أثارت خريطة صادرة عن الهيئة العامة للمساحة السعودية «هيئة حكومية» تُظهر جزيرتي تيران وصنافير ضمن الحدود الدولية للمملكة، التساؤلات حول حقيقة تسليم القاهرة الجزيرتين للرياض قبل الفصل في أحقية السعودية بهما، وقبل إقرار البرلمان المصري اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. وامتنعت الهيئة، المؤسسة الحكومية المرتبطة بوزير الدفاع وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن الرد على أسئلة حول ما إذا كانت تلك الخرائط قد أعدت بتعليمات رسمية من قادة المملكة، ويؤكد ظهور تيران وصنافير ضمن خريطة السعودية بعد يوم واحد من حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة الإرهاصات السابقة بالثقة الدبلوماسية السعودية في انتزاع الجزيرتين من مصر، الأمر الذي انعكس مؤخرًا على خريطة المملكة السعودية. تحركات الحكومة السعودية القوية باتجاه الاستحواذ على الجزر رافقتها تحركات حكومية مصرية بالتخلي عن السيادة عن هذه الجزر، فبغض النظر عن موقف الحكومة أمام القضاء والقاضي بدعم سعودة الجزيرتين، فإن مصادر حكومية باتت تروج للخسائر المادية التي ستطال مصر في حال عدم تنفيذ الاتفاقية مع الطرف السعودي، وأوضحت أن إلغاء الاتفاقية نهائيًّا يعنى خسارة مصر مليارات الدولارات، كانت ستعود بالنفع على خزانة الدولة، ويعني أيضًا تجميد بحث مصر عن ثرواتها البترولية في هذه المنطقة التي توقف العمل بها منذ عام 2003، كما أن وزارة البترول ستكون مجبرة على إلغاء جميع المزايدات العالمية التي كان من المقرر طرحها على الشركات الأجنبية في مايو المقبل، وعددها 3 مناطق بحرية بإجمالي 6 «بلوكات» منتجة للغاز الطبيعي، وهو ما يعطل جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر عن عمليات البحث والاستكشاف خلال السنوات المقبلة. في المقابل لا توجد إشارات من الحكومة المصرية عن خسائر مصر في حال استحوذت الرياض على الجزر المصرية، لا من حيث الأمن القومي ولا حتى تأثير هذه الخطوة على قناة السويس، في ظل التحركات الإسرائيلية الخطيرة تجاه البحر الأحمر عبر طرح بديل عن قناة السويس، وهو ما يسمى ب«قناة البحرين» والتي تربط بمرحلتها الأولى بين البحر الميت والأحمر، وهو ما تم بالفعل البدء فيه باتفاقية موقَّعة بين الأردن وإسرائيل، وفي هذه المرحلة تحويل جزيرتي تيران وصنافير من ممر تابع للسيادة المصرية إلى ممر دولي سيخدم المشروع الإسرائيلي كثيرًا، والمرحلة الثانية من المشروع الإسرائيلي تصل بين البحر الميت والمتوسط، ويدور الحديث هنا عن أن الربط قد يكون من خلال سكة حديد تصل بين الميت والمتوسط. ورغم أن تل أبيب وعمان قد أعلنتا أن قناة البحرين ستكون قناة لنقل المياه فقط، ولن تكون ممرًّا للمواصلات، إلَّا أن الحديث يدور اليوم عن مشروع إسرائيلي لسكة حديد تربط بين الكيان الصهيوني والأردن والمملكة السعودية، حيث قال وزير النقل الصهيوني، إسرائيل كاتس، أمس الأربعاء، إنه اقترح على رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إنشاء شبكة لربط السكك الحديدية الإسرائيلية بالسكك الحديدية الأردنية والسعودية، وإن الإدارة الأمريكية تدعم هذا الاقتراح، حيث قال كاتس للصحفيين، إن جيسون جرينبلات مبعوث ترامب عبر عن حماسه للخطة حين قُدمت إليه خلال جولة إقليمية، ولا ردود رسمية من الأردن ولا السعودية تنفي هذا المشروع الإسرائيلي. الصحفي الصهيوني، شمعون أران، أكد خبر مشروع الجسر البري الذي سيربط تل أبيب بعمان والرياض، وقال، إنه سيكون مشروعًا كبيرًا في المنطقة، وسيربط بين إسرائيل ودول المنطقة عبر الضفة الغربية وتحديدًا منطقة القدس، ثم إلى الأردن عبر ميناء حيفا، حيث لا يتطلب وصل إسرائيل بالأردن سوى وصلة سكك حديدية قصيرة، ومن الأردن سيتجه للسعودية، وأضاف أران أنه في الدرجة الأولى فإن هذا المشروع اقتصادي ويخلق جسرًا بريًّا يربط دول المنطقة في مجال المواصلات، لكن لهذا الأمر أيضًا انعكاسات سياسية كبيرة، فوزير النقل الصهيوني، يتحدث عن خلق مسارات للملاحة البحرية والسكك الحديدية بين الكيان الصهيوني ودول المنطقة، كما قال كاتس إنه لا يعتقد أن خط السكك الحديدية سيقلص على نحو «ملموس» حجم حركة التجارة عبر قناة السويس المصرية، التي تربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر من الضفة الغربيةالمحتلة إلى العالم العربي. الجدير بالذكر أنه عقب اندلاع الحرب السورية في 2011، فتحت إسرائيل ميناء حيفا كممر للسلع القادمة من تركيا وأوروبا لنقلها بشاحنات إلى الدول العربية الواقعة في الشرق، لكن حركة السلع ظلت محدودة بسبب ضعف الطاقة الاستيعابية والمعارضة السياسية، والآن هناك حالة من الغموض تحوم حول ملف جزيرتي تيران وصنافير، فبعد لقاء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي بالملك السعودي، سلمان عبد العزيز، على هامش أعمال القمة العربية الأخيرة التي عقدت نهاية مارس بالأردن، وما سبقها من استئناف شركة أرمكو السعودية شحناتها النفطية إلى مصر بعد انقطاع استمر لستة أشهر، يدور الحديث الآن وفي دوائر القضاء المصرية عن سعودة تيران وصنافير عبر القرار الأخير لمحكمة الأمور المستعجلة، الذي يخالف قرارًا سابقًا اتخذته المحكمة الإدارية إبان التوتر بين القاهرةوالرياض، يؤكد استمرار سيادة مصر على الجزيرتين، التغيرات القضائية الأخيرة تترافق مع تسريبات إسرائيلية تلمح إلى أن حكم المحكمة الدستورية العليا بمصر ربما يقر بتبعية الجزيرتين للسعودية، ومن ثم سيعرض ذلك على البرلمان، كما جاء في موقع تايمز أوف إسرائيل العبري.