وصل التنافس والغيرة بين بعض دول الشرق الأوسط إلى مستويات بعيدة، فقد قررت السعودية وبعض جيرانها معاقبة قطر بحجة ظاهرية وهي تمويل الإرهاب، وفي نفس الوقت تواجه السعودية اتهامات بتمويل المتطرفين، فيما ذهب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى جانب السعوديين بعد إغواء العاهل السعودي له، على الرغم من أن الولاياتالمتحدة لها قاعدتان عسكريتان في قطر. الخاسر الأكبر في هذه المعارك الخليجية هو المعركة على تنظيم داعش، فرغم أنه لا أحد يحب داعش، فإن فكرة وجود جبهة موحدة بين دول الخليج ضد الجماعة الإرهابية قد تبخرت، وظهر النفاق والتناقضات الكثيرة. في الأسبوع الماضي وافقت الولاياتالمتحدة على بيع طائرات "إف 15" بمبلغ 12 مليار دولار، بجانب وصول سفينتين من البحرية الأمريكية إلى الدوحة للمشاركة في مناورات عسكرية، فإذا كانت قطر تشكل تهديدا إرهابيا خطيرا، فلماذا تفعل واشنطن كل ذلك؟. صحيح أن قطر اتهمت منذ وقت طويل بتمويل جماعة الإخوان، وهي الجماعة التي رفعت من مستوى العنف السياسي، ورغم ذلك فإن السعودية والتي يخشى حكامها من الشعبوية الإسلامية، تمول أيضا الجماعات الإرهابية. دعمت قطر الجماعات المتطرفة في سوريا مثل تنظيم القاعدة، وأيضا جماعات أخرى في ليبيا والدول العربية، ولكن السعوديين أنفسهم دعموا المتطرفين في نفس البلدان منذ فترة طويلة، وبغية القيام بدور الوساطة الإقليمية أثارت قطر غضب السعوديين من خلال تعزيز الروابط مع الجماعات الإرهابية الأخرى بما في ذلك طالبان الأفغانية وحماس في قطاع غزة، ليظهر قادتهم على شاشات قناتي الجزيرة القطرية والحرة. يشعر السعوديون بانزعاج من محادثات قطر مع إيران منافستها الرئيسية. تعد الأحكام الأمريكية مختلطة تماما مثل سجل قطر، ففي عام 2014 وصفت وزارة الخارجية الأمريكيةقطر بأنها دولة متسامحة، وأشادت بجهودها في منع تمويل الإرهاب وتوقيف الإرهابيين على حدودها، مما يعد دليلا على الشراكة القوية، وفي فبراير الماضي أشاد دانيال غلاسر، مسؤول سابق في وزارة الخزانة، بدور قطر الجيد في محاولة منع تمويل الإرهاب من خلال الرقابة على القطاع المالي والجمعيات الخيرية المحلية ومقاضاة الأشخاص المتورطين في أعمال غير مشروعة، وبعد ذلك اشتكى من أن ممولي الإرهابيين يعملون بشكل واضح وصريح في قطر والكويت، وحث الحكومتين على إغلاق مثل هذه الأنشطة. انضمت السعودية إلى التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة ضد داعش، ومع ذلك فإن تقارير الحكومة الأمريكية تفيد بأن الدعم المالي للإرهاب يأتي من السعوديين، مما يشكل تهديدا للمجتمع الدولي والسعودية نفسها. وبينما يتجاهل ترامب هذه التقارير، تواصل السعودية إنفاق مليارات الدولارات لنشر مذهب الوهابية الملهم لتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة، حيث تساهم الرياض في بناء المساجد الوهابية في بلدان مثل كوسوفو وإندونيسيا وباكستان. وبسبب اعتماد الأسرة الحاكمة على رجال الدين الوهابيين من أجل استمداد شرعيتها، لم تتخذ الأسرة خطوات إصلاح دينية جادة، لتسمح بمواصلة التعاليم الدينية الصارمة والتي تحرض على غير المسلمين، حيث يقول الخبراء إن بعض النصوص المدرسية السعودية تبدو وكأنها تحرض على كره الآخرين، كما أن السعوديين بمساعدة المخابرات والأسلحة الأمريكية ساهموا في خلق المتطرفين لحربهم الوحشية في اليمن. أما إيران، عكس السعودية وقطر، فهي عدو طبيعي للجماعات الإرهابية مثل داعش التي تقاتلها في العراق، وقد كانت طهران هدفا لداعش، وأعلنت الجماعة الإرهابية مسؤوليتها عن الهجومين الأخيرين في طهران، وعلى الرغم من ذلك تصنف وزارة الخارجية الأمريكيةإيران على أنها دولة راعية للإرهاب منذ عام 1984، أي بعد 5 سنوات من الثورة الإيرانية، بجانب السودان وسوريا. المصدر