تركت «الطب» لصعوبة حضور «السكاشن» وفضلت دراسة اللغة الإنجليزية نظرة المجتمع جارحة.. والدولة مقصرة مع ذوي الاحتياجات الخاصة واجهت تحديات عند الارتباط فمنحني الله زوجة رائعة و3 أبناء أحمد صابر المحص، بطل مصر في تنس الطاولة، وأحد متحدي الإعاقة، لفت الأنظار بموهبته منذ بداية ممارسته اللعبة في شوارع دمنهور بمحافظة البحيرة، مما ساعده على الانتقال سريعا إلى عالم الاحتراف وحصد البطولات. إلى جانب تفوقه الرياضي وبطولاته العديدة، واصل المحص، مسيرته التعليمية وتفوق في دراسته حتى التحق بكلية الآداب، وتخرج منها ويعمل بها حاليا مدرسا للغة الإنجليزية، وفي حواره ل"البديل" يكشف جوانب من حياته ونشأته وسط مجتمع يحمل نظرة قاصرة لذوي الاحتياجات الخاصة، وهي التسمية التي يرفضها، مفضلا بدلا منها "القادرون باختلاف". وإلى نص الحوار.. – متى بدأ اهتمامك بممارسة الرياضة؟ بدأت ممارسة لعبة تنس الطاولة منذ الصغر في شوارع دمنهور، وتميزت فيها بشكل أثار دهشة وإعجاب كل من حولي، وكنا نقيم بطولات بين الأحياء فاكتشفني المدرب هاني إسكندر، وانضممت لفريق المعاقين بالشباب والرياضة، فتحولت من الهواية إلى الاحتراف، وكان لإسكندر دور أساسي في دعمي نفسيا، حتى حققت أول بطولة للجمهورية وعمري 18عاما. – ما أهم مراحل مسيرتك الرياضية؟ حصلت على أول بطولة في حياتي عام 1999، وكانت المركز الثاني على مستوى الجمهورية، وفى نفس العام حصلت على بطولة الأساتذة، وتوقفت تماما عن اللعب منذ عام 2000 حتى عام 2006 لظروف اجتماعية وترتيبات الزواج، وعدت للبطولات عام 2009 وحصلت على رابع إفريقيا عام 2011 ضمن منتخب مصر، ورابع العالم عام 2015، وأحتل المركز الأول سنويا على مستوى الجمهورية منذ عام 2009 حتى الآن، وآخر بطولة حصلت عليها كانت بطولة مصر التي أقيمت في بورسعيد الأسبوع الماضي، ولا يمكنني أن أنسى أصحاب الفضل الأساسي الكابتن هاني إسكندر، الذي اكتشفني مبكرا، والكابتن محمد يوسف عثمان، والكابتن جمال عودة، والكابتن محمد نصرة، بالإضافة إلى مدرب منتخب مصر الكابتن حسام الشوبري. – كيف جمعت بين احتراف الرياضة والتفوق في الدراسة؟ تعرضت لأزمة كبيرة عند دخول المدرسة، إذ رفض المدير التحاقي بسبب الإعاقة قائلا: "روح اعمل مشروع تعيش منه أحسن"، فقدمت والدتي شكوى ضده ووصل الأمر لوكيل الوزارة الذي سمح لي بدخول للمدرسة، فتفوقت، وكنت الأول على مدرستي في كل مراحل التعليم، وفي الثانوية العامة كنت الأول على إدارة دمنهور، والحادي عشر على مستوى الجمهورية، والتحقت بكلية الطب ثم تركتها لوجود معوقات كثيرة تتعلق بحضور المحاضرات والسكاشن العملي، وقررت دراسة اللغة الإنجليزية بكلية الآداب وأعمل الآن مدرسا بالكلية. – كيف ترى تعامل الدولة والمجتمع مع المعاقين؟ للأسف الشديد مازالت نظرة الدولة والمجتمع للمعاق قاصرة وغير جادة، فالمعاق يواجه تحديات عديدة أهمها الثقافة التي تحكم نظرة المجتمع له، ومن خلال رئاستي للجنة التنفيذية لمتحدي الإعاقة بالبحيرة فإنني أطالب باستئناف اللقاء الذي كان يعقده المهندس مختار الحملاوي، محافظ البحيرة الأسبق بشكل دوري كل شهر مع أعضاء المجلس في محاولة للتعرف على مشكلاتهم والسعي لحلها، وهو اللقاء الذي توقف للأسف بعد رحيل الحملاوي. أيضا من أهم مشكلات المعاقين أزمة "كود الإتاحة"، وهو أهم بنود الاتفاقية الدولية لحقوق أصحاب الإعاقة التي صدقت عليها مصر، ويعنى وقف إصدار تراخيص أي مبانٍ لا تراعي طبيعة ذوي الاحتياجات الخاصة في التنقل والحركة والمصاعد، وهو بند لا يطبق للأسف فى مصر سواء في المنشآت الحكومية أو الخاصة. إضافة إلى ذلك، هناك مشكلة توقف التعيين في الحكومة والقطاع العام ضمن نسبة ال5%، وقد شاركت في صياغة مشروع القانون الجديد للمعاقين وتم رفع النسبة به إلى 7% وتغليظ عقوبة المخالفين، ورغم تخصيص نسبة للمعاقين في إسكان الدولة فإن هذا لا يتم على أرض الواقع. – ماذا عن المعوقات الاجتماعية والثقافية؟ غياب الدمج الحقيقي للمعاقين في المجتمع يرجع لأسباب ثقافية منها النظرة القاصرة لهم من غالبية الأسر، وأنا ضد تسمية المعاقين لأنه تعبير فضفاض ولا يعبر عن الحالة التي نعيشها وأفضل تسمية "المختلفون جسديا" أو "القادرون باختلاف"، إضافة إلى النظرة الجارحة من جانب المجتمع لفكرة زواج المعاقين، وقد عانيت منها بشدة ولكن الله منحني زوجة رائعة أنجبت منها 3 أطفال، وأشكر الله على هذه النعمة العظيمة. – وماذا عن تعامل الدولة مع أبطال اللعبات الفردية مثل تنس الطاولة؟ للأسف الدولة بمؤسساتها تتعامل مع اللعبات الفردية بعدم اهتمام وتقدير يليق بالإنجازات التي تتحقق، وأكبر دليل أن مكافأة بطولة الجمهورية في تنس الطاولة قيمتها 120 جنيها فقط، وبدل الانتقال للاعبي فريق المعاقين بدمنهور يصل إلى 48 جنيها شهريا للاعب الذي يحضر 12 تمرينا على مدار الشهر، وقد تحسن الوضع بالنسبة لي نسبيا عقب انضمامي لمنتخب مصر منذ عام 2010 ليصل بدل الانتقال في فترات تجمع المنتخب إلى 600 جنيه تقريبا، في الوقت الذي تعتبر فيه رياضة تنس الطاولة رياضة مكلفة للاعب نظرا لارتفاع أسعار الأدوات التي يستخدمها واحتياج اللاعب دائما لتدريبات خاصة للحفاظ على مستواه.