انتفض العالم على وقع تفجير إرهابي ضرب ثاني أكبر المدن الروسية، سان بطرسبورج، ويعد الأخطر منذ تفجيرات مترو موسكو عام 2010، ما يثير تساؤلات عدة عن توقيته والرسالة التي يود إيصالها إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والعراقيل التي يحاول التفجير بمنفذيه ومخططيه أن يضعوها أمام روسيا في مساندتها لسوريا في مواجهة الإرهاب المستمر هناك منذ ما يزيد على 6 سنوات. تفجير دامٍ يهز روسيا أعلنت وزيرة الصحة الروسية، فيرونيكا سكفورتسوفا، ارتفاع عدد ضحايا تفجير مترو سان بطرسبورج الذي وقع ظهر أمس الاثنين، إلى 14 شخصًا، قائلة: "يمكن تأكيد مقتل 14 شخصًا، منهم 11 لقوا مصرعهم في مكان الحادث، و3 فارقوا الحياة متأثرين بالإصابة، فيما يبلغ عدد المصابين حوالي 51 شخصًا، بينهم أكثر من عشرة أشخاص في حالة حرجة، الأمر الذي ألزم بإعلان حالة الحداد لمدة ثلاثة أيام بداية من اليوم الثلاثاء، وفق أوامر محافظ سان بطرسبرغ، غورغي بولتافشينكو". تحركات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كانت سريعة؛ حيث تواجد في المدينة واجتمع برئيس روسيا البيضاء، الكسندر لوكاشينكو، وقال إن بلاده تدرس كل الاحتمالات وراء التفجير بما في ذلك الإرهاب، وأوضح أن الأمن الروسي لا يزال يحاول تحديد ملابسات الحادث، كما تفقد موقع الاعتداء بعد ساعات من تنفيذه، ووضع باقة من الزهر تكريمًا للضحايًا، أمام بوابة محطة مترو المعهد التكنولوجي التي استقر فيها القطار بعد تعرضه للتفجير. التفجير دفع إلى اتخاذ إجراءات مشددة داخل محطة القطار، حيث أوقفت السلطات الأمنية الروسية حركة القطارات وأجلت جميع المسافرين والركاب، وجاء ذلك في الوقت الذي بدأت فيه هيئة الأمن الفيدرالي تحقيقًا حول أسباب التفجير وتداعياته، حيث أعلنت لجنة التحقيق الفيدرالية الروسية، أن الانفجار الذي ضرب مترو سان بطرسبورج، وقع في النفق بين محطتين، "تيخنولوغيتشيسكي إينستيتوت" و"سينايا بلوشاد"، لكن السائق اتخذ قرارًا صائبًا بعدم وقوف القطار قبل الوصول إلى المحطة، ما سمح له بالشروع فورًا في عملية الإجلاء ومساعدة المتضررين. من جانبها، أعلنت أجهزة الأمن في قرغيزستان، أن انتحاريًا من مواطنيها هو منفذ الاعتداء في سان بطرسبورج، وأضاف المتحدث باسم أجهزة الأمن في قرغيزستان، رخات سليمانوف، أن الانتحاري مواطن من قرغيزستان يدعى اكبريون جليلوف، وحاصل على الجنسية الروسية ومن مواليد العام 1995. وأعلن رجال الأمن الروس العثور على عبوة ناسفة جديدة لم تنفجر في محطة "بولوشاد فوستانيا" بمترو بطرسبورج، وتم إبطال مفعولها، وأكدت إدارة جهاز الأمن الفيدرالي في سانت بطرسبورج، أن العبوة الناسفة التي تم إبطالها كانت مليئة بمواد حادة وعناصر مؤذية لرفع حجم وكمية الإصابات، وكانت قوة التفجير ستساوي نحو 200-300 جرام من مادة "تي إن تي". ردود فعل عربية الجمهورية السورية كانت أولى الدول العربية التي أدانت بأشد العبارات ما وصفته ب"الاعتداء الإرهابي الجبان"، معربة عن تعاطفها وتضامنها الكاملين مع روسيا قيادة وحكومة وشعبًا، وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين، إن الجمهورية السورية تعبر عن أحر مشاعر العزاء والمواساة لذوي الضحايا الأبرياء. كما أدانت مصر التفجير، مُعربة عن التعازي لأسر الضحايا وخالص التمنيات بالشفاء العاجل للمصابين، وأكدت وزارة الخارجية، تضامن مصر حكومة وشعبًا مع الحكومة والشعب الروسي في هذه الأوقات العصيبة، وأكدت مجددًا على الموقف المصري الثابت الذي يحذر دائمًا من خطورة انتشار ظاهرة الإرهاب، ومن مخاطر عدم تبني استراتيجية شاملة لمواجهة هذه الظاهرة بمختلف أبعادها الفكرية والمالية والتنظيمية. وأدانت الجزائر أيضًا التفجير، من خلال رسالة تعزية بعث بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بأن "الجزائر تندد كل التنديد بهذا الاعتداء الإرهابي المقيت، وأن الإرهاب آفة لا يخلو منها أي بلد في العالم، آفة تستوقف المجموعة الدولية برمتها من خلال تصد جماعي تحت إشراف منظمة الأممالمتحدة". وعبرت الحكومة الأردنية عن تضامنها مع الحكومة والشعب الروسي في هذه الأوقات