سلطت صحيفة /نيويورك تايمز/ الأمريكية، الضوء علي محاولة استغلال مسؤولين أمريكيين التقارير الاستخباراتية عن احتمالية سيطرة طالبان علي أفغانستان إذا انسحبت واشنطن، في التأثير علي الرئيس الأمريكي جو بايدن والدفاع عن تمديد وجود القوات هناك. وذكرت الصحيفة - في سياق تقرير نشرته علي موقعها الإلكتروني اليوم /السبت/ - أن وكالات المخابرات الأمريكية حذرت إدارة بايدن من احتمالية اجتياح حركة طالبان لمعظم أفغانستان خلال عامين إلي ثلاثة أعوام، إذا انسحبت القوات الأمريكية قبل توصل أطراف الحرب إلي اتفاق لتقاسم السلطة. ونقلت عن مسؤولين لم تكشف عن هويتهم، قولهم إن تقرير الاستخبارات يرجح هذا السيناريو في حال انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان قبل توصل الحركة وحكومة كابول إلي تسوية سياسية واتفاق بشأن تقاسم السلطة، وهو سيناريو قد يفتح الأبواب أمام تنظيم القاعدة للعودة إلي أفغانستان لإعادة بناء مواقعه وتعزيز قوته هناك. وأفادت /نيويورك تايمز/ بأن هذا التقرير الاستخباراتي السري أعدته المخابرات الأمريكية العام الماضي لعرضه علي إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترامب، ولكن لم يتم الكشف عنه وأطلع عليه بايدن، لافتة إلي أنه يعد الأحدث في سلسلة من التوقعات القاتمة لمستقبل أفغانستان التي قدمها محللو المخابرات طوال الحرب التي استمرت عقدين. واستدركت الصحيفة الأمريكية قائلة إن المعلومات الاستخباراتية حيال هذا الشأن تراجعت وسط تغير البيئة سياسية، لافتة إلي أنه بينما كان ترامب يضغط من أجل انسحاب جميع القوات حتي قبل أن تتطلب شروط اتفاق السلام ذلك، كان نهج بايدن أكثر حذراً، حيث اعترف في مؤتمر صحفي أمس الأول بمدي صعوبة انسحاب القوