قال موقع ناشونال انترست، إن إفريقيا أرض التناقضات، حيث أصبحت القارة الأسرع في البحث عن الحداثة أكثر من أي وقت مضى، ومن بين الآثار الأكثر وضوحًا في هذا التصادم هو التعايش بين النمو الاقتصادي وتعزيز الديمقراطية بجزء من القارة مع العنف، والتفكك الديمقراطي في أماكن أخرى من القارة. وتابع الموقع أن وجود تلك الأضداد في مقربة من بعضها بعضًا هو السبب في أنه لم تعد تظهر تعبيرات متطرفة من كراهية الأجانب في جنوب إفريقيا مثلًا، كما لم يعد غريبًا أن نيجيريا تكون في خضم تمرد، ورغم ذلك يتم إجراء انتخابات سلمية، أو أن كينيا تكون دولة مفضلة للسياحة العالمية، وهي في مرحلة تنذر بخطر الإرهاب، وكذلك هناك مستوى مماثل من التنافر في الظهور في التوقعات الاقتصادية في إفريقيا، حتى أعلنت وحدة الاستخبارات الاقتصادية أن اقتصادات إفريقيا هي الأسرع نموًّا في العالم، لكن حسب تقدير البنك الدولي، فالنمو في القارة أبطأ من المعدل العالمي، وبينما تتوقع موديز لخدمات المستثمرين أن النمو الاقتصادي في جنوب الصحراء الكبرى سينخفض مرة أخرى هذا العام، إلَّا أنها تؤكد أن المنطقة ستكون ثاني أسرع الأسواق نموًّا في العالم في السنوات المقبلة. وأضاف الموقع: من الواضح أن إفريقيا ستنتقل من الواقع الاجتماعي والاقتصادي من مرحلة لأخرى سريعًا، لكن السؤال هنا في خضم هذا التناقض، هل سيكون انتقالها إلى الارتفاع أم إلى الانهيار؟ بمعنى أنه، وعلى حد سواء، قد استخدم النمو في الفرص الناجمة عن التحول التكنولوجي مئات الآلاف في وظائف لم تكن موجودة قبل خمس سنوات. وهناك الآن أكثر من 170 ألفًا يعملون كوكلاء للمحمول في كينيا، وبالمثل فإن المكاسب الإنتاجية قد خفضت بشكل كبير من تكاليف المعاملات لجميع أنواع النشاط الاقتصادي والسياسي، لكن القوى الدافعة للنمو في إفريقيا أيضًا تهدد ذلك. وأشار الموقع إلى أن عشر سنوات من النمو الاقتصادي السريع قد أغلقت الفجوة بين البلدان المختلفة، حتى التحضر والتكنولوجيا خفف دور الحكومة في بعض النواحي، لكن تظل هناك تحديات كبرى، حيث إن البنك الدولي أكد أن توقعات نمو اقتصاد القارة يواجه مخاطر ملموسة؛ بسبب تجدد انتشار بعض الأمراض والأوبئة الخطيرة، وعمليات التمرد العنيفة التي تشهدها بعض البلدان، وهبوط أسعار السلع الأولية، وتقلب الأوضاع المالية العالمية. ويمثل التراجع الحاد في أسعار النفط والذي فقد نحو 55% من قيمته منذ العام الماضي، أزمة كبيرة بالنسبة لعدد من الدول الإفريقية، التي تعتمد بشكل شبه كامل على تصدير الخام، وعلى رأسها نيجيريا، وشهدت نيجيريا تراجعًا كبيرًا في قيمة عملتها المحلية «النبره»، لتفقد أكثر من 15% خلال الثلاثة أشهر الماضية، مع توقعات تراجع الإيرادات بالعملة الأجنبية، بالإضافة إلى الاشتباكات المسلحة في البلاد مع جماعات بوكو حرام. كما أدى تراجع أسعار النفط وارتفاع الدولار الأمريكي إلى هبوط قيمة السلع الأساسية لأقل مستوى لها في نحو 6 أعوام، وهو ما ألقى بمخاوف بشأن مزيد من التأثر السلبي لاقتصاديات القارة التي تعتمد على تصدير المواد الخام. ويهدد ارتفاع قيمة الدولار وكذلك فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية والذي يحمل سياسة عدائية تجاه القارة بخروج استثمارات أجنبية كبيرة من إفريقيا، مع توقعات بزيادة أسعار الفائدة الأمريكية، مما سيجذب أموالًا ضخمة من بقاع الأرض كافة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأشار الموقع إلى أن هناك خطوات على القارة اتخاذها، حيث يجب أن تتصدر أولويات السياسات الإفريقية، الحاجة إلى تقييد الموازنات ببعض بلدان المنطقة، وتحويل الإنفاق إلى أغراض إنتاجية، حيث إن القيود على البنية التحتية حادة، وقد يتحسن اختيار المشروعات وإدارتها مع زيادة الشفافية والمساءلة في استخدام الموارد العامة.