وزير التعليم العالي يبحث جهود تطوير التعليم التكنولوجي خلال زيارة لفرنسا.. تفاصيل    المشاط تبحث مع المدير الإقليمي للبنك الدولي استعدادات المُشاركة في اجتماعاته السنوية    رئيس الوزراء: لا زيادات في أسعار المواد البترولية لمدة 6 أشهر    رئيس الوزراء: الدولة نفذت استثمارات ضخمة لتطوير البنية التحتية    وزير الكهرباء: راجعنا استراتيجية الطاقة حتى عام 2030 لتقليل الوقود    أستاذ اقتصاد: الجودة كلمة السر في قصة نجاح الصادرات الزراعية    حماس: عملية الدهس برام الله تؤكد استمرار ضربات المقاومة    «المصريين»: تصريحات الرئيس السيسي مع الوفد الأمريكي حملت رسائل مهمة للمجتمع الدولي    شرطة طوكيو: هجوم بالقنابل يستهدف مقر الحزب الحاكم في اليابان واعتقال مشتبه به    يورتشيتش والشناوي في مؤتمر السوبر المصري    6 غيابات تضرب يوفنتوس أمام لاتسيو.. وعودة فاجيولي وويا    كومباني: بايرن لا يحتاج الكثير من التغييرات.. وشتوتجارت كشف عن نواياه    لحظة بلحظة بعد قليل .. يد الزمالك و منتدى درب السلطان المغربي.. تحديد المركز الثالث بأفريقيا    وزير الشباب والرياضية يتفقد المنشآت الرياضية بمدينة سفاجا في البحر الأحمر    ب "السحر والدجل".. ضبط شخصين لاتهامهما بالنصب على مواطنين    دفاع سائق أوبر المتهم بالتعدي على فتاة التجمع: الضحية جعلت الواقعة «تريند»    حادث تصادم بين سيارتي نقل بإقليمي المنوفية    بعقارات وسيارات.. ضبط 7 أشخاص بتهمة غسل 60 مليون جنيه حصيلة تجارة المخدرات    ضبط 3 طلاب تحرشوا بسيدة أجنبية في القاهرة    "حبة دواء للروح تشفيها".. ماذا قالت أصالة عن أغنيتها "بعض الأحيان"؟    جلسة تصوير ل سارة سلامة وسط الأشجار.. والجمهور يغازلها (صور)    أحمد حاتم عن فيلم "الملحد": "عمل حساس ومش هعمل حاجة أخجل منها"    رئيس الوزراء: القطاع الصحى ركيزة رئيسية ضمن خطط تطوير الدولة المصرية    عميد طب الأزهر بأسيوط: التجرد والإخلاص وإنكار الذات سر نجاح المنظومة الصحية    أفشة: مباراة سيراميكا صعبة| وتعاهدنا على الفوز باللقب    الرئيس السيسي لوفد النواب الأمريكي: يجب وضع حد للحرب في غزة ولبنان    دخلنا في محافظات العيار الثقيل.. الحكومة تزف بشرى سارة لأهالي المنيا    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    محافظ كفر الشيخ: تحرير 14 محضرًا ضد مخابز مخالفة بدسوق    إصابة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالقليوبية    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    يد الأهلي يواجه فلاورز البنيني في نهائي بطولة إفريقيا    نائب رئيس جامعة الأزهر: العلم الذي دعا إليه الإسلام لم يقف عند العلوم الشرعية أو العربية    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    التضامن: خطوط الوزارة الساخنة تستقبل 225 ألف اتصال خلال سبتمبر    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمنطقة كفر طهرمس الأربعاء المقبل    خيري الكمار يكتب : رسالة إلى وزير الثقافة .. المهرجانات فى خطر    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    تأثير النوم الجيد على صحة العقل والذاكرة    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    جامعة الأقصر تنظم ندوة تثقيفية عن انتصارات أكتوبر    مركز سقارة ينظم دورة للعاملين بالمحليات عن دورة "الخريطة الاستثمارية لمصر "غدا    «8 زلازال في 20 يومًا».. عباس شراقي يكشف أسباب الزلزال المتكررة في إثيوبيا وخطورتها    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب اليوم السبت 19-10-2024 في الصاغة    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    بوتين يؤكد «بريكس» لم تنشأ ضد أي اتحاد.. وتعمل انطلاقا من القيم المشتركة بين أعضائها    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    عمرو أديب: المتحف المصري الكبير أسطوري ولا يضاهيه شيء    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    دورتموند يعود لطريق الانتصارات بفوز على سانت باولي في الدوري    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في وقف إطلاق النار السوري
نشر في البديل يوم 31 - 12 - 2016

يضم وقف إطلاق النار الذي يبدأ في الثلاثين من ديسمبر 2016 حوالي 60 ألف مقاتل في المجمل، حسب ما ذكرته وزارة الدفاع الروسية، ويشمل سبع فصائل تمثل قوى رئيسية في ما يطلق عليه باللغة الاستعمارية "الفصائل المعتدلة" في حلب وغيرها من المناطق، وهي: فيلق الشام وأحرار الشام وجيش الإسلام وثوار الشام وجيش إدلب الحر وجيش المجاهدين والجبهة الشامية (الأخيران مدعومان أمريكيا وفق تقرير معهد ISW الأمريكي فبراير 2016)، والتي تتعدد كمجموعات على الأرض وفي التنظيم برغم قيامها على مشروع تدميري واحد بسياساته ومرجعية فكرية مشتركة هما بعينهما مشروع ومرجعية داعش والنصرة ورثة القاعدة، وهي أيضا المجموعات التي انهارت وهُزمت في حلب إلى جانب مجموعات أخرى أصغر ككتائب نور الدين زنكي والفوج الأول وتجمع فاستقم، يبدو أن المجموعات الأصغر قد حسمت أمرها بالتبعية لجبهة النصرة المستثناة من وقف إطلاق النار ومعها داعش أو أن وزنها الميداني قد تم تجاوزه بعد انتصار حلب، ويبقى موقف بعض القوى الأخرى المسيطرة على أجزاء كبيرة من إدلب محل تساؤل فمنها غير المتحالف مع جبهة النصرة أي من الطبيعي استثناؤه ولكن جميعها كانت ولم تزل تعمل بالدعم التركي، في الوقت الذي نتج فيه وقف إطلاق النار أصلا عن تعاون مع الأتراك كضامنين للفصائل المشاركة فيه ومفاوضين عنهم، فهل تم التخلي عن هؤلاء ومن ثم عن موقف تركي معارض لتحرير إدلب؟ خاصة أن وقف إطلاق النار قد تضمن التوقيع على وثيقة بخصوص الاستعداد لتسوية سياسية كاملة في سوريا إلى جانب حزمة إجراءات للرقابة على تنفيذ الوقف.
– سؤال ما بعد حلب الميداني
بعد تحرير حلب أصبح المعسكر السوري أمام معادلة ميدانية تُخيّره ظاهريا بين :
الإتجاه لتحرير الرقة ودير الزور من داعش، مع ما يتضمنه ذلك من معطيات مختلفة عن تلك الخاصة بالجبهات التي حقق فيها السوريون وحلفاؤهم الانتصارات خلال ست سنوات تقريبا من القتال (الشمالية والوسطى والجنوبية أي حلب وحماة وحمص ودمشق ودرعا)، وصعوبات منها اتساع الرقعة الجغرافية للمواجهة وصحراوية تلك الرقعة وتباين ذلك مع الاستراتيجية العسكرية المؤخرة التي جلبت نصر حلب الكبير، والذي تزامن مع تقدم مفاجيء لداعش في الجبهة الشرقية في تدمر بعد فترة تجمد تكتيكي نسبي في تلك الجبهة، منذ إيقاف التقدم نحو الرقة ثم إيقاف سلاح الجو الأمريكي لتحركات الجيش العربي السوري قرب مطار دير الزور بالقصف المباشر .
العمل على تطويق إدلب أو النفاذ إليها وهو ما يتطلب وقتاً طويلاً في ضوء التوزيع الحالي للقوى السورية وحلفائها على الأرض، وفي ضوء الكتلة السكانية الكبيرة نسبيا للمنطقة المطلوب تحريرها واحتوائها على عدد كبير من المسلحين في حيز جغرافي ضيق ومغلق، ووجود مرتكز اجتماعي للإخوان المسلمين وحلفائهم العضويين، الجماعات الاسلامية المسلحة ذات الدعم الأمريكي المباشر، وكلاهما يدين للأتراك باستقراره في إدلب.
على جانب آخر، يواجه الجيش التركي مأزقاً في مدينة الباب على يد داعش التي ساهم في إنشائها النظام التركي ودخل معها في علاقة تجارية طبيعية لم يكن بيع النفط مُكوّنها الوحيد، مما دفعه لقصف هستيري طال المئات من المدنيين لم يتحدث عنهم أحد، ولم تطلق من أجلهم الحملات الإعلامية العالمية المنظمة.
يبدو الوضع الميداني للمدينة الواقعة في ريف حلب الشمالي معقداً مع عجز الأتراك عن تحقيق تقدم حاسم، وواقع أن حلب كمحافظة كبرى يتقاسم السيطرة عليها حالياً السوريون والأكراد وداعش وفصائل معارضة مسلحة وأخرى تم استحداثها بغرض المشاركة في قتال داعش ويحارب النظام التركي من خلفها، هذا التعقيد سيثمر خطوة تركية سنذكرها في نقطة قادمة كما يطرح الآن حقيقة أنه من أجل قطع ذراع داعش الممتدة داخل محافظة حلب والمنصبة من الرقة شرقاً لابد من تفاهم تركي سوري روسي ، في سياق تحول استراتيجي آخذ في الترسخ في السياسة التركية تجاه الأزمة السورية .
يمكننا أن نقول أن المعطى الميداني العام تؤدي قراءته منطقيا بالنسبة للسوريين وحلفائهم إلى البحث عن خيارات سياسية قد تفكك تعقيد موقف ما بعد حلب، وإلى ذلك يؤدي أيضا هزيمة الأتراك في حلب وانهيار فصائلهم ثم تورطهم مع داعش.
– واقع التقارب التركي الروسي
في تموضعه الجديد بخصوص الأزمة السورية وبانسداد مؤقت في الدعم الأمريكي نظرا للتغير المرتقب في الإدارة الأمريكية التي يتبعها، التقى النظام التركي المهزوم مع رغبة روسيا في النأي بحل الأزمة عن الأمريكان والأوروبيين الذين لم يدفعوا كُلفة مشابهة لتلك التي دفعها ويدفعها هذا النظام، فمع إشعال النار في جنديين تركيين أمام الكاميرات بيد داعش تصبح كُلفة معركة إقامة منطقة عازلة عن داعش ضخمة بالنسبة للنظام التركي، مما يجعله يسعى كطرف في الأزمة الكلية لسوريا للبحث عن خيارات تمكنه من إغلاق باب الخطر تدريجياً وفك تعقيد الموقف – كما سبق الذكر – بإقامة ما تحدثت عنه روسيا كثيراً أي تصفية المعارضة المسلحة كلها إلى معارضة مستعدة لالقاء السلاح والدخول في تسوية وإرهابيين يرفضون إلقاء السلاح والتسوية، وكان إعلان موسكو المشترك مع روسيا وإيران أحد مظاهر هذا الاتجاه مع جملة اعتراضية خجلى للممثل التركي عن رفض تواجد حزب الله تحديدا في سوريا، قال الطرفان الآخران أنهما لا يتبنياها.
قد نفهم مبدأ التصفية هذا على أنه يهدف لفرز الفصائل المستعدة للعمل بالانعطافة التركية الأخيرة عن الفصائل المصرة على الاستمرار في مشروع متراجع ومرتبك ومرتفع التكلفة، فضلاً عن توتر العلاقات التركية الأوروبية والعجز الفعلي الموضوعي لأمريكا والسعودية عن إنجاح المشروع الأمريكي الخليجي التركي المشترك مما ترك التركي وحده أمام أعباء ضخمة ومتنوعة لن يستطيع التصرف حيالها كونه المتورط ميدانياً وجغرافياً في العبء والتكلفة، في ضوء هذا كله نفهم التجاوز الهاديء المشترك لتركيا وروسيا لحادث اغتيال السفير الروسي، إذ أدى الحادث منطقياً إلى المزيد من التنازل التركي والمزيد من الإصرار الروسي على إدخال تركيا بصفتها راعٍ مباشر وميداني للعديد من الفصائل المسلحة الكبرى في عملية تسوية واسعة تصب في صالح المعسكر السوري إجمالاً يلزمها وقف واسع لإطلاق النار .
– تراجع الفاعلية السعودية
بات واضحاً سقوط السياسات السعودية في المنطقة بفشل حملة الدم على اليمن وفقدان آل سعود لقدرتهم على إنجاح عمل الفصائل المسلحة التابعة لهم في سوريا وهزيمة أدواتهم على الأرض ميدانياً بفعل الانتصارات السورية، ويأتي هذا مع أزمة اقتصادية للمملكة أجبرتها على الشروع في تخفيض النفقات وتقليص بعض المخصصات بشكل لن يجعلها قادرة على الاستمرار في سياساتها بشكلها المعروف من حيث الدعم المالي السخي للأطراف المنفذة لتلك السياسات، ومن ثم فإن تشدد موقف المملكة بصفتها السياسية كممول مالي لمشروع إسقاط الدولة السورية ودفعها الدائم في اتجاه العمل العسكري قد تجاوزه الواقع، فضلاً عن كونه يتناقض مع مصالح تركيا الداعم اللوجيستي للفصائل المسلحة والتي تحملت تداعيات تتجاوز خطورتها الخسارة المالية كثيرا، والحقيقة أن التراجع العام لاتجاه آل سعود أي التراجع الذي يدفع من ناحية اخرى تجاه وقف إطلاق نار عام ومشروع تسوية سياسية كبير في سوريا، لا يرجع فقط لأسباب مالية، وأخرى سياسية وعسكرية ومعنوية قام بها أبطال اليمن وسوريا ورسخها صمودهم، بل أيضا يمثل انعكاسا لانكفاء مشروعهم في لبنان سياسياً بفعل توافق القوى اللبنانية على رئيس للجمهورية هناك، وفي نفس الإطار لم يستطع آل سعود تحقيق احتواء وتدجين كاملين للموقف المائع للنظام المصري تجاه الأزمة السورية مع امتناع هذا النظام عن المزيد من التورط في التبعية لموقف آل سعود المنحط في اليمن وتمسكه بحد أدنى من الحساب العقلاني تجاه سوريا، في مصر أيضا حدث رفض شعبي تلقائي، لم يتبلور في فعل شعبي خالص، لبيع أو تسليم جزيرتي تيران وصنافير المصريتين للدولة السعودية، كما عبرت أحد قطاعات القضاء وهو أحد المؤسسات السيادية للدولة المصرية عن نفس الرفض، وتزامن هذا في فترة واحدة مع رفض العراق ولبنان والجزائر مسايرة آل سعود في وصم حزب الله بالإرهاب، وهو تحدٍ معنوي وسياسي لسلطة وكلاء أمريكا لم يكن ليحدث إلا في إطار ضعف سياسي سعودي يُشكّل جانباً من التراجع الأمريكي الحالي، في حضور قوى مقابلة عملت وتعمل على مواجهة المشروعين الأمريكي والسعودي في المنطقة .
ربما ليس من اليسير إخراج آل سعود كليا من التصعيد في سوريا ولكن وقف إطلاق النار الواسع هناك يمثل في أحد معانيه وجها لتراجع مشروعهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.