أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مساء الأربعاء أنه سيحيل "في أسرع وقت" إلى الاستفتاء العام مشروع التعديل الدستوري الذي أقره مجلس النواب ورفضه مجلس الشيوخ، الأمر الذي من شأنه أن يوتر الساحة الداخلية في موريتانيا في ظل وجود معارضة ترفض هذه التعديلات. ما هي التعديلات الدستورية؟ ينص مشروع تعديل الدستور الساري منذ 1991،على إلغاء مجلس الشيوخ وتبديله بمجالس جهوية تكون منتخبة من قبل السكان في الولايات، للإشراف على تنفيذ مشاريع وبرامج تنموية ستتخلى عنها الحكومة المركزية لهذه المجالس، وتضمن التعديلات أيضًا إلغاء محكمة العدل السامية المختصة بمحاكمة رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين في حالة الخيانة العظمى، ونقل صلاحياتها إلى المحكمة العليا، وتعديل العلم وذلك بإضافة خطين أحمرين وتعديل النشيد الوطني، وإنشاء مجالس إدارية للتنمية، وتوسيع النسبية في الانتخابات العامة، بينما لا تتضمن التمديد لولاية ثالثة لرئيس البلاد. التعديلات الدستورية من البرلمان إلى الاستفتاء تنص المادة 99 من الدستور الموريتاني على أنه: لا يصدق على مشروع مراجعة الدستور إلا إذا صوت عليه ثلثا أعضاء الجمعية الوطنية وثلثا أعضاء مجلس الشيوخ ليتسنى تقديمه للاستفتاء. وكان مجلس الشيوخ بدأ مناقشاته في 13 مارس بعد أن أقرّت الجمعية الوطنية المشروع بأكثرية ساحقة 121 نائبًا من أصل 141 في 9 مارس. وصوت مجلس الشيوخ الموريتاني ضد التعديلات الدستورية المقترحة من قبل الأغلبية والمعارضة المتحاورة معها، بأغلبية 33 صوتًا ضد التعديلات مقابل 20 صوتًا لصالحها. وبهذه النتيجة تكون التعديلات قد أسقطت. وجاءت نتيجة التصويت مفاجئة للمراقبين، إذ يمتلك الحزب الحاكم أغلبية مريحة في مجلس الشيوخ، تزيد على أربعين عضوًا من أصل 56، وذلك عقب إجازة مجلس النواب لهذه التعديلات بأغلبية كبيرة الأسبوع الماضي. واللافت أن الشيوخ الذين أسقطوا هذه التعديلات هم من الأغلبية الحاكمة بالأساس، لأن عدد الشيوخ المعارضين لا يتجاوز العشرة. موقف الرئيس قال الرئيس الموريتاني في مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي "لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي إزاء هذا التصويت غير المتوقع، سيتم تفعيل المادة 38 من الدستور". وأضاف أن "هذه المادة من الدستور تؤكد أنه بوسع رئيس الجمهورية استفتاء الشعب الموريتاني دون المرور بالغرفتين؛ حتى لا يبقى الشعب الموريتاني برمته رهينة لإرادة 33 شيخًا ضد 121 نائبًا منتخبين بالاقتراع المباشر". وردًّا على سؤال عن موعد هذا الاستفتاء قال إنه "من المستحيل" أن يحدده حاليًّا، لكنه أكد أنه سينظم "في أسرع وقت ممكن". وفي غضون ذلك قال ولد عبد العزيز إنه لن يستقيل من منصبه بعد رفض مجلس الشيوخ للتعديلات الدستورية بأغلبية كبيرة، ولا حتى إذا تم رفضها في الاستفتاء الشعبي. كما رفض العودة إلى حوار سياسي جديد مع المعارضة، مشددًا على أنه لا عودة إلى ما تسميه المعارضة ب"المسرحيات"، في إشارة إلى وصف المعارضة لجلسات الحوار السابق. وفي ذات الوقت قال إنه مستعد للقاء قادة المعارضة في أي وقت بوصفه رئيسًا لجميع الموريتانيين، ولكنه أكد مضيه في تعديل الدستور. موقف المعارضة المعارضة الموريتانية رفضت التعديلات، ووصفتها بأنها "خطر على استقرار البلد، وتكرس الفساد بنصها على حل محكمة العدل السامية المعنية بمحاكمة رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة". وأكدت أن التعديلات الدستورية الحالية "غير أولوية، ولا تمس حاجة البلد". وشددت على أنّ تغيير العلم الوطني وحل مجلس الشيوخ يجب ألا يتما خارج توافق وطني وسياسي في البلد. الأمين العام لحزب الاتحاد من أجل التناوب الديمقراطي المعارض، سيدي ولد الكوري، قال "نحن في المعارضة، بعد هذه التصريحات التي أثبتت الطبيعة الديكتاتورية للنظام، والتي من خلالها أغلق باب الحوار والتفاوض، وأكد مضيه للعبث بالدستور، لم يبقَ أمامنا من خيار سوى المواجه والنزول للساحات والميادين؛ من أجل إسقاط التعديلات الدستورية". من جهتها حذرت كتلة المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة السلطة الموريتانية من عواقب محاولة "فرض تمرير التعديلات بالقوة"، كما أعلن المنتدى رفضه بشكل قاطع استمرار النظام في مسار التعديلات الدستورية من خلال أي مخطط يقود لاستفتاء شعبي. المخاوف من الاستفتاء يبدو أن الخطوة الرئاسية بالمضي تجاه الاستفتاء تشكل هاجسًا حقيقيًّا للمعارضة الموريتانية، خاصة أن وزير العدل الموريتاني إبراهيم ولد داداه كان قد اقترح رفع القيود عن الفترات الرئاسية في الجمهورية الموريتانية، وطالب الموريتانيين بأن يطلبوا من الرئيس الترشح لفترة ثالثة من أجل إكمال المشروعات التي بدأها، وعلى الرغم من أن وكالة الأنباء الموريتانية نقلت عن عبد العزيز قوله في يونيو من العام الماضي إن القول بأنه يسعى للترشح لفترة ثالثة محض تكهنات وإنه لم يقل مطلقًا إنه أراد تغيير الدستور لترشيح نفسه، غير أن المعارضة تشك في أن هذا هو محور الحوار الوطني الذي افتتح حديثًا.