يجري رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، زيارة إلى واشنطن يلتقي فيها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، في أجواء تحمل علاقات حميمة بينهما؛ فمنذ ترشح الأخير وفوزه في الانتخابات الولاياتالمتحدة، يدور في الأوساط الأمريكية الصحفية والسياسية بأن السياسة الخارجية للوافد الجديد إلى البيت خاصة بالشرق الأوسط تعتمد في المقام الأول على الحفاظ على أمن واستقرار الكيان الصهيوني وسط منطقة مشتعلة. وحسب تصريحات رسمية لنتنياهو، فإن ثلاثة موضوعات ستهيمن على اجتماعه مع ترامب، وتشمل أولًا إيران والاتفاق النووي، وثانيا الأزمة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني، وثالثًا التطورات الإقليمية بما فيها ما يجري في سوريا، وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة إن نتنياهو اجتمع مع الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، وأطلعه على الموضوعات التي ينوي مناقشتها مع ترامب. حماس وبروز الجناح العسكري يزور نتنياهو واشنطن ويحمل معه مخاوف صهيونية لترامب ظهرت مؤخرًا بعيد انتخاب يحيي السنوار رئيسًا لحركة حماس في غزة، في ظل توقعات بأن يسفر هذا الانتخاب عن تصعيد أمني بين الحركة والكيان الصهيوني، ورغم عدم توقع الأوساط الصهيونية بهذا الانتخاب، إلا أن هذا الملف سيسيطر على مباحثات ترامب ونتياهو، لاسيما أن مستشار رئيس وزراء الاحتلال أكد أمس في تعليقه على الزيارة ولقاء نتنياهو بترامب "هناك تطورات في حماس حدثت دون علمنا، وهذه التطورات لا تبشر بالخير". واهتمت الصحف الصهيونية بانتخاب السنوار، لاسيما أن انتخابه ومساعده خليل الحية، يمثل انتصارا لمعسكر الصقور في حركة حماس، وقال دانيئيل سريوتي الكاتب بصحيفة "إسرائيل اليوم"، المقربة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إن السنوار يقف على رأس الخط الأكثر مناهضة في حماس إزاء إسرائيل، سواء خلال مكوثه في سجونها أكثر من عشرين عاما، أو بعد الإفراج عنه عام 2011، وفي يوليو 2015 سلمته حماس إدارة ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها. وأضاف أن دواعي قلق إسرائيل (الاحتلال) لا تنحصر في كونه من الأسرى المحررين من صفقة التبادل الأخيرة، بل لأنه سوف يعرقل أي توجه لإبرام هدنة في القطاع والتوصل إلى اتفاق طويل الأمد مع إسرائيل، وسبق للسنوار أن رفض عرضا إسرائيليا لتبادل الأسرى، وما يعلنه من شروط للتوصل لصفقة ليست مقبولة من جانب إسرائيل. حل الدولتين في الإطار نفسه، استبق الجناح اليميني الأكثر تطرفًا في الكيان الصهيوني زيارة نتتياهو وشن حملة واسعة ضد فكرة حل الدولتين، داعيًا نتنياهو إلى عدم الخوض نهائيًا في اللقاء بموضوع الدولة الفلسطينية. مستشار الأمن القومي ومستشار نتنياهو السابق، عوزي اران، قال في تصريح لصحيفة اي نيوز 24 الصهيونية، إن معسكر اليمين يأمل أن يجلب نتنياهو معه إنجازا من واشنطن على شاكلة سياسية أمريكية مريحة لأيديولوجية اليمين، مؤكدًا أن نتنياهو سيحاول التركيز على الملف الفلسطيني إذا رغب بحصد دعم اليمين في الحكومة الإسرائيلية. وتوضح تصريحات مسستشار نتنياهو السابق بأن أجندته للقاء الرئيس الأمريكي تحمل الكثير من المواقف المستقبلية المتشددة بحق الفلسطينيين، حيث قال اران إن نتنياهو يجب عليه أن يأخذ بالحسبان مطالب وزرائه من الليكود و"البيت اليهودي" الذي يطالبونه بضم الضفة الغربية والقدس الشرقية، والتنازل عن مبدأ حل الدولتين، قائلًا: "نتنياهو بوضع داخلي حرج قد يوصله لانتخابات وعليه الوصول لإرضاء اليمين". الملف السوري وخطر حزب الله لم يكن الملف السوري هو الآخر بعيدا عن اللقاء نتنياهو بترامب، خاصة أن هناك تخوف لدي الإسرائيليين بأن تؤدي تطورات الملف السوري وسيطرة الحكومة الإسرائيلية وجيشها على مناطق المعارضة من تعظيم دور الخط المناهض والمقاوم للكيان على الحدود السورية من الاراضي المحتلة. ونشر معهد واشنطن ورقة مدير مشروع عملية السلام بالشرق الأوسط ديفيد ماكوفسكي، والتي أكد فيها أن نتنياهو سيركز خلال زيارته إلى البيت الأبيض، على الاتفاقية التي ينوي الرئيس الأمريكي ترامب إبرامها مع روسيا بشان الملف السوري، ومحاولة إبعاد طهران وحزب الله عن تحقيق أي انتصار في سوريا. وقال الباحث الأمريكي: «يَفترض نتنياهو على الأرجح أن ترامب يرغب في إبرام اتفاق مع موسكو بشأن محاربة تنظيم داعش في سوريا»، لكن الأهم لنتنياهو أن يكون ضمن هذا الاتفاق ما يؤدي إلى حدوث شرخ في التوافق بين موسكووطهران في الملف السوري، مؤكدًا أن نتنياهو يدعو إلى التوصل لاتفاق في سوريا يحد من تحركات «حزب الله» في جنوبسوريا، لا سيما على طول مرتفعات الجولان. الاتفاق النووي وفيما يخص الاتفاق النووي الذي أصبح أمر واقعًا لا يمكن إلغاؤه بحسب الباحثين الأمريكيين، سيسعي نتنياهو خلال الزيارة إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه بحسب رؤيته للاتفاق، حيث يقول الباحث الأمريكي ديفيد ماكوفسكي "استنادا إلى الجلستين اللتين عقدهما مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخرا للمصادقة على تعيين وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس، يبدو أن إدارة ترامب تعتقد أنه لابد من تنفيذ الاتفاق بحذافيره بدلا من إلغائه". وقال إن ذلك "يتماشى مع وجهة النظر الجلية لمسؤولي الأمن القومي في إسرائيل"، موضحا أنه لا شك أن نتنياهو يتوق إلى فهم الخطوات التي يعتزم ترامب اتخاذها في الوقت الراهن اتجاه طهران، في إشارة إلى محاولة تعديل بنود الاتفاق، مؤكدًا أن الإدارة الإسرائيلية ترغب في معرفة الخطوات الأمريكية لمواجهة التحديات عندما تنتهي صلاحية أحكام الاتفاق الرئيسة بعد خمسة عشر عامًا، وتصبح إيران دولة على العتبة النووية.