهود الدولة لمساندة الفقراء والتوسع في إعانات الضمان الاجتماعي. إلا انه حتي الآن يتم اتخاذ خطوات علي طريق العدالة الاجتماعية الحقيقية وهي المساواة في الحصول علي فرص متكافئة في سوق العمل. ولن يتحقق ذلك من دون إصلاح التعليم وتوفير تعليم بمستوي جيد لجميع أبناء الشعب مثلما يحدث في مختلف دول العالم التي لا يوجد بها تعليماً طبقياً مثلما يحدث في مصر حيث يتعدد أنواع التعليم. ومن يمتلك المال هو فقط من يحصل علي التعليم الجيد وفرص العمل اللائقة. العدالة الاجتماعية أيضاً في الحصول علي رعاية صحية واحدة للجميع. من خلال نظام تأمين صحي شامل بمستوي جودة مرتفعة. نظاماً يحمي الفقراء بل والطبقة المتوسطة من الموت علي أبواب المستشفيات سواء العامة التي تعاني فقر الامكانيات وسوء الخدمة. أو الخاصة التي تطالب المريض بآلاف الجنيهات أولاً حتي لو كانت حالة طارئة ضاربة عرض الحائط بقرار الحكومة بتقديم الرعاية الطبية لمدة 48 ساعة من خلال الطوارئ دون مطالبة المريض بأي مقابل. العدالة الاجتماعية تعني أيضاً العدالة الضريبية. فأصحاب الثروات الذين استفادوا من عصر مبارك 30 عاماً كان عليهم دفع ضريبة هذه الثروة مضاعفة لتمويل خزانة الدولة. وعلي عكس ذلك تم خفض سقف الضرائب علي الشركات والدخول من 30% إلي 5.22%. فضلاً عن إلغاء ضريبة البورصة والأرباح الرأسمالية رغم حاجة الدولة الشديدة للموارد وعجز الموازنة الكبير. أهداف ثورة 25 يناير ستظل حاضرة في وجدان الشعب المصري إلي أن تتحقق كاملة وهي ذات الأهداف التي أقرها الدستور الحالي وطالب بتنفيذها "عيش. حرية. عدالة اجتماعية".