بعد قطع عدد من الدول العربية بقيادة السعودية علاقاتها مع دولة قطر بتهمة دعمها الإرهاب، أصبح الشرق الأوسط في أزمة جديدة، حيث يأتي الصدع العربي العربي على رأس الصراعات المسلحة في المنطقة والتوترات المستمرة مع إسرائيل وإيران، والكفاح ضد الجماعات الإرهابية، ولهذا أصبح الشرق الأوسط في حاجة إلى بلد هادئ ونموذج وسطي. تفشل القوى الخارجية مثل الولاياتالمتحدة في دور الوسيط، في حين أن شباب المنطقة الذين يسعون لتحقيق السلام والحرية لا تزال أصواتهم محجوبة خلف قضبان حكامهم. الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط والتي لها تاريخ كمحكم حيادي وتحمل رسالة تعايش سلمي هي سلطنة عمان، هذا البلد الصغير الذي يحكمه السلطان قابوس بن سعيد، منذ عقود لديه مصالح استراتيجية للعمل كرجل وسطي. تقع سلطنة عمان على حدود السعودية، وتبعد 35 ميلًا عن مضيق هرمز مع إيران، ومع امتلاكها ثروة نفطية أقل بكثير من بقية دول الخليج، ترحب بالتجارة والعلاقات الجيدة مع البلدان التي عادة ما يعارض بعضها بعضًا. وبسبب السياسة الخارجية المستقلة التي تتبعها سلطنة عمان، لعبت دورًا محوريًّا في الاتفاق النووي بين إيرانوالولاياتالمتحدة، كما أنها تسعى لتحقيق السلام في اليمن. ويقول مراقبون إن دور العمانيين نما من قناة لإيصال الرسائل المتبادلة إلى وسيط موثوق به بين الأمريكيين والإيرانيين، وعند الأخذ بالاعتبار أنها دولة خليجية، سنجد أن السلطنة لديها علاقات وثيقة بشكل غير عادي مع طهران، وكذلك مع الدول المجاورة المنافسة لإيران، مثل المملكة العربية السعودية، وباقي أعضاء مجلس التعاون الخليجي. تختار عمان بعناية خطواتها على الجانبين، خاصة حين يتعلق الأمر بنزاعات الشرق الأوسط، ومع الأزمة الأخيرة بين قطر وأعضاء دول مجلس التعاون الخليجي، يمكن لمسقط أن تلعب دورًا محوريًّا. منذ عام 1990 كانت عمان مركزًا للصلح يجمع بين الأطراف المتنازعة في الشرق الأوسط، كما أن نساءها يتمتعن بالحرية أكثر مما تتمتع نساء بلدان العالم الإسلامي الأخريات، وحتى الآن لم يُدَن العمانيون بارتكاب جريمة إرهابية. وبجانب المصالح الوطنية لعمان، فإن الدولة تتبع نوعًا من الإسلام يجعلها دولة متسامحة بعيدة عن المشكلات، حيث تتجنب الانقسام الطائفي والداخلي في البلاد. تتبع سلطنة عمان مذهب الإباضية، وهو منهج متسامح يوحد بين المسلمين بمختلف طوائفهم، وعلى الرغم من أن الإسلام هو الدين الرئيسي في الدولة، ويسيطر على مؤسساتها، إلا أن الطوائف الأخرى يتمتعون بحرية دينية كبيرة مقارنة بالدول المجاورة، وعلى الرغم من كون الحكومة غير ديمقراطية إلى حد كبير، إلا أن المجتمع العماني مُتساوٍ نسبيًّا إلى حد كبير. كل هذه الخصائص أعطت سلطنة عمان الفرصة لتصبح وسيطًا في المنطقة، أو على الأقل تتخذ مكانًا محايدًا بين الخصوم، وفي منطقة معروفة بعنفها وتصديرها للإرهاب، فإن احترام هذا البلد يعد واجبًا لقدرته على رؤية ما وراء الصراعات وتحقيق التوازن بين المصالح وفتح طرق للسلام. المصدر