انخرطت أبرز الفصائل الإرهابية المسيطرة على الغوطة الشرقية في محيط العاصمة السورية دمشق في قتال عنيف، ما أسفر عن مقتل العشرات من الجانبين، فضلاً عن سقوط مدنيين سوريين من أهالي الغوطة ليس لهم في الأمر شيء، ما يعيد للأذهان اقتتال العام الماضي، الذي اندلع في نفس التوقيت، وانتهى بوساطة قطرية. اندلع القتال بين هيئة تحرير الشام، التي تقودها جبهة النصرة، وفي صفها يقف فيلق الرحمن من جانب، وعلى الجانب الآخر، جيش الإسلام، الحائز على اعتراف غربي بمشاركته في مفاوضات جنيف ودعم إقليمي من السعودية وتركيا وقطر، والذي استضافت قناة الجزيرة قائده السابق، زهران علوش، لكنه قُتِل فيما بعد خلال المعارك مع الجيش السوري، ويشارك حاليا، أخوه، محمد علوش، كقيادة في "منصة الرياض" للمعارضة السورية، ومنها إلى مؤتمر جنيف للتسوية السياسية للأزمة السورية. السبب المباشر للاشتباكات، يعود إلى طلب جيش الإسلام مرور رتل قوات له عبر إحدى حواجز فيلق الرحمن في حي "مسرابا" بالغوطة الشرقية، في سبيل التوجه إلى حي "القابون" لمؤازرة المقاتلين هناك في صد هجوم الجيش السوري، وما لبث الرتل خلال مروره أن نفذ هجوما سريعا ومفاجئا على نقاط ومرتكزات هيئة تحرير الشام ومحاصرة مقراتها الحيوية والقبض على العديد من عناصرها وتصفيتهم فورياً، فضلاً عن استهداف عشوائي للمارة والعابرين والمساكن المحيطة بمواقع الاشتباكات. أحد الفصائل المنتشرة في الغوطة الشرقية – كأحرار الشام مثلاً – لم يصدق رواية جيش الإسلام التبريرية بأن ما حدث نتج عن اعتراض رتلهم وسوء معاملته على حاجز فيلق الرحمن، وثمة إجماع نابع من قراءة الوقائع المتتالية أن ما حدث ليس إلا محاولة جديدة من جيش الإسلام لبسط سيطرته على المزيد من مساحات وبلدات الغوطة الشرقية، والدليل أنه تم استهداف مقرات واعتقال عناصر لأحرار الشام دون أن تكون الأخيرة طرفاً في الموقف محل النزاع أساساً، فضلاً عن نتائج أخرى للمعركة كمقتل قيادي كبير في فيلق الرحمن بالتصفية المباشرة خلال القتال واتساع دائرة سيطرة جيش الإسلام نتيجةً للمعركة، وما لحظته باقي الفصائل من عزوف لجيش الإسلام عن المشاركة في المعارك الأخيرة – الكبيرة والمهمة – ضد الدولة السورية في الغوطة الشرقية بحجة أنه منهمك في التحضير لمعركة كبرى سيخوضها ضد الجيش السوري، فإذا به يفتعل خلافاً لا يبرر ما قام به من هجوم واسع من الواضح أنه تم الإعداد له مسبقاً ولم يتحضر ميدانياً ولحظياً أو على عجل، ونتج عنه استيلاءه على مناطق إضافية لم تكن تحت سيطرته وكانت تحت سيطرة الفصائل الأخرى؛ أي توسَع على الأرض على حساب من يُفترض بأنهم "حلفاء" له بل ومتخندقين معه ضد عدو مشترك لهم هو الدولة السورية وحلفائها. كان جيش الإسلام أصدر بياناً يتهم فيه هيئة تحرير الشام بالاعتداء على مؤازرته المتوجهة إلى الجبهات المشتعلة في أحياء دمشقالشرقية واعتقالها بالكامل، مضيفاً إن هذه الاعتداءات تكررت ولم تجد الوساطات للجم هذه الممارسات أو التخفيف منها، مما استدعى قواته بالرد على هذا الاعتداء، ورد ما أسماه بالبغي لإطلاق سراح المؤازرة المختطَفة ولإيقاف هذه الممارسات التي لا تصب إلا في مصلحة قوات النظام، وطالب بتحييد باقي الفصائل عن الاقتتال، مشيراً إلى أنه وفيلق الرحمن في خندق واحد لحماية الغوطة وأهلها من قوات النظام. ومن جهتها، أعلنت هيئة تحرير الشام إنها لم تحتجز أو تعترض أي رتل أو قوات لجيش الإسلام، قائلةً إن "هيئة تحرير الشام ليس لها أي حاجز داخل الغوطة وقد نشرنا جنودنا على كامل ثغور الغوطة الشرقية، وما جاء في بيان فصيل جيش الإسلام عارٍ تماماً عن الصحة بما يخص إهانتهم والاعتداء عليهم خلال عبورهم على حواجزنا"، وذهب البيان إلى أن هجوم جيش الإسلام "جاء بعد سلسلة طويلة من التحريض الممنهج والتجهيز الأمني والتحرك المتتابع لاستقطاب شباب الغوطة وزجهم في معارك جانبية". ومن ناحيته، قال فيلق الرحمن في بيان له إن جيش الإسلام اعتدى على مقراته في مدينة "عربين" وبلدتي "حزة" و"كفربطنا"، مما أسفر عن مقتل أحد قادته العسكريين، بالإضافة لجرح عدة عناصر، مضيفاً إن جيش الإسلام أعد للاعتداء وحضر له الروايات الإعلامية، نافياً حدوث اعتداء من أي فصيل على مؤازرة جيش الإسلام، داعياً الأخير إلى تحييد الفيلق عن الاقتتال ومناشداً عقلائه بالتوقف الفوري عن هذه التصرفات التي وصفها بالرعناء والاعتداء الأحمق.