تزايدت التوترات بين مصر ودول المنطقة الخليجية، فبعد أن تدهورت العلاقات بين مصر وقطر خلال السنوات الأخيرة الماضية منذ ثورة ال30 من يونيو عام 2013، تسير العلاقات المصرية السعودية على خطى مثيلتها المصرية القطرية، وتشهد اضطرابات ربما تكون غير مسبوقة في علاقة الدولتين ببعضهما على مر التاريخ، الأمر الذي قد يجعل الخلافات بين مصر من جانب والسعودية وقطر من جانب آخر كافية لتدهور العلاقات مع باقى دول الخليج. أعربت دول مجلس التعاون الخليجي عن انزعاجها من الزج باسم قطر في تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة، باعتباره «أمرًا مرفوضًا»، حيث قال الأمين العام لمجلس التعاون، عبد اللطيف بن راشد الزياني، في بيان صادر عن الأمانة العامة للمجلس: إن التسرع في إطلاق التصريحات دون التأكد منها يؤثر على صفاء العلاقات المتينة بين مجلس التعاون وجمهورية مصر العربية. في ذات الإطار أكد الزياني ضرورة التواصل في مثل هذه القضايا الأمنية، وفق القنوات الرسمية؛ لتحري الدقة قبل نشر بيانات أو تصريحات تتصل بالجرائم الإرهابية؛ لما في ذلك من ضرر على العلاقات العربية العربية، وأضاف أن موقف دول مجلس التعاون جميعها من الإرهاب ثابت ومعروف، وقد أدانت دول المجلس جريمة تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة، مؤكدة تضامنها ووقوفها مع الشقيقة مصر في جهودها لمكافحة التنظيمات الإرهابية، فأمن مصر من أمن دول مجلس التعاون. جاء ذلك بعد أن اتهمت وزارة الداخلية، الاثنين الماضي، قادة جماعة الإخوان المسلمين المقيمين في قطر بتدريب وتمويل منفذي التفجير الانتحاري، الذي استهدف الكنيسة البطرسية في القاهرة الأحد الماضي، وأسفر عن مقتل ما يزيد على 25 مواطنًا؛ بهدف إثارة أزمة طائفية واسعة في البلاد، حيث استندت في اتهامها إلى زيارة المشتبه به في تخطيط العملية «مهاب مصطفى» لقطر قبل نحو عام، وقالت في بيان: إن طبيبًا مصريًّا يدعى مهاب مصطفى السيد قاسم هو المخطط لهذه العملية، وقد تلقى تعليمات ودعمًا لوجستيًّا وماليًّا من قيادات إخوانية في قطر؛ لزعزعة استقرار البلاد وإثارة الفتن وشق الصف الوطني. وسارعت قطر إلى الرد على الاتهامات المصرية، حيث عبرت الخارجية القطرية عن رفضها الزج باسمها في تفجير الكنيسة، بذريعة زيارة أحد المشتبه بهم لقطر قبل نحو عام، وأوضحت الخارجية أنه دخل قطر عام 2015، وفق الإجراءات القانونية المعمول بها، شأنه شأن مئات الآلاف ممن يسمح لهم بالدخول للعمل أو الزيارة، وأكدت الوزارة أن السلطات في الدوحة لم تتلقَّ أي طلبات من السلطات الأمنية المصرية أو من الشرطة الجنائية العربية أو الدولية تحول دون السماح للمشتبه به بدخول دولة قطر أو القبض عليه. ربما تكون هذه المرة الأولى التي ينتقد فيها مجلس التعاون الخليجي مصر لصالح الدفاع عن دولة قطر، الأمر الذي رأى فيه بعض المراقبين أنه يكشف عن مدى عمق الخلافات بين مصر وبعض دول الخليج، حيث تدهورت العلاقات المصرية السعودية منذ أشهر؛ بسبب اتخاذ القاهرة مواقف مغايرة لتلك التي تتخذها المملكة في القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الأزمة السورية، حيث دعمت مصر خلال الأشهر الأخيرة عمليات الجيش السوري الساعية لتحرير أراضيه من التنظيمات والجماعات الإرهابية التي زجتها بعض الدول في الأراضي السورية، وعلى رأسها السعودية وقطروتركيا، لتنفيذ المخططات الصهيوأمريكية هناك، كما أظهرت القاهرة خلال الفترة الأخيرة دعمها الضمني للرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما أثار غضب العديد من الدول الخليجية الهادفة إلى إسقاط النظام السوري منذ سنوات. بعيدًا عن الخلافات المصرية السعودية بشأن الأزمة السورية، فقد اتخذت المملكة العديد من الإجراءات الاستفزازية تجاه القاهرة، وعلى رأسها قطع الإمدادات النفطية التي كانت تحصل عليها مصر من شركة أرامكو السعودية النفطية، وفقًا لاتفاقية وقعها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز قبل أشهر، كما اتجهت السعودية إلى دعم المغرب في أزمتها مع الجزائر حول قضية الصحراء الغربية، فيما تدعم القاهرةالجزائر، كما اتجهت القاهرة إلى إطلاق تصريحات ودية تجاه روسيا وإيران في الوقت الذي تختلف فيه الدولتان استراتيجيًّا مع دول الخليج، وعلى رأسها المملكة السعودية وقطر. على الجانب الآخر فإن الخلافات بين مصر وقطر لم تكن وليدة الأزمة السورية مثل نظيرتها المصرية السعودية، بل بدأت منذ سنوات عقب إطاحة الجيش بنظام الإخوان المسلمين بقيادة الرئيس الأسبق محمد مرسي، خلال ثورة 30 يونيو عام 2013، فمنذ هذا الوقت انطلقت أبواق الإعلام القطري لتصف الثورة بالانقلاب، وتطلق على النظام الجديد بقيادة السيسي بأنه نظام انقلابي، وتتدخل في أحكام القضاء الخاصة بقيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، والتي تعتبر الدوحة الداعم الأول لها بمساندة تركيا، الأمر الذي أدى إلى تدهور العلاقات المصرية القطرية وتبادل دبلوماسيي البلدين الاتهامات بدعم الإرهاب.