العصيبة، وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، إن الأردن يدين التفجيرين الإرهابيين، ودعا المجتمع الدولي إلى إيجاد نهج شمولي للتصدي لهذا الإرهاب الأعمى الذي بات يضرب من خلال عصاباته المجرمة مختلف أصقاع العالم ويهدد مستقبل البشرية، بمختلف أبعاده الأمنية والفكرية والتمويلية والتنظيمية. العراق أيضًا دخلت خط الإدانات، حيث عبرت وزارة الخارجية العراقية عن "إدانتها وشجبها للتفجير الذي استهدف مترو الأنفاق في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، وتشارك عوائل الضحايا والمصابين مشاعر الحزن والألم بهذه الجريمة، وتعلن تضامنها مع شعب وحكومة روسيا الاتحادية بوجه الإرهاب الأسود، كما تؤكد من جديد على ضرورة تنسيق المزيد من الجهود الدولية للقضاء على الجماعات المتطرفة التي باتت تستهدف الأبرياء أينما كانوا". إدانات دولية وأعرب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن تعازيه العميقة لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، خلال اتصال هاتفي، واصفًا التفجير ب"العملية الإرهابية البربرية"، وطلب من الرئيس الروسي نقل كلمات الدعم إلى شعبه، وأشار الرئيسين خلال الاتصال إلى أن الإرهاب هو الشر الذي يجب مكافحته معًا، فيما قال المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، إن الولاياتالمتحدة تدين التفجيرات في سان بطرسبورج وتعرب عن تعازيها لأسر الضحايا، وعلى استعداد لتقديم المساعدة إلى روسيا في التحقيق. ونقلت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، فيديريكا موغريني، تعازي وزراء خارجية الاتحاد بخصوص التفجير، مؤكدة تضامنهم مع روسيا، وكتبت موغيريني على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "بعد الأخبار الواردة من سان بطرسبورج، أفكارنا جنبًا إلى جنب مع كل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، موجهة إلى الشعب الروسي"، فيما أعلن الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، عن تضامن بلاده مع روسيا، وأكد استعداد فرنسا لتلبية أي مساعدة لموسكو، كما أعرب وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، في تغريدة على "تويتر" عن تعازيه لذوي ضحايا الانفجار، قائلًا: "أخبار مروعة بشأن الانفجار في سان بطرسبورج، تعازيي لعائلات الضحايا". وعبر رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، عن تعازيه خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي، دميتري مدفيديف، فيما أعرب وزير الخارجية الأوكراني، بافل كليمكين، عن تعازيه لأسر ضحايا التفجير، مغردًا في صفحته على "تويتر": "نبحث في ما إذا كان هناك متضررون أوكرانيون في سان بطرسبورغ، ونعرب عن تعازينا لأسر القتلى والمصابين"، وغرد أيضًا رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، على "تويتر" معزيًا بضحايا التفجير: "أعبر عن حزني العميق لوقوع خسائر في الأرواح نتيجة للانفجارات، تعازي القلبية لأسر الضحايا". وقدم رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، التعازي لنظيره الروسي وشعبه، قائلا: "الإرهاب مرفوض تمامًا، وفي هذه الحالة الصعبة تقف اليابان إلى جانب الرئيس بوتين والشعب الروسي"، وفي الوقت نفسه، أرسلت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، برقية تعزية إلى بوتين، جاء فيها: "برهبة سمعت عن الانفجارات في سان بطرسبورج، كل المؤشرات تدل على أن هذا كان هجومًا جبانًا، وإذا تأكد هذا، فإنه عمل همجي، وأدينه بأشد العبارات، ويجب تحديد المدبرين وتقديمهم للعدالة". واستنكرت الحكومة الأفغانية، الهجوم الإرهابي، وأعلنت عن تضامنها مع الحكومة والشعب الروسي، وأشارت في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الجهاز التنفيذي، عبد الله عبد الله، إلى أن هذا الاعتداء الوحشي وسائر الهجمات المشابهة مؤشر على النهج غير الإنساني وهمجية التيارات الإرهابية والمتطرفة حول العالم بأسره، واستطرد البيان: "الحوادث من هذا النوع من جهة فإنها تعري الوجه الحقيقي للإرهابيين، ومن جهة أخرى يتطلب تعاونًا جديًا بين بلدان المنطقة والعالم لمكافحة الإرهاب وممارسة ضغوط على داعميه".