لم يعد خافيًا على أحد تغير السياسة الأمريكية في العديد من القضايا الدولية والإقليمية، فمنذ فوز الرئيس الجديد، دونالد ترامب، وعلى الرغم من عدم تنصيبه بعد، إلا أن العديد من المواقف والأوضاع تبدلت في السياسة الأمريكية، وجاء على رأسها الأزمة السورية والعلاقات الأمريكية مع كل من روسيا والسعودية ومصر وإسرائيل وإيران، ويبدو أن ليبيا ستنضم قريبًا إلى قائمة الدول التي انقلبت طريقة التعامل الأمريكية معها. في سابقة هي الأولى من نوعها أشادت الولاياتالمتحدةالأمريكية، على لسان مبعوثها إلى ليبيا، دوناثان وينر، بتضحيات الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير، خليفة حفتر، في المعارك التي يخوضها في بنغازي، وقال "وينر" في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" الخميس: تضحيات صعبة من جنود الجيش الوطني الليبي، جرى الإعلان في الأسبوع الجاري عن 20 قتيلًا و40 جريحًا في القتال ضد الإرهاب في بنغازي. وشارك مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى ليبيا، مارتن كوبلر، نظيره الأمريكي الموقف ذاته، حيث أشار إلى أن القضاء على الإرهاب في مصلحة كل الليبيين. الموقف الأمريكي الجديد شكل مفاجأة للعديد من المتابعين للشأن الليبي، فأمريكا التي دأبت على دعم الجماعات الإرهابية هناك، ولم تدخر جهدًا في إشعال الصراع أكثر في ليبيا، واتسم موقفها دائمًا بالغموض فيما يخص دور الجيش الوطني في شرق ليبيا، حتى إنها فرضت حظرًا على السلاح للقوات التي يقودها الجنرال حفتر، وتركزت تصريحات مسؤوليها على التعبير عن الرفض المطلق للحل العسكري، واعتبار حفتر عقبة في طريق التسوية السياسية، تخرج الآن لتعلن دعمها المبطن للجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر. موقف أمريكا من ليبيا يتماثل تمامًا مع موقفها من سوريا، حيث دأبت واشنطن على دعم الجماعات المسلحة هناك وإسقاط النظام السوري بكافة الطرق، لكن بعد انتخاب الرئيس الجمهوري الجديد، دونالد ترامب، تغيرت السياسة الأمريكية هناك، وأبدى ترامب استعداده للتعاون مع روسيا الداعمة الأساسية للرئيس السوري، بشار الأسد، في الشأن السوري، وأشار إلى أنه لن يقاتل لإسقاط الأسد، لكنه سيصب اهتمامه في مطاردة داعش. الانعطافة السياسية الأمريكية الجديدة في الشأن الليبي سبقتها بعض التصريحات التي أطلقها "ترامب" خلال حملته الرئاسية، وخص بها الوضع الليبي، حول المهاجرين الليبيين إلى الولاياتالمتحدة و"داعش" والنفط الليبي، حيث شكلت ليبيا مادة انتخابية دسمة للمرشحين ترامب ومنافسته كلينتون خلال حملة التعبئة، وانتقد ترامب خلال حملته الانتخابية طريقة تعاطي بلده مع الأحداث التي شهدتها ليبيا خلال السنوات الماضية، واتخذ منها وسيلة لمهاجمة منافسته الديماقراطية الداعمة لأوباما، هيلاري كلينتون، التي كانت شاهدة على ما حصل في ليبيا عندما كانت وزيرة للخارجية مع إدارة أوباما، وقال إن ليبيا تمثل إحدى الكوارث التي تسببت فيها كلينتون، وتعهد بقصف ليبيا للقضاء على تنظيم داعش، في حالة فوزه في انتخابات الرئاسة الأمريكية. في حوار مع شبكة "فوكس بيزنس" الأمريكية، في أغسطس الماضي، قال ترامب إنه لا بديل عن قصف ليبيا للقضاء على تنظيم "داعش"، مع التأكيد على ضرورة القيام بما يلزم للتخلص من التنظيم، وتابع: كان المفترض ألا نكون هناك. لقد عارضت التدخل في العراق، وأطلقنا وحشًا في الشرق الأوسط، وسأقوم بقصف داعش في ليبيا. وحول توجيه سلاح الجو الأمريكي ضربات لمواقع "داعش" في ليبيا قال ترامب: من الواضح أنه لم يكن أمامهم خيار آخر، فقد سيطر التنظيم على ليبيا وعلينا قصفه. وقال ترامب حول التدخل العسكري في ليبيا عام 2011: كان يجب أن نشترط على الثوار أن نأخذ نصف النفط الليبي مقابل مساعدتهم في حربهم ضد نظام القذافي. وأضاف ترامب في موضع آخر: حين كانت تندلع حرب في القديم، كانت الغنائم تعود للمنتصر.