في الوقت الذي تصعد فيه كوريا الشمالية من تهديداتها العسكرية والنووية في مواجهة التصريحات المُعادية لها، سواء من أمريكا أو جارتها الجنوبية أو اليابان، تضطرب المواقف الأمريكية، سواء تلك الصادرة عن البيت الأبيض أو عن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتبدو عاجزة عن حسم رد فعلها تجاه بيونج يانج، خاصة مع عدم اكتراث الأخيرة بتهديدات واشنطن. تصريحات متضاربة أعلن رئيس القيادة الاستراتيجية للقوات المسلحة الأمريكية، الجنرال جون هايتن، أنه لا يمكن حل قضية كوريا الشمالية دون مشاركة الصين، وقال "هايتن" أثناء جلسة في مجلس الشيوخ الأمريكي: أنظر إلى قضية كوريا الشمالية من وجهة النظر الاستراتيجية، ولا أرى كيف يمكن حلها دون مشاركة الصين. جازمًا أن أي حل يجب أن يشمل الصين. وأشار الجنرال الأمريكي في الوقت ذاته إلى أنه بحكم منصبه رئيسًا للقيادة الاستراتيجية يقوم بإعداد سيناريوهات عسكرية؛ لعرضها على رئيس البلاد. يأتي تصريح هايتن بعد يوم واحد من تصريح مضاد له صدر عن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حيث أبدى "ترامب" استعداده لحل ما أسماه "مشكلة كوريا الشمالية" بمفرده دون مساعدة الصين، وقال ترامب: إذا لم تحل الصين مشكلة كوريا الشمالية، فسنقوم نحن بذلك بمفردنا. وأضاف: الصين ستقرر ما إذا كانت ستساعدنا أو لا مع كوريا الشمالية، وتابع: إذا لم تقم بذلك، فلن يكون ذلك جيدًا لأحد. بيونج يانج تُصعد في الوقت الذي تصاعدت فيه لهجة التهديدات الأمريكية في مواجهة كوريا الشمالية، اختارت الأخيرة التصعيد أيضًا كرد على واشنطن، حيث أطلقت بيونج يانج صاروخًا بالستيًّا في بحر اليابان صباح اليوم الأربعاء، لتكون هذه التجربة الصاروخية الخامسة لكوريا الشمالية منذ مطلع العام، وأكد الجيش الأمريكي أن الصاروخ أُطلق من منشأة عسكرية قرب سينبو في شرق كوريا الشمالية، وأوضحت القيادة أن الصاروخ بالستي متوسط المدى من طراز "كي إن-15″، فيما قال وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، بلهجة توحي بفقدان أمريكا للخيارات: إن الولاياتالمتحدة تحدثت بما فيه الكفاية عن كوريا الشمالية. لن ندلي بتعليق آخر. في الوقت نفسه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية إن هذه الأفعال غير المسؤولة تدفع شبه الجزيرة التي تشهد توترًا كبيرًا إلى شفير الحرب، وأضاف أن سعي الولاياتالمتحدة إلى حرمان كوريا الشمالية من ردعها النووي هو حلم مجنون، وتابع أن الولاياتالمتحدة تسير عكس التيار من خلال الدعوة إلى المواجهة؛ للقضاء على الجمهورية الشعبية الديمقراطية الكورية، ولذلك لا خيار أمامنا سوى اتخاذ كل الإجراءات الممكنة للرد. قمة مرتقبة وسط أجواء متوترة الحديث عن استعانة أمريكابالصين من عدمه في الضغط على كوريا الشمالية، والتصعيد الكوري الشمالي الأخير، يأتيان قبل يوم من قمة مرتقبة بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الصيني، شي جينبينغ، حيث من المقرر أن يناقش الزعيمان العديد من المواقف التي يتفق عليها الطرفان والأخرى التي يختلفان حولها، لكن سيكون لملف تصعيد كوريا الشمالية حضور خاص على الطاولة، حيث قالت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، نيكي هالي، قبل أيام إن بلادها تنوي الضغط على الصين؛ لكي تتحرك لوقف السباق في كوريا الشمالية لتطوير السلاح النووي، واعتبرت هالي أن الدولة الوحيدة التي تستطيع إيقاف كوريا الشمالية هي الصين، وأن الصينيين يعلمون بذلك وعليهم التحرك، معقبة: سنواصل من جهتنا الضغط على الصين لكي تتحرك. هذه القمة الأمريكيةالصينية المرتقبة تأتي في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الطرفين منذ تنصيب الرئيس الأمريكي في يناير الماضي، حيث وجه ترامب مرارًا انتقادات لسياسة الصين التجارية في مواجهة أمريكا، وانتقادات عسكرية بشأن أنشطتها في بحر الصين الجنوبي، وهو ما ظهر مؤخرًا في تصريح للبيت الأبيض، قال فيه إن الولاياتالمتحدة لا تتوقع حل جميع القضايا بين واشنطنوبكين بالاجتماع الأول بين الرئيسين، وأشار إلى قلق الرئيس الأمريكي بشأن أنشطة الصين في بحر الصين الجنوبي، وأنه يرغب في أن تعلق حكومة بكين هذه الأنشطة، وبحسب البيت الأبيض فإن العلاقات الاقتصادية بين الولاياتالمتحدةوالصين أصبحت تزداد تعقيدًا في الفترة الأخيرة. هل تنجح خطط "ترامب"؟ يرجح العديد من المراقبين أن تفشل رهانات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في إقناع الصين بالتعاون مع أمريكاواليابان وكوريا الجنوبية على حساب كوريا الشمالية، وذلك لأكثر من سبب، أولها أن الصين تعتبر الحليف الأقوى لكوريا الشمالية وشريكها الاقتصادي، وثانيها أن المحاولات الأمريكية لها تجارب سابقة فاشلة في هذا الشأن، حيث فشلت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأسبق، جورج بوش، في الضغط على الصين لكبح جماح برنامج الأسلحة النووي الكوري الشمالي، وشهدت فشلًا ذريعًا أيضًا في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، الأمر الذي يعطي مؤشرات شبه مؤكدة حول فشلها في عهد "دونالد ترامب"، ليأتي السؤال حول خيارات ترامب المستقبلية تجاه بيونج يانج، حيث رجح بعض المراقبين أن يتجه الرئيس الأمريكي إلى مواجهة عسكرية، ليست حربًا بقدر كونها ردًّا نسبيًّا وتهديدًا ردعيًّا لممارسات كوريا الشمالية، لكن البعض استبعدوا هذا الخيار؛ لأن واشنطن تدرك جيدًا أن أي مواجهات عسكرية مع بيونج يانج ستفتح على المنطقة أبواب جهنم، وستسرع هي والصين في سباق التسليح النووي.