يتخذ الاحتفال بمولد النبي الكريم أشكالًا عديدة، أهمها "الزفة" و"الموكب" الليلي الذي يجوب الشوارع بالقرى والنجوع، وما زالت العائلات الكبيرة بالقرى تعمل جاهدة على إحيائه كل عام بإعداد الطعام والشراب للمشاركين. ورغم ما تشهده البلاد من أزمات اقتصادية وسياسية، فما زالت القرى تتزين لهذه المناسبة، حيث يخرج سكانها في موكبهم السنوي؛ مما يضفي على قراهم أجواء روحانية مشبعة بقيم التسامح والمحبة؛ احتفاء بذكرى مولد نبي التسامح والرحمة؛ لتظل ذكرى حية في قلوبهم، يستمدون منها الأسوة الحسنة، وتعطل فيها المصالح الحكومية. وتمثل زفة المولد النبوي الشريف فرحة شعبية تجمع الكل وهم مستمتعون بذكر المصطفى (ص) وأيضًا فرحة للأطفال وهم يشترون الحلوى والألعاب. وفي مدينة طنطا يكون للاحتفال مذاق خاص، حيث تزدحم ساحة مسجد السيد البدوي، ويتسابق الجميع لحضور هذه الاحتفالية السنوية، وقد ارتدوا الملابس الزاهية الألوان، واصطفوا في ساحة المسجد جماعات، وحملوا الأعلام ذات الألوان الخضراء والسوداء والحمراء، والبيارق والشعارات واللافتات المزينة بالزهور، المكتوب عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وأخرى دونت عليها أبيات من شعر البردة في مدح الرسول، ووسط الأعلام ارتفعت أصوات التكبير والتسبيح بحمد الله، وغنت الفتيات نشيد "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع" على إيقاع موسيقى فرقة ثقافة الغربية. بعدها تردد في الأجواء صوت مقرئ شاب، يتلو آيات من كتاب الله، فصمتت الأفواه؛ لنعيش لحظات نادرة تشف فيها الأرواح، ويكون الإيمان العميق هو الحوار السائد بين الناس، بعدها ينصت الجميع لكلمة إمام المسجد عن مولد الرسول الأمين، ويختتم الحفل بتلاوة القرآن، لتبدأ المسيرة أو زفة المولد في جلال وخشوع، يتقدمها كبار رجال الطرق الصوفية والمحبون، يتبعهم حملة الأعلام من أبناء المدينة ومن أتى من القرى القريبة للمشاركة في الاحتفال، مكبرين ومنشدين الأناشيد الدينية، وتمضي الزفة في طرقات المدينة وشوارعها، يستقبلها الأهالي أمام منازلهم بالعصائر والخبائز والحلويات؛ فرحة بقدوم المولد وتخليدًا لذكرى المصطفى عليه الصلاة والسلام، حتى تعود إلى ساحة مسجد البدوي فى المساء، حيث يصلون العشاء وينصتون إلى الأمسية الدينية التي تنظمها مديرية الأوقاف بالمحافظة، ثم يتم توزيع بعض الهدايا والحلوى.