أثار مشروع قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم، والمعروف باسم قانون الحريات النقابية، الذي تقدمت به الحكومة إلى مجلس النواب، غضب ورفض المنظمات النقابية العمالية، معتبرة أن مواد مشروع القانون تعيد الاحتكار النقابي، وتقضي على النقابات المستقلة، وتعترف فقط بالاتحاد الحكومي، بجانب أنه يخالف الدستور والمواثيق الدولية. وأدلى محمد سعفان، وزير القوى العاملة، ببعض الملاحظات بالأمس على مشروع القانون، قائلًا: أعيد تشكيل اللجنة التشريعية لوضع مشروع القانون، وتم إخراجه بتوافق شبه كامل بين ممثلي أصحاب الأعمال والعمال، بحضور الحكومة ممثلة في وزارة القوي العاملة، وهو ما نفاه اتحاد عمال مصر الديمقراطي حول عرض المشروع للحوار المجتمعي الواسع. ويشترط القانون تشكيل نقابة من مائة عامل بجانب نقابة عامة تتكون من 30 ألف عامل، واتحاد نقابي من 300 ألف عامل، كما يلغي حق التقاضي الذي كان متاحًا في السابق نيابة عن أعضائها، فضلًا عن التمييز الواضح بين النقابات التابعة للاتحاد الحكومي والمستقلة، رغم أنها أنشئت بشكل سليم قانونًا. وأبدى اتحاد عمال مصر الديمقراطي رفضه للمشروع قائلًا: الحكومة، ممثلة في وزارة القوى العاملة، تصر على إصدار القانون دون عرضه للحوار المجتمعي الواسع، وأكد أن لديه نسخة كاملة من مذكرة رد منظمة العمل الدولية على مشروع القانون المرسل إليها، وسيخرجها في الوقت المناسب ليؤكد أن أسلوب اللف والدوران الذي يتبعه وزير القوى العاملة لن يفيد. وأضاف الاتحاد أن الوزير أرسل بنسخة من مشروع القانون إلى منظمة العمل الدولية بمقرها الرئيسي في جنيف، مدعيًا فيها أنها تتوافق مع الاتفاقيات الدولية الموقَّعة عليها مصر، وتضمن حرية العمال في تشكيل نقاباتهم. وتمثلت أبرز الملاحظات في الاعتراض على عدم ذكر الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر خاصة 87 لسمة 1948 و98 لسنة 1949، ونصوص الدستور، خاصة المادتين 76 و93 كمرجعية أساسية لإصدار القانون. كما شملت الملاحظات الاعتراض على المادة الثانية التى تنص على احتفاظ المنظمات النقابية العمالية بشخصيتها الاعتبارية التي اكتسبتها بالقانون، وتستمر في مباشرة اختصاصاتها وفقًا لأحكامه، وكذا لوائح نُظمها الأساسية بما لا يتعارض مع أحكامه، وتثبت الشخصية الاعتبارية لغيرها من التجمعات العمالية من تاريخ تأسيسها وفقًا لأحكام القانون المرفق، مما يعني الاعتراف فقط بالاتحاد الحكومي كممثل وحيد للعمال، وإضفاء المشروعية على تشكيلاته، رغم العديد من الأحكام القضائية التي قضت ببطلانه! كما تم الاعتراض على نص المادة 14 و16 اللتان تشترطان لتكوين النقابة ألَّا يقل عدد أعضائها عن مائة عضو، وألَّا يقل عدد العاملين بالمنشأة عن مائة عامل، ولتكوين النقابة العامة ألَّا يقل عدد اللجان النقابية المنضمة إليها عن عشرين لجنة نقابية، وألَّا يقل عدد عضويتها عن ثلاثين ألف عضو، ولتكوين الاتحاد العام ألَّا يقل عدد النقابات العامة المنضمة إليه عن عشر نقابات «ثلاثمائة ألف عضو» وهي شروط تعجيزية لا تتوافق مع المعايير الدولية لإنشاء النقابات بحرية واستقلالية. وشلمت الملاحظات الاعتراض على نص المادة 26 فقرة «و» المعنية بالاحتفاظ بالعضوية النقابية حتى بعد سن المعاش، والتي فصّلت أساسًا لقيادات الاتحاد الحكومي، والمادة 54 فقرة «د» والتي تحظر تلقي أي تبرعات من الاتحادات العمالية والمنظمات الدولية، والمادة 70 في باب العقوبات، والتي تنص على معاقبة من يتلقى التبرعات بالسجن والغرامة التعجيزية، وهو ما يتنافى مع روح التضامن الدولي، التي يجب أن تتحلى بها الاتحادات والنقابات العمالية. ولم يقتصر الرفض للقانون على النقابات المحلية، فقد أبدت منظمة العمل الدولية ملاحظات على القانون وطالبت بتعديله؛ لما به من مواد تعيد الاحتكار النقابي مستقبلًا، مؤكدة أن القانون يعترف فقط بالنقابات التي أنشئت حسب القانون 35، مطالبة بمراجعة القوانين لتتوافق مع المعايير الدولية، بحسب بيان النقابة. وقال هشام فؤاد، عضو مكتب العمال بحركة الاشتراكين الثورين: مشروع القانون يقضي بشكل كامل على النقابات المستقلة، حيث يضع شروطًا تعجيزية أمامها، ويهدف إلى إعادة هيكلتها حتى يجعلها مهمشة، ليكون المتحدث عن عمال مصر هو صوت واحد تمثله النقابات الحكومية، موضحًا أن المشروع يعطي الأحقية للنقابات الحكومة في كل شيء، بينما النقابات المستقلة لا تمثل أي شيء، مما يمثل خطرًا على العمال، إذ أن النقابات المستقلة مثلت حائط الصد ضد الفصل التعسفي للعمال. وقال مجدي البدوي، نائب رئيس اتحاد العمال: الخلاف في القانون حول التعددية النقابية، فكثرة النقابات تفتح باب المشكلات بين اللجان النقابية، على اعتبار أن كل نقابة تريد أنت تظهر بالدور البطولي وتضيع حقوق العمال بينهم، لافتًا إلى أن كل 50 شخصًا يريد عمل نقابة، ولذلك نرفض التعددية.