استعادت القوات التابعة للرئيس السوري بشار الأسد اليد العليا في تصعيد المعارك عند مشارف العاصمة دمشق بينما يسعى كبار الدبلوماسيين الغربيين والعرب لاستصدار قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو الأسد إلى التنحي. وتمكنت القوات الحكومية من صد المسلحين الذين سيطروا على ضواحي دمشق بعد ثلاثة أيام من المعارك التي قال نشطاء إنها أسفرت عن مقتل 100 شخص على الأقل. وقال نشطاء تحدثوا من مشارف دمشق إن القوات السورية قتلت ما لا يقل عن 25 شخصا يوم الإثنين خلال اقتحامها الضواحي الشرقية للعاصمة لاستعادة السيطرة عليها من أيدي المنشقين عن الجيش. كما مات المزيد في مناطق أخرى من البلاد أغلبهم سقطوا خلال غارات على حمص ومناطق ريفية حولها. وقال نشطاء سوريون ان القتال انحسر بحلول الليل بعدما بسطت وحدات عسكرية من جيش الأسد سيطرتها على التجمعات الحضرية المتاخمة للمنطقة الزراعية المعروفة باسم غوطة دمشق وتراجع الجيش السوري الحر. والجيش السوري الحر تنظيم فضفاض يضم منشقين عن الجيش انقلبوا على الرئيس بشار الأسد وانضموا إلى حركة احتجاجية كبيرة ضد حكمه المستمر منذ 11 عاما. وقال أحد النشطاء ويدعى كمال بالهاتف “انسحب الجيش السوري الحر إلى أطراف الضواحي. كتائب الأسد تنفذ اعتقالات وتنهب المنازل.” وأضاف أنه تم القبض على ما لا يقل عن 200 شخص في ضاحية حمورية وهي واحدة من ثلاث ضواح كانت بؤرة الهجوم العسكري الذي بدأ يوم السبت. وتقول الحكومة السورية إنها تمشط الغوطة بحثا عن إرهابيين. وتضيف أنها تقاتل انتفاضة يقودها متشددون مدعومون من الخارج قتلوا الآلاف من قوات الجيش والأمن. وتسعى جامعة الدول العربية إلى استصدار قرار من مجلس الأمن يدعم خطة سلام عربية تدعو الأسد إلى نقل سلطاته إلى نائبه تمهيدا لإجراء انتخابات. ويعرض نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية والشيخ حمد بن جاسم ال ثاني رئيس وزراء قطر الذي ترأس بلاده اللجنة العربية المعنية بالأزمة السورية الأمر على مجلس الأمن يوم الثلاثاء. وسيدعم الوفد العربي كل من وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية البريطاني وليام هيج ووزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه مع رغبة الغرب في تقديم جبهة موحدة. ويعتمد مصير القرار على قدرة العرب والغرب على اقناع روسيا بعدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضده. وقال مسئول أمريكي كبير إن الولاياتالمتحدة تحاول التعامل مع اعتراضات روسيا على قرار مقترح في الأممالمتحدة ضد الرئيس السوري وتهدئة مخاوفها من أنه قد يفتح الباب أمام تدخل عسكري في سوريا على غرار ما حدث في ليبيا. ودخلت الانتفاضة المستمرة ضد الأسد منذ عشرة أشهر وهي من أعنف انتفاضات الربيع العربي مرحلة جديدة في الأسابيع القليلة الماضية مع سعي المعارضة السورية التي تزداد تنظيما وتسليحا إلى السيطرة على أراض. وفشل اقتراح روسي جديد بالتوسط لإجراء محادثات لإنهاء الأزمة السورية نظرا لأن المعارضة السورية رفضت الفكرة بالفعل وإن كانت حكومة الأسد قد قبلت اقتراح موسكو. وأشارت المعارضة إلى استمرار عمليات القتل والتعذيب والسجن لمعارضي الرئيس. وتدعو مسودة قرار لمجلس الأمن إلى “انتقال سياسي” في سوريا وتقول إن مجلس الأمن قد يتخذ “المزيد من الإجراءات” التي لم تحددها إذا لم تلتزم سوريا ببنود القرار. كما تؤيد المسودة خطة الجامعة العربية لنقل السلطة. وحتى الآن لم تظهر روسيا أي مؤشر على اقتناعها بتمرير القرار في مجلس الأمن. وقال جينادي جاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي إن “مسودة القرار الغربية الراهنة لا تبعد سوى خطوة واحدة عن نسخة أكتوبر ولا يمكن أن ندعمها. هذه الوثيقة غير متوازنة... وقبل كل شيء تترك الباب مفتوحا أمام التدخل في شئون سوريا (الداخلية).” وانضمت روسيا إلى الصين في نقض مشروع قرار غربي في أكتوبر الماضي وقالت إنها تريد عملية سياسية يقودها السوريون وليس حلا مفروضا أو محاولة “تغيير نظام” على غرار ما حدث في ليبيا. لكن بعض الدبلوماسيين الغربيين يأملون في إقناع روسيا والصين بعدم تعطيل القرار.