على مدار عام من عمر انتخاب مجلس النواب، الذي بدأ أولى جلساته في شهر يناير الماضي، وخلال هذه الفترة اعتذر عشرات الوزراء عن تلبية استجوابات النواب حول المشاكل والأزمات التي تمر بها الدولة، الأمر الذي وصفه البعض بأنه عدم احترام للبرلمان، الذي بات مؤيدًا على طول الخط لكل قرارات الحكومة، حتى وإن كانت محل اعتراض من البعض. ولعل آخر تغيب كان لوزير الزراعة، لمناقشة قضية ارتفاع أسعار الخضراوات، وكذلك وزير التموين، كما ضمت القائمة وزيرة التضامن الاجتماعي التي لم تحضر مناقشة قانون الجمعيات الأهلية خلال الجلسة العامة التي عقدت منذ عدة أيام؛ مما دفع رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال للتعقيب قائلًا: الدستور المصري لا ينص على حضور الحكومة وقت مناقشة القوانين، فهناك دساتير تنص صراحة على ذلك. فيما قررت لجنة الزراعة بمجلس النواب إرسال مذكرة لرئيس البرلمان، تشكو فيها من عدم احترام وزارة الزراعة للجنة، وذلك على خلفية عدم حضور الوزير أو أي من ممثلي وزارته للاجتماع، رغم دعوته شخصيًّا أو من ينوب عنه. كما لم يحضر طارق عامر محافظ البنك المركزي الاجتماع الذي كان منتصف الشهر الماضي مع لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، برئاسة الدكتور علي المصيلحي، بشأن دراسة الآثار والتداعيات الناتجة عن قرار البنك المركزي تحرير سعر الصرف و"تعويم الجنيه"، دون إبداء أسباب عن سبب غيابه، حيث اكتفي بإرسال رسالة إلى رئيس اللجنة الاقتصادية عبر هاتفه تفيده أنه "لن يتمكن من الحضور ". على نفس المنوال تغيب وزير التموين الجديد اللواء محمد علي مصيلحي عن حضور استجواب قدمه عدد من النواب؛ بسبب ارتفاع الأسعار لعدد من السلع خلال الأيام الماضية، حيث كان من المقرر استجوابه في الجلسة العامة للبرلمان يوم 31 أكتوبر الماضي، ولكنه لم يحضر، ولم يعلن سبب تغيبه حتى الآن، الأمر الذي تسبب في حالة غضب بين النواب، ودفع الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس لرفع الجلسة؛ لاحتواء غضب النواب. قائمة الوزراء الذين تغيبوا عن جلسات مجلس النواب طويلة تشمل أكثر من 11 وزيرًا، أبرزهم وزير الإسكان الذي تغيب عن جلسة مناقشة مشاكل مياه الشرب بالمحافظات، والصرف الصحي، الأمر الذي دفع بعض النواب لاستجوابه مرة أخرى، كذلك وزير الزراعة الذي تغيب عن اجتماع لجنة الزراعة بالبرلمان حول أزمة القمح المستورد والتي كانت مقررًا لها يوم 31 يوليو الماضي. وزادت الاحتجاجات بعد تغيب المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء عن حضور جلسة كانت مقررة يوم 31 أكتوبر، دون الإعلان عن سبب تغيبه، الأمر الذي دفع عددًا من النواب بالمطالبة بإجبار الحكومة على الحضور والرد على نواب الشعب بشأن عجز المواطن عن ملاحقة الزيادة في الأسعار وصولًا إلى سحب الثقة من الحكومة فورًا. وتدخل وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية المستشار مجدي العجاتي لتهدئة الغضب، مُعلنًا أنه اتصل برئيس الحكومة، وسيحضر إلى المجلس، حيث إنه كان في اجتماع مهم. وقال النائب أحمد طنطاوي، عضو ائتلاف 25/30، إن تغيب الوزراء لحضور جلسات البرلمان يعتبر عدم احترام للبرلمان وعدم تفهم لدولة المؤسسات، حيث إن دور البرلمان صاحب السلطة التشريعية هو الرقابة، مشددًا على أن حضور الوزير أمر ضروري، وتابع أنه لا بد من وجود نص إلزامي يحدد حضور المسؤول بالاسم في موعد محدد، حيث إن حضوره للمجلس ليس ترفيهًا أو عملًا تطوعيًّا، موضحًا أن الوزير دوره تنفيذي والبرلمان دوره رقابي وتشريعي. في نفس السياق قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، إن دور الوزير هو شرح أبعاد القرار الذي يتم اتخاذه، والرد على استجوابات النواب، وهذا ما نص عليه الدستور، ولا بد من إخبار الوزير قبل الجلسة بمدة كافية، وفي حالات عدم حضور الوزراء كما حدث خلال الفترة الماضية فهذا يعتبر عدم احترام، أو أن هناك وزراء خائفين من الاستجواب؛ حيث لا يمتلكون الرد المناسب لأسئلة النواب.