تداولت مواقع إخبارية رسالة تهنئة ودعم، وجهها قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني لإسماعيل هينة، بمناسبة انتخابه رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس، في الوقت الذي اتخذت فيه قمة الرياض الإسلامية الأمريكية مواقف أضرت بحركات المقاومة، وخاصة الفلسطينية منها. مضمون الرسالة توجه سليماني لهنية بالقول: نتطلع إلى جهودكم لتجذير المقاومة امتدادًا للخط الجهادي للحركة والعمل على تعزيز التكامل مع رفقاء درب حماس، حلفاء المحور المقاوم بغية إعادة الألق للقضية الفلسطينية. وبارك سليماني انتخاب يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي في غزة، تعاونه ثلة من المجاهدين، راجيًا الله أن يجري على أيديهم كل خير لمصلحة الشعب الفلسطيني المجاهد. وشدد سليماني على أن الاستكبار العالمي وأداته الصهيونية يسعيان إلى النيل من هذه الأمة وإصابتها في مقتل لا تستيقظ منه، كما يهدفان إلى حرف جهاد الأمة عن بوصلته الإسلامية وخطف القدس الشريف في لحظة عصيبة جدًّا، غاب عنها الصديق الذي ضعفت إرادته. وتابع أن الشؤون العظيمة في الظروف الصعبة لا يقوم وينهض بها إلا الرجال، مضيفًا: نتطلع إلى إدارة حكيمة، تعد كما عهدناكم بمستقبل أفضل، تعالج به بحنكة الأزمات الداخلية. سليماني أكد التعويل على جهود هنية في إعادة القضية الفلسطينية كعنوان نضال عالمي للمسلمين وللمؤمنين الأحرار، مشددًا على ضرورة أن يتفرغ الجميع لخدمة فلسطين، وألا يسمح بأن تغدو قضية الشعب الفلسطيني ضحية لمصالح الآخرين وتجاذباتهم. وختم سليماني رسالته بالقول: نسأل الله أن يبارك سعيكم وجهادكم المستديم، حتى تحرير المسجد الأقصى وكامل فلسطين على أيدي أبطال فلسطين، لتعود القدس ملتقى لكل المسلمين والمسيحيين كما كانت في الماضي. الرسائل السياسية التي تحملها الرسالة يرى مراقبون أن الرسالة السليمانية لو كانت تقتصر على انتخاب هنية، لكانت ذات طبيعة بروتوكولية فقط، ولكن نظرًا لتوقيتها وربطها بما جرى في الرياض خلال القمة الإسلامية الأمريكية بقيادة ترامب من تآمر على حركات المقاومة والقضية الفلسطينية، وتسخير الأموال والقدرات العربية لخدمة الكيان الصهيوني وحلفائه والهجوم على إيران، مع التذكير بأن التهمة الرئيسية لطهران هي دعمها لحماس وحزب الله، فإنها تأتي في لحظة حساسة لكي تدعم المشروع الفلسطيني المقاوم ضد العدو الصهيوني، وتذكر حماس بأخطائها في حساباتها التي عولت من خلالها على العديد من الدول العربية الإسلامية، والتي لم تجرؤ في القمة الإسلامية الأمريكية على الدفاع عنها، ولو بشق كلمة، ونفي صفة الإرهاب عن حماس، التي ما برح يطلقها ترامب عبر خطابه، وتذكر الرسالة أيضًا حماس بالخط الجهادي لها، الأمر الذي يحمل تلميحًا إيرانيًّا لدفع أي توجس إيراني من الوثيقة الجديدة لحماس. توقيت الكشف عن الرسالة له دلالته، فالرسالة الإيرانية كانت قد أرسلت إلى هنية في 7 مايو من الشهر الجاري، أي بعد يوم من انتخاب هنية رئيسًا للمكتب السياسي، ولكن تم الكشف عنها أمس، خصوصًا أنه وفق المعطيات تم تنسيق إيراني مع حركة حماس لكشف هذه الرسالة وطرح تداولها، وبالتالي تعد الرسالة مهمة، كما أن من أرسل هذه الرسالة، وهو سليماني، يتمتع بأهمية كبيرة في الساحة السياسية والعسكرية الإيرانية، فصحيح أنه قائد فيلق القدس، ولكنه أيضًا صانع قرار فعلي داخل النظام وفي كل القضايا المتعلقة بالأمن القومي الإيراني، فحتى في رسم السياسة الخارجية الإيرانية نجد لمسات سليماني حاضرة في الملف السوري والعراقي واليمني، ولا يجب أن نغفل أن توقيت الرسالة يتزامن مع تجديد الثقة بالرئيس الإيراني، حسن روحاني، الأمر الذي يعني أن السياسة الإيرانية الجديدة ما زالت داعمة لحركات المقاومة ضد العدو، ولن تتغير. كما أنها تعتبر ردًّا على اعتبار ترامب حركة حماس إرهابية جنبًا إلى جنب مع حزب الله، بأن طهران مصرة على مد يدها لحماس، وتقول لهم: نحن مستعدون لمواصلة الدعم والوقوف إلى جانب الحركة في القطاع والضفة. إذاعة حركة حماس لهذه الرسالة أو التنسيق في إذاعتها رسالة تحمل في طياتها الكثير من العتب لممثلي 54 دولة عربية وإسلامية، الذين قبلوا بتغييب الفكر المقاوم للعدو الصهيوني، وتطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية من خلال ما تداولته مواقع إعلامية عن مبادرة خليجية لتطبيع مع إسرائيل، وإنشاء ناتو إسلامي بقيادة أمريكية إسرائيلية. وتحمل الرسالة حرصًا إيرانيًّا مزدوجًا على المقاومة الفلسطينية، أولًا على التكامل داخل حماس كقيادة سياسية وذراع عسكرية، وثانيًا على وحدة الصف الفلسطيني في إشارته تحديدًا إلى تطلع طهران إلى إدارة حكيمة تعد بمستقبل أفضل تعالج فيه حماس بحنكة الأزمات الداخلية، وفي هذا رد إيراني على بعض المشككين في نوايا طهران بأنها من مشجعي التشرذم الفلسطيني. العرب والرسالة الإيرانية يتحجج العرب بأنهم لا يدعمون المقاومة اللبنانية؛ لأنهم يعتبرونها امتدادًا لإيران في المنطقة بما يحمله حزب الله من أيديولوجيات مذهبية، الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، كان قد قال في خطاب سابق له إن حزب الله لم يجد من العرب باستثناء سوريا من يدعمه في حربه مع العدو الإسرائيلي، وبالتالي التوجه إلى إيران كان بديلًا عن التقاعس العربي الذي بدأ يتضح بشكل لا لبس فيه في قمة الرياض الأخيرة، حيث أدار العرب ظهورهم لحماس، وسمحوا لترامب بوسمها بالإرهاب، على الرغم من أن حماس تشترك معهم في نفس القاعدة المذهبية، وبالتالي لا يوجد ما يمنعهم من التعاطي معها، سواء بالدعم أو المساندة، ولكن يبدو أن التهم المذهبية هي شماعة يعلق عليها بعض القادة العرب والمسلمين تخاذلهم عن دعم أي تيار مقاوم، سواء كان سنيًّا أو شيعيًّا، في ظل الرغبة الدفينة لديهم في التطبيع مع الصهاينة واليهود.