في كل يوم يثبت تنظيم داعش، الذي كان يدعو للخلافة الإسلامية، أنه يتبنى أسسًا برجماتية، لا تقوم على المبادئ والقيم الإسلامية، فالتنظيم منذ بدايته وهي الفترة الأكثر استقرارًا له من حيث الانتشار وتعدد مناطق نفوذه في سورياوالعراق، اعتمد أساليب وحشية في القتل على الهوية والتفنن في طرق القتل والتمثيل بجثث الموتى. اليوم وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، بات المخرج الوحيد ليشعر بأنه ما زال على قيد الحياة هو العمليات الانتحارية التي تستهدف المسلمين بشكل عشوائي، كالعمليتين الانتحاريتين اللتين استهدفتا مدينتي الفلوجة وكربلاء. تفجير الفلوجة أعلنت الشرطة العراقية، الاثنين، أن 9 أشخاص قتلوا، وأصيب 26 آخرون، بتفجير سيارتين استهدفتا نقطتي تفتيش للشرطة في الفلوجة، المعقل السابق لتنظيم داعش، غربي بغداد، وكان مصدر أمني في محافظة الأنبار أفاد أن سيارتين مفخختين استهدفتا نقطة للأمن وسط مدينة الفلوجة، وأضاف أن "سيارة مفخخة يقودها انتحاري انفجرت في حي نزال وسط الفلوجة، ما أدى إلى سقوط عدد من الأشخاص بين قتيل وجريح، أعقبها انفجار لسيارة مفخخة ثانية، أسفرت عن سقوط 9 أشخاص: 5 عسكريين وأربعة مدنيين، وجرح 26 آخرين بينهم 16 مدنيًّا و10 عسكريين". وتعتبر الفلوجة مركزًا دينيًّا مهمًّا للسنة في العراق، وتسمى "مدينة المساجد"؛ نظرًا لانتشار مئات المساجد فيها. كربلاء أفادت مصادر أمنية في كربلاء بمقتل ثمانية مدنيين وجرح خمسة آخرين في هجوم انتحاري في بلدة عين التمر الصحراوية في محافظة كربلاء جنوب العاصمة بغداد، وأضافوا أن ستة انتحاريين دخلوا إلى البلدة من محافظة الأنبار غربي العراق في وقت مبكر الاثنين، لكن القوات الأمنية تصدت لهم، وقتلت القوات الأمنية خمسة من الانتحاريين، لكن السادس تمكن من اقتحام أحد البيوت؛ ليفجر نفسه وسط المدنيين، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم. وقال معصوم التميمي، عضو مجلس محافظة كربلاء، تأكيده أن 6 انتحاريين يحملون أسلحة خفيفة ومتفجرات حاولوا التسلل إلى عين التمر في وقت مبكر يوم الاثنين الماضي، وأضاف التميمي أن المسلحين اشتبكوا مع قوات الأمن قبل أن ينسحبوا إلى منطقة الجهاد، حيث فجروا أنفسهم، مؤكدًا أن عدد قتلى الهجوم 8، وهو رقم أكده أيضًا مصدر طبي. وأوضح المسؤولون العراقيون أن الانتحاريين الذين هاجموا البلدة كانوا يعتزمون التسلل إلى مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة (على بعد نحو 50 كيلومترًا إلى الشرق من البلدة)؛ لتنفيذ هجماتهم. داعش وتقدم القوات العراقية في الموصل لا يمكن الفصل بين السياق العشوائي للعمليات الانتحارية التي يتبناها داعش ضد مدن سنية وأخرى شيعية في العراق، عن التقدم الممنهج للجيش العراقي في مدينة الموصل معقل التنظيم الرئيسي في العراق، حيث تواصل القوات العراقية مساعيها لدخول مدينة الموصل شمال البلاد، واستطاعت السيطرة على بعض المناطق في المحور الشرقي، تزامنًا مع تحقيق تقدم بالمحور الغربي، وسط مقاومة من داعش. وقالت مصادر عسكرية عراقية إن المواجهات في حي القادسية الثانية بمدينة الموصل من المحور الشمالي الشرقي لا تزال مستمرة، في مسعى من جانب الجيش العراقي لاستعادة الحي من داعش. وتقدمت القوات العراقية إلى منطقة التبادل التجاري شمال شرق الموصل، وتمكنت من السيطرة عليها بواسطة الفرقة 16 التي فقدت ضابطًا خلال المعارك. كما سيطرت القوات العراقية على منطقة النايفة جنوب شرق الموصل القريبة من القوير وعلى مقربة من ناحية النمرود، التي سيطرت عليها القوات الحكومية الأحد الماضى، حيث بدأ جنود عراقيون مهمة شاقة فيها، لتأمين ما تبقى من مدينة النمرود التي يرجع تاريخها إلى 3000 عام مضت، وذلك بعد يوم واحد من طرد مسلحي "داعش" الذين اجتاحوا العاصمة الآشورية القديمة ونهبوها. وفي غرب الموصل قالت قوات الحشد الشعبي إن قواتها وصلت إلى منطقة الركراك جنوب غرب تلعفر، وإنها تتقدم إلى تلعفر من محورين. هذا وتواصل القوات العراقية تقدمها نحو الموصل من كافة المحاور، فمن الجهة الجنوبية تحركت نحو قرية البوسيف التي تبعد 4 كيلو مترات عن مطار الموصل، أما في الجهة الشرقية فهاجمت حي الانتصار، حيث تشهد بعض الأحياء شرق الموصل مواجهات شرسة وعمليات كر وفر وانفجارات عقب دخول القوات العراقية أحياء عدن والبكر وكركوكلي والأربجية. ويرى مراقبون أن تقدم القوات العراقية على مختلف مذاهبها وقومياتها أفقد داعش صوابه، الأمر الذي سيدفعه خلال الأيام المقبلة لتبني عمليات انتحارية في جميع أنحاء العراق، بغض النظر عن مذهب أو قومية المنطقة المستهدفة، فداعش على ما يبدو قرر تبني خيار شمشون، خاصة أنه يعتبر أن كل من سيقف ضده أو لم يسانده فهو عدو له بغض النظر عن الدين والقومية والعرق، فحسب تسجيل خليفة داعش أبو بكر البغدادي الذي طالب بنصرة المسلمين للتنظيم، فإن أي امتناع لطرف إسلامي عن مساندة داعش سيكون مستهدفًا من التنظيم بغض النظر عن المذهب الديني، وهو الأمر الذي قد يفسر استهداف التنظيم لكل من الفلوجة وكربلاء على حد سواء.