سلاح الجو الصهيوني الذي أهدر دماء الآلاف من الشعوب العربية، والذي لم تسلم من شروره دول عربية كثيرة كفلسطين المحتلة ومصر وسوريا ولبنان والعراق والأردن والسودان وحتى تونس وليبيا، وجد على ما يبدو شريكًا عربيًّا يقبل مشاركته في تدريباته العسكرية الموجهة في المقام الأول لأي حرب مرتقبة مع أطراف عربية وإسلامية، ويتبنى أيضًا موقفًا معاديًا لأعداء إسرائيل كحماس وحزب الله، وهو دولة الإمارات العربية المتحدة، وبذلك لم تضرب أبو ظبي عرض الحائط بالأعراف العربية المستندة على الأسس القومية أو حتى الدينية التي تحرم التعاطي مع هذا العدو السافك للدماء المنتهك للحرمات والأعراض فحسب، بل ضربت حتى بالعدالة الإنسانية التي تنادي بنصرة المظلوم على الظالم. مناورات عسكرية كشفت وسائل إعلام صهيونية، الأربعاء الماضي، عن مشاركة سلاح الجو الإماراتي نظيره التابع لدولة الاحتلال الإسرائيلي في مناورة عسكرية جوية تنطلق يوم الاثنين القادم في اليونان. وقالت إذاعة "صوت إسرائيل": "للمرة الثانية منذ أقل من عام يشارك سلاح الجو الإسرائيلي قريبًا في تمرين جوي دولي بمشاركة سلاح الجو الإماراتي". وأضاف موقع "i24" الإسرائيلي أن "تمرين (إنيوخوس 2017)، الذي يستضيفه سلاح الجو اليوناني ابتداء من يوم الاثنين القادم، تشارك فيه أيضًا طائرات أمريكية وإيطالية، موضحًا أن "الطيارين سيتدربون على مدى عشرة أيام على خوض المعارك الجوية، وضرب الأهداف الأرضية، وتجنب الصواريخ التي قد تستهدفهم خلال تنفيذهم غارات جوية في المعارك التي تخوضها دولهم في المستقبل". وتابع: "يأتي هذا التدريب ضمن سلسلة تدريبات يجريها سلاح الجو الإسرائيلي مع نظرائه من دول مختلفة في الفترة الأخيرة؛ من أجل تحسين الأداء، واكتساب الخبرات، في ظل طرح أسئلة حول مواجهة جديدة قد تخوضها إسرائيل قريبًا". وفي سياق متصل أعلن سلاح الجو الإسرائيلي عن تنظيمه أحد أكبر وأكثر المناورات الجوية تعقيدًا في تاريخ الملاحة الجوية، في وقت لاحق هذا العام، ويتوقع أن يشارك فيه نحو 100 طائرة ومقاتلة وبضع مئات من الطيّارين والجنود وقوى الدعم اللوجستي المرافقة. ومن الدول التي ستشارك في المناورات الجوية في "إسرائيل"، التي أطلق عليها اسم (العلم الأزرق)، الولاياتالمتحدة، واليونان، وبولندا، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإيطاليا، وفق ما ذكره "i24"، الذي نبه إلى أن المرة الأولى التي أجريت فيها هذه المناورة (العلم الأزرق) كانت بين عامي 2013 و2015. مناورات أخرى المناورات الإماراتية الصهيونية ليست الأولى من نوعها، حيث شارك سلاح الجو الإماراتي في تمرين جوي دولي منتصف شهر أغسطس الماضي، إلى جانب سلاحي الجو الصهيوني والباكستاني، وجرى التمرين السنوي «Red Flag» المشترك للولايات المتحدة وعدد من الدول الحليفة في قاعدة «نيليس» الجوية في ولاية نيفادا الأمريكية، واستمر حتى 26 من ذات الشهر. ويتدرب الطيارون المشاركون على خوض المعارك الجوية، وضرب الأهداف الأرضية، وتجنب الصواريخ. دولة الإمارات العربية المتحدة ليست الدولة الأولى العربية التي تشارك في مثل هذه المناورات، ففي العام الماضي شاركت الأردن. وقتها أفادت وسائل الإعلام الغربية أن الطائرات الإسرائيلية تم تزويدها بالوقود من خلال الطائرات الأردنية في طريقها نحو الولاياتالمتحدة؛ للمشاركة في التدريبات. الإمارات والمناورات المشبوهة تأتي المناورات الإمارتية والصهيونية في الوقت الذي قامت فيه الطائرات الحربية الإسرائيلية باستهداف مناطق في سوريا، وقبلها بأيام قامت هذه الطائرات باستهداف مناطق في غزة المحاصرة، ولكن لا يجب فصل هذه المناورات المشتركة عن سياقها الزماني والمكاني، فمن حيث المكان المناورات المشتركة تجري في اليونان والتي ما زالت حدودها البحرية محط خلاف ترسيمي مع مصر وقبرص والكيان الصهيوني، وبالتالي يمكن اعتبار هذه المناورات كإجراء وقائي لأي صراع مستقبلي على منابع الغاز. ومن حيث الزمان يبدو أن الحرب المشتعلة في اليمن جراء العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن قد تشكل نواة للتعاون بين إسرائيل والإمارات، خاصة أن هناك معلومات تكشف عن تورط إسرائيلي في اليمن، حيث نشر تقرير على موقع Veterans Todayالأمريكي، مزودًا بالأدلة العلمية حول القنبلة التي سقطت على جبل نقم في مايو 2015، وأكد الخبير غوردون دوف استخدام سلاح نيوتروني على الجبل، وقال إن طائرة إسرائيلية مطلية بألوان سلاح الجو السعودي هي التي ألقت بالقنبلة النيوترونية، وفي حال دقة هذه المعلومات، فهذا يعني أن إسرائيل قادرة على المشاركة في معارك تستهدف بلدانًا عربية وإسلامية تحت أعلام دول خليجية، كالسعودية والإمارات ودول أخرى مشاركة في هذا العدوان، كقطر والبحرين. كما أن المناورات المشتركة بين تل أبيب وأبو ظبي تتزامن مع معلومات تشير إلى سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالتعاون مع عدد من الأنظمة العربية وعبر مباحثات دبلوماسية، إلى تشكيل تحالف مُعادٍ لإيران، يستفيد من المعلومات الاستخباراتية لإسرائيل، وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد نقلت عن مصادر رسمية عربية أن هذا التحالف الوليد سيضم السعودية والإمارات ومصر والأردن، وعددًا من الدول الأخرى. وسيكون شبيهًا بحلف "الناتو" من جهة مبدأ "الدفاع المشترك"، بمعنى أن الهجوم على إحدى الدول أعضاء التحالف هو بمثابة اعتداء على بقية الأعضاء. خطورة المناورات العسكرية بنظرة عامة على دول الخليج نجد أن السعودية تكفلت بنقل العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل من مرحلة السرية إلى العلن، والإمارات تقوم بتفعيل الجانب العسكري مع الكيان الصهيوني، بالإضافة لافتتاح ممثلية إسرائيلية على أراضيها، وقطر تكفلت بتفعيل الجانب الاقتصادي والإعلامي مع تل أبيب، واستضافت هي ودبي بعض الرياضيين من جنسيات إسرائيلية، ناهيك عن مقطع الفيديو الذي تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يظهر مشاركة بعض البحرينيين اليهود في رقصة جماعية، وجمع هذه التصرفات تحت إطار مظلة واحدة، وهي مجلس التعاون الخليجي، من شأنه أن يفضي إلى نتيجة واحدة مفادها أن هناك كيانًا عربيًّا خليجيًّا يطبع علاقاته بشكل ممنهج مع العدو الإسرائيلي وفي جميع المجالات عسكريًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا وحتى ثقافيًّا.