وضع كثير من المصريين عامة والأقباط خاصة أملا كبيرا على الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدما عزل جماعة الإخوان عن الحكم، وترشه لانتخابات رئاسة الجمهورية من أجل الحفاظ على الأمن، بدأت العلاقة قوية بين المسيحيين والسيسي مليئة بالأمل، قبل أن تتحول بعد سلسلة حوادث، وآخرها تفجير الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية أمس، إلى علاقة يأس واضحة، ليخرج الهتاف من أمام الكاتدرائية «ارحل». شهدت بداية عهد الرئيس السيسي تفاؤلا كبيرا لدى الأقباط حول مطالبهم بعودة الأمن وإصدار قانون دور العبادة والأحوال المدنية، لكن ما حدث علي أرض الواقع كان كفيلا بأن تتغير دفة الأمل إلى اليأس والهتاف ضد الرئيس ومطالبته بالرحيل. في البداية، كان الأمل واضحا في وصف الكنيسة للرئيس خاصة في عيد الميلاد المجيد يناير 2015، حيث شبه الأنبا بولا أسقف طنطا، السيسي ب«المسيح»، بعد حضوره قداس عيد الميلاد بالكاتدرائية قائلاً في أحد تصريحاته التليفزيونية «كما ظهر الملاك مبشرًا بميلاد المسيح، فجأة نجد المسيح ظهر داخل الكاتدرائية في يوم ميلاد المسيح» ليتخلى الأقباط عن وقار العبادة، هاتفين للسيسي. البداية من القوانين مع ظهور مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين في 2015، ثار جدل حول مواده بعكس ما كان يتمنى الأقباط صدوره، وتحفظ كثيرون على مواد القانون، خاصة مواد الطلاق والزواج المدني والتبني التي تضمنها مشروع القانون، حتى وافق المجمع المقدس في أبريل 2014 عليه. أثار أيضا قانون دور العبادة الموحد أزمة كبيرة بين الأقباط، حيث رفضت الكنائس مشروع القانون وأبلغت مجلس الوزراء بهذا الرفض، وفي أغسطس 2016، قال الأنبا يوحنا قلتة، رئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط سابقًا، في تصريحات تليفزيونية، إن سبب الاعتراضات، احتواء القانون على بند خاص بهدم وصيانة الكنائس، ولا يوجد به بند بناء كنائس جديدة، إلا حسب تعداد السكان، كما اشترط القانون بناء كنيسة إذا توافر حد أدنى لعدد معين من الأقباط في مساحة محددة من الأرض، بالإضافة إلي التمييز بين المسلمين والمسيحيين. تعددت الحوادث في 2015، أعدم تنظيم داعش 21 مصريا قبطيا، تحت عنوان رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب، على أحد السواحل في ليبيا، وأظهرت الصور معاملة مشينة من عناصر داعش للأسرى، وأظهرت إحدى صور تلطخ مياه البحر بلون الدم، وأعلن الرئيس السيسي، أن بلاده تحتفظ لنفسها بحق الرد بالأسلوب والتوقيت المناسب للقصاص، وكانت هناك هجمات قوية من الجيش المصري علي داعش ليبيا للرد على ذبح المصريين الأقباط في ليبيا. في يونيو 2015، كان هناك عملية تهجير ل19 قبطيا من منازلهم بقرية كفر درويش مركز الفشن محافظة بني سويف، الأمر الذي قابلته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بالإدانة لما يمثل انتهاكا لحقوق الإنسان الأساسية المكفولة بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، مطالبين بسرعة إعادة جميع المسيحيين إلى منازلهم التي تم تهجيرهم منها مع توفير الحماية الأمنية لهم. في20 مايو 2016، شهدت قرية الكرم بالمنيا، خروج مجموعة يقدر عددها بثلاثمائة شخص، يحملون أسلحة متنوعة، تعدوا على سبعة من منازل الأقباط، حطموا محتوياتها وأضرموا النار في بعضها، بحسب رواية الأنبا مكاريوس أسقف المنيا، الذي أكد تجريد سيدة مسيحية مسنة من ثيابها هاتفين ومشهرين بها أمام الحشد الكبير بالشارع، كان له أثر كبير في غضب كبير بنفوس المصريين عامة والأقباط خاصة. وفي يونيو 2016، وبحسب رواية الأنبا داوود، وكيل مطرانية سمالوط بشمال المنيا، فإن قرية كرم اللوفي التابعة لمركز سمالوط، شهدت اشتباكات بين المسلمين والأقباط، بسبب تردد شائعات تفيد تحويل منزل إلى كنيسة، ما أسفر عن الاعتداء على بعض من منازل الأقباط، وتعرضها للحرق على يد متشددين. الأذى الذي تعرض له الأقباط لم يقتصر على المتشددين والجماعات الإرهابية فقط، بل وصل الأمر إلى تعذيب القبطي مجدي مكين في قسم شرطة الأميرية حتى الموت، حيث أكد تقرير الطب الشرعي أنه تعرض لتعذيب أدى إلى صدمة عصبية في الوصلات العصبية بالنخاع الشوكي، ما أحدث جلطات في الرئتين وتسبب في الوفاة. واكتمل اليأس في يوم 11 ديسمبر 2016، بعد وقوع العملية الإرهابية التي استهدفت الكنيسة البطرسية المجاورة للكاتدرائية بالعباسية، وأدت إلى إصابةحوالي 53 شخصا معظمهم من السيدات والأطفال، و25 حالة وفاة، بينهما جثتان عبارة عن أشلاء مجهولة الهوية.