"لا للتهجير القسري.. لا للتشريد.. لا للظلم".. شعارات رفعها أهالي منشية ناصر من سكان شارعي الرزاز والنور مخطط (8) أسفل مساكن الحرفيين، خلال اعتصامهم؛ احتجاجا على قرارات محافظة القاهرة وحى منشية ناصر بإزالة منازلهم بدعوى أنها تقع في مناطق خطورة جيولوجية. "قبل ما تهدم الحكومة بيوتنا ويهجرونا منها بالقوة، هتكون مقابر ندفن نفسنا فيها، لأننا لن نتركها بعد أكثر من 40 سنة".. هكذا قالت أم سامح، إحدى ملاك شارع الرزاز، غاضبة من قرارات المحافظة بإزالة المنطقة، مضيفة: "عشنا فيها وبنيناها طوبة طوبة، بعرق ومجهود، كنت أحمل الرمال والمياه مع زوجي على رأسي حتى نكمل بناء البيت منذ أن جئنا من الصعيد للبحث عن لقمة العيش، وليصبح لدينا بيت نحمى فيه عيالنا الستة". أكدت أم سامح أنها لا يمكن أن تتنازل عن ملكية منزلها وتتحول لمستأجرة بحي الأسمرات في شقة مساحتها 60 م، بعدما كان لديها بيت مكون من 6 طوابق، يضم 12 شقة، ومساحة كل واحدة 100 م" متسائلة: هل ستعوضني الحكومة عن منزلي بآخر في الأسمرات، وهل تملكني الوحدات السكنية أم ستجبرني على دفع إيجار 700 جنيه شهريا؟ متابعة: "لو المنطقة خطرة وعشوائية كما يقول الحي، لماذا قام بتوصيل المياه والكهرباء والتليفونات والصرف الصحي، ورصف الحي الشارع عام 2015، وندفع فواتير الكهرباء وقيمة سداد القمامة؟". وقال عم عبد الحميد، الرجل الستيني: "الحكومة عايزة تاخد بيتي دلوقتى على الجاهز، بعد ما حفرنا في الصخر والجبل من 25 سنة لتعمير المنطقة، والآن بعد ما أصبحت المنطقة حيوية وأراضيها سعرها عالي، تريد هدم منازلنا من أجل بيعها للمستثمرين!، مستطردا: "بيتي مصدر رزقي الوحيد بعد كبر سني، وأعيش على إيجار الشقق، ليس لدي معاش، لكن عندما تهجرني الحكومة لحي الأسمرات، وتطالبني بدفع إيجار الشقة، هدفع فلوسها منين؟". وتجلس الحاجة نادية موسى، أمام منزلها بعباءتها السوداء وبلكنتها الصعيدية، قائلة: "جئت منشية ناصر عام 1983، وكانت منطقة صحراء، لكن كانت تناسب الفقراء أمثالنا، وقام زوجي ببيع قيراط الأرض الذي يمتلكه، حتى نتمكن من بناء بيت نحتمي به، ويكون سندنا عند الكبر ومصدر رزقنا للعلاج والمعيشة"، مؤكدة أنها ترفض الانتقال للأسمرات، وسوف تنظر "البلدوزر" الذي سيهدم البيوت حتى تموت على بابه. وأوضح ياسر عرفات، أحد سكان شارع الرزاز وعضو روابط العدالة الاجتماعية، أن محافظة القاهرة وحي منشية ناصر مصرون على تهجيرنا قسريا من المناطق التي نعيش بها منذ ما يقرب من 55 عاما دون مبرر أو سند قانوني، وتارة بالتهديد، وتارة أخرى بالأسباب الوهمية، بادعاء أن أهالي المنطقة مغتصبين للأرض، أو أن المنطقة (8) مخطط شارع الرزاز والنور يقعوا في الأماكن الخطرة. أكد عرفات ل"البديل" أن الأهالي غير معتدين على أراضى الدولة، بل جاءوا بناء على تصريح من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بتعمير الجبل، بعدما كانوا يعيشون في عشش صفيح بجوار مستشفى الحسين، وبالفعل، عمرها الأجداد على نفقتهم الخاصة منذ 55 عاما دون أن يحملوا الدولة أعباء، مضيفا أن الأزمة بدأت منذ 2008 بعد سقوط صخرة الدويقة، حيث كلفت المحافظة بعض اللجان العلمية لدراسة مناطق الخطورة بمنشية ناصر، وحددت هذه اللجان 14 منطقة بها خطورة متفاوتة، وحددت كيفية معالجتها من تهذيب الصخور وعمل تدبيش وحوائط خرسانية، وإزالات وغيرها من الحلول، لكن المحافظة لم تأخذ بالتوصيات سوى الإزالة فقط، فأزالت أماكن الخطورة الموجودة بالمنطقة خلال الأعوام (2008، 2009، 2011، 2014، 2015)، وبذلك أصبحت المنطقة بأكملها آمنة، حتى فوجئوا السنة الماضية بمطالبة رئيس الحي لمالكي العقارات بإخلائها، استعدادا للإزالة. وتابع: "إذا كانت الدولة تريد الأرض من أجل مشروع قومي، لا نقف أمام ذلك، لكن لن نسمح بالتهجير وإزالة منازلنا من أجل بيع الأراضي للمستثمرين، ولشركات العقارات، على رأسها (إعمار)، التي فوجئنا بشرائها لأكثر من 20 ألف من المناطق التي تم إزالة البيوت بها وتهجير أهاليها". وقال شحات أحمد الحسيني، المحامي بالنقض عن الأهالي المتضررين، إنه تقدم للمحامي العام لنيابات غرب القاهرة بشكوى رقم 1149 لسنة 2017 عرائض نيابة غرب القاهرة، ضد وزير التنمية المحلية، ومحافظ القاهرة، ورئيس حي منشية ناصر، ومأمور قسم منشية ناصر، بصفتهم، بعدم التعرض لمالكي العقارات بالمنطقة المذكورة لحين الفصل في هذه الشكوى والبت فيها، ومعرفة على أساس تتم الإزالة، بالإضافة إلى تشكيل لجنة علمية من خبراء وزارة العدل لمعاينة المنطقة والعقارات على الطبيعة، لبيان ما إذا كانت هناك خطورة على العقارات ولزوم إزالتها من عدمه. على الجانب الآخر، قال اللواء محمد أيمن عبد التواب، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية، إن المحافظة غير مستفيدة من الأراضي وتسعى لحماية المواطنين وإنقاذهم من الخطورة الجيولوجية للمنطقة، التي أقرتها اللجان العلمية المتعاقبة بعد دراسة المنطقة في أثناء انهيار صخرة الدويقة عام 2008، مضيفا: "الأهالي لا يعلمون سوى الجانب الإنشائي الظاهري السليم في منازلهم، لكن بمجرد الصعود فوق هضبة المقطم والنظر للمنطقة، سوف نكتشف الفالق الطولي بالجبل الذي يهدد المنازل بالانهيار في القريب. وأردف عبد التواب: "أهالي منشية ناصر معتدين على أراضي الدولة منذ الخمسينات، ومنتفعين بالأرض دون أي مقابل، ومع ذلك الدولة تحافظ على أرواحهم وتنقلهم إلى منطقة آمنة بحي الأسمرات، الذي يوجد به 11 ألف وحدة مفروشة وجاهزة على التسليم.