تزايدت أعداد الدبلوماسين الأتراك الذين تقدموا بطلب اللجوء لألمانيا في الفترة الأخيرة، على خلفية الإجراءات الصارمة التي تتبعها الحكومة التركية ضد معارضي أردوغان، ووصل عدد الطلبات إلى 136 طلب لجوء تقدم بها دبلوماسيون، وهو الأمر الذي يرى مراقبون أنه قد يثير أزمة بين أنقرةوبرلين في الفترة المقبلة، لا سيما وأن العلاقات بينهما ليست على ما يرام بسبب السجال الدبلوماسي بين الطرفين ومطالبة الساسة في ألمانيالأنقرة بتخفيف حدة الممارسات التركية ضد المعارضين، فيما اعتبرت أنقرة ذلك تدخلا في شؤونها. الحكومة الألمانية أكدت أن 136 تركيًا يحملون جوازات سفر دبلوماسية قدموا لها طلبات لجوء، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس أردوغان في منتصف يوليو الماضي، وقالت وزارة الداخلية الألمانية: إن "الحكومة لا تملك أرقاما مفصلة حول عدد الجنود والموظفين الرسميين الذين فصلوا والدبلوماسيين وأفراد عائلاتهم". وفي يناير الماضي حثت وزارة الدفاع التركية برلين على رفض طلبات اللجوء التي قدمها حوالي 40 عسكريا تركيا يخدمون في حلف شمال الأطلسي، وطالبت أنقرةبرلين بتسليم الأشخاص الذين يشتبه بضلوعهم في محاولة الانقلاب ولجأوا إلى ألمانيا. بعد محاولة الانقلاب الفاشلة أقالت تركيا المئات من كبار أفراد الجيش العاملين في حلف شمال الأطلسي بأوروبا والولايات المتحدة، واستدعي معظم هؤلاء إلى تركيا لكن بعضهم اختار ألا يعود خشية الانتقام منهم، لكن هذا الوضع مثل توترًا مكتومًا في العلاقات بين أنقرةوبرلين ووصل الأمر إلى اتهام الحكومة التركية لألمانيا بإيواء "إرهابيين"، وهو ما نفته ألمانيا، منتقدة عمليات التطهير الجارية في تركيا. على صعيد آخر، وبعيدًا عن ملف اللجوء، تراجعت العلاقات التركية الألمانية بشكل ملحوظ في الشهور الأخيرة، وبدا واضحًا أن أزمات المنطقة كالملف السوري ومسألة الهجرة غير الشرعية عبر أنقرة، وبطء التقدم في ملف انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي ومحاولة الانقلاب على أردوغان كانت أسبابًا في فتور العلاقات في المرحلة الأخيرة. ودعا المسؤولون الألمان السلطات التركية مرارا إلى احترام دولة القانون، وذلك على خلفية سجن أكثر من 43 ألف شخص في تركيا وفصل أكثر من 100 ألف شخص أو وقفهم عن العمل في قطاعات الشرطة والخدمة المدنية والقطاع الخاص، فيما تهتم الصحف الألمانية كثيرًا بقضية المواطنين ال6 الألمان الذين وجدوا أنفسهم عالقين لا يستطيعون مغادرة تركيا منذ المحاولة الانقلابية، إذ منعتهم السلطات التركية من السفر. وبحسب الوكالات العالمية والصحف الألمانية، فقد أصبحت برلين قاعدة جذب لمعارضي أردوغان، وهو برأيها سبب رئيسي لتوتر العلاقات التركية الألمانية، حيث صدر بيان عن وزارة الخارجية الألمانية شجعت من خلاله المثقفين الأتراك والصحفيين على اللجوء إلى ألمانيا، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية ميشائيل روت، في نوفمبر الماضي "على كل العقول الناقدة في تركيا أن تعلم أن الحكومة الألمانية تقف متضامنة معها"، مؤكدًا أن ألمانيا بلد منفتح على العالم ومفتوح أمام كافة الملاحقين سياسيا من حيث المبدأ. ووجه روت انتقادات حادة للرئيس التركي وقال: "ما يحدث حاليا في تركيا ليس له علاقة بمفهومنا عن القيم الأوروبية ودولة القانون والديمقراطية وحرية الإعلام، لذلك فإن ردنا على الحكومة التركية واضح: هذا لا يجوز".