يواجه رئيس الحكومة المغربية المعين، عبد الإله بنكيران، الكثير من العقبات والتحديات التي تعيق تشكيل الحكومة؛ فمنذ أن كلفه الملك محمد السادس، في أكتوبر الماضي، بمنصب رئيس مجلس الوزراء، بعد فوز حزبه العدالة والتنمية بالأغلبية في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وهو يصارع من أجل التوافق مع باقي الأحزاب لتشكيل حكومة ائتلافية، لكن يبدو أن الأمر بات صعبا، لاسيما أن "العدالة والتنمية" خسر الكثير من الحلفاء بالحياة السياسية المغربية خلال الفترة الأخيرة، فيما أكد مراقبون أن الأمور تسير نحو انتخابات مبكرة لتخطي الأزمة. وفي مصارحة مفاجأة، قال بنكيران إنه ينتظر عودة الملك محمد السادس من زيارته لعدد من الدول الإفريقية ليخبره بمصير مشاورات تشكيل حكومته، ولم يستبعد إجراء انتخابات مبكرة، مؤكدًا "المشهد السياسي لن يبقى كما هو الآن إلى الأبد، فلابد من حل". ويتضح من تصريحات بنكيران أنه سينتظر عودة الملك المغربي للاختيار بين الانتخابات المبكرة أو تكليف شخصية أخرى توافقية لتشكيل الحكومة، لاسيما أن محمد السادس دعا قبل شهرين إلى سرعة تشكيل الحكومة؛ لأن التأخر يتسبب في إعاقة تحديد مواعيد نهائية لزيارات مسؤولين أجانب كبار إلى المغرب. بعض المراقبين يؤكدون أن جميع المؤشرات تدفع المغرب إلى العودة للانتخابات المبكرة، ما يعد رجوعا للمربع صفر؛ لانقضاء مدة تشكيل الحكومة التي كفلها الدستور، أو التوافق بين الفرقاء السياسيين لتشكيل الحكومة، التي تمر بحالة تعثر وصلت للتوقف بسبب عدم توافق رئيس الحكومة المكلف مع حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة. وحدد بنكيران 4 أحزاب للمشاركة في الحكومة، وأقصى حزب الاتحاد الاشتراكي صاحب ال20 مقعدا في البرلمان، حيث أكد في تصريحات سابقة أن التشكيلة الحكومية المرتقبة ستضم كلا من حزب العدالة والتنمية، وحزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الحركة الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية. ومؤخرا، رفض رئيس الحكومة المكلف، في بيان مفاجئ، مواصلة المفاوضات مع اثنين من الأحزاب الأربعة، هما "التجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية"؛ بسبب رفضهما عدم مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي، بعدما أعربا عن استعدادهما لمواصلة المفاوضات شريطة إشراك الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري من أجل التوصل إلى تشكيل غالبية حكومية منسجمة وقوية، غير أن بنكيران رفض أن يكونا جزءا من التشكيلة الحكومية، وأصر على موقفه. وأكد بنكيران أن حزب الاتحاد الاشتراكي لن يكون طرفًا فيها، وأنه على استعداد للتنازل عن رئاسة الحكومة إن تطلب الأمر ذلك لصالح الوطن، وأضاف أن رئاسة مجلس النواب التي ذهبت إلى حزب الاتحاد الاشتراكي "كان من المفروض أن تبقى في الأغلبية المحتملة، لكن الإخوة ارتأوا أن يكون مرشحهم هو مرشح الاتحاد الاشتراكي فلم نحاول عرقلة ذلك"، وتابع "قد نعيد الانتخابات، رغم أننا قلنا إننا لا نريد الإعادة، لأن الانتخابات هي لحظة مخاض صعب". مراقبون يرون أن تغيير بنكيران أصبح أمرا وراد، لاسيما أن تصريحاته الأخيرة عن زيارة الملك المغربي لإفريقيا أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الداخلية، وقال الباحث في شؤون الصحراء، نوفل بوعمري، إن تصريح بنكيران الذي قال فيه "لا يمكن للملك أن يذهب إلى إفريقيا لتفريج كربات الشعوب الإفريقية بينما الشعب المغربي يعيش الإهانة"، سيكون له انعكاسات خطيرة على مستوى السياسة الخارجية للمملكة، خصوصا أن التصريح يأتي في ظرفية حساسة تتسم بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي. وكشف أن التصريح تناقلته العديد من المواقع الإخبارية التابعة لجبهة "البوليساريو"، في حين دعا عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة في المغرب، محمد لقماني، رئيس الحكومة المعين إلى تقديم استقالته للملك محمد السادس فور عودته من الجولة الإفريقية.