وصل الرئيس اليمني المستقيل، عبد ربه منصور هادي، مساء أمس، إلى مدينة الرياض، قادمًا من دولة الإمارات، حيث قام الرئيس هادي بزيارة قصيرة للعاصمة الإماراتية أبو ظبي، التقى فيها بولي العهد، محمد بن زايد آل نهيان، وعدد من المسؤولين الإماراتيين. وعوَّل هادي في زيارته للإمارات على أن تسهم في معالجة عدد من القضايا الخلافية بينه وبين القيادة الإماراتية، على خلفية النفوذ المتصاعد للقوات الإماراتية العاملة ضمن قوات تحالف العدوان العربي الأمريكي على اليمن بقيادة المملكة السعودية. الزيارة تأتي هذه الزيارة بعد أسابيع من التوتر في علاقة الجانبين، شكا فيها مقربون من هادي من أن دعم الإمارات لقوى وفصائل عسكرية سياسية ومحلية يعرقل جهوده لفرض سلطته، وهو الأمر الذي طالما نفته الإمارات، من خلال تأكيدها على دعمها لهادي، وتمسكها بكل مرجعيات الحل الشامل للصراع في هذا البلد. وليس معروفًا حتى الآن قدرة الرئيس اليمني المستقيل على طي صفحة الخلاف مع القيادة الإماراتية، فصور الترحيب الإماراتي بهادي لا تخفي حساسية الزيارة التي يقوم بها الرئيس المنتهية ولايته إلى أبو ظبي بعد أسابيع من التوتر بين الجانبين، على خلفية الدور المتزايد الذي تلعبه القوات الإماراتية في إطار عملية التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. أوساط مقربة من هادي أملت في أن يتمكن من خلال هذه الزيارة من رأب الصدع مع الجانب الإماراتي، وانتقال علاقاتهما إلى مرحلة أفضل من حيث التنسيق والتعاون، فالزيارة من المفترض أن تحقق نوعًا من تسوية الخلافات ومناقشتها بشكل صريح وشفاف؛ لمعالجة كل الإشكالات والتباينات التي وقعت خلال الفترة الماضية بين الجانبين. حلول مستعصية في المقابل يرى البعض أن اللقاء بين هادي والقادة الإماراتيين، بحد ذاته، قد يندرج ضمن إطار اللقاءات البروتوكولية، خاصة أن الخلافات بين الطرفين كانت قد تجاوزت حالة عدم الانسجام بينهما، إلى حد الاشتباك العسكري المباشر، عندما قصفت مروحية إماراتية عربة تابعة لحملة من ألوية الحماية الرئاسية، كان هادي أرسلها إلى مطار عدن؛ لفرض سيطرته على المطار، الذي تتولى حمايته قوة أمنية يمنية مدعومة إماراتيًّا. يذكر أن تقارير عدة كانت قد تحدثت عن تباينات في الرأي حيال مستقبل الوضع في اليمن، بين السعودية التي تدعم هادي بقوة، والإمارات التي تتمسك بقوى سياسية وأمنية محلية لا تدين بالولاء المطلق لسلطة هادي. الحلول تبدو غير ممكنة بين هادي والقيادة الإماراتية، فالصراع الأخير على مطار عدن الدولي هو صراع بين الحلفاء، انفجر في لحظة قد تبدو مفاجئة، لكنه كان نتيجة موضوعية لتراكمات سابقة، كانت تظهر على الإعلام خاصة الإماراتي، فخلال عام ونصف كان الإعلام الإماراتي يهاجم أحد حلفاء هادي المحليين في اليمن، وهو حزب الإصلاح الإسلامي، والذي يعتبر الظهير السياسي للرئيس المستقيل هادي، فحكومة هادي تتكون من الأحزاب، وأكبرها حزب الإصلاح الإسلامي، وهو جزء لا يتجزأ من الشرعية المزعومة لهادي، ولكن الإمارات تهاجم حزب الإصلاح بضراوة، وتتهمه بالتراخي، وبأنه يأخذ أموالًا من التحالف، لكنه ليس جادًّا بعملياته العسكرية في تعز، وفي عملية الساحل الغربي "الرمح الذهبي" هاجمت الإمارات الإصلاح مجددًا، واتهمته بأنه يقاتل إلى جانب حركة أنصار الله والرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومن هنا يبدو أن ثمة خلافًا قويًّا بين الإمارات وحزب الإصلاح الإخواني، ومثلت هذه الاتهامات صدمة للحزب، خاصة مع إضافة الاستعانة الإماراتية بالحركات الجنوبية، فلأول مرة يخرج الحراك الجنوبي من حدوده، ويتجه إلى الشمال، وهي المناطق التي يفترض أن تسيطر عليها قوات هادي وحزب الإصلاح، وبالتالي تم تحييد العمليات العسكرية في تعز تمامًا، وجاءت الإمارات بالحراك الجنوبي إلى الشمال، الأمر الذي استفز حزب الإصلاح، ثم فجرت هذه المشكلة في مطار عدن، والتي عرفت لاحقًا بمعركة عدن. ولا يبدو أن هناك مشكلة في تعاطي هادي مع الإمارات من حيث المبدأ، فهو في نهاية المطاف ينفذ السياسة السعودية في اليمن، ولن تؤثر عليه تبعيته للرياض أو لأبو ظبي، ولكن المشكلة تكمن لدى دولة الإمارات، فأبو ظبي تعادي طرفين في اليمن، حركة أنصار الله، والإخوان المسلمين، وبالتالي الإمارات، والتي تدعم الحزام الأمني التابع للحراك الجنوبي الذي تشرف عليه عسكريًّا وماليًّا، لا تريد أي تواجد في اليمن لحركة أنصار الله وقوات صالح، بالإضافة لحزب الإصلاح، فالإمارات تتبنى سياسة مناهضة لأي جهة من جهات الإسلام السياسي، وعلى رأس هذه الجهات جماعة الإخوان المسلمين الممثل في اليمن بحزب الإصلاح. ولا يبدو أن الإمارات قد نسيت الفترة التي حاولت فيها السعودية الداعمة لهادي تقليم أظافرها باليمن، باستبعادها خالد البحاح رجل الإمارات من الحكومة اليمنية واستبدال شخصيات محسوبة على الإخوان مكانه، ومحاولة الرياض مؤخرًا السيطرة على مطار عدن وإقصاء أبو ظبي منه، مما يزيد من حدة الخلاف بين الإخوة الأعداء، فهادي حتى ترضى عنه الإمارات عليه أن يبتعد عن الإخوان المسلمين، الذين يشكلون له ثقله في اليمن، وهو أمر يبدو مستبعدًا، سواء في حسابات هادي أو حتى الرياض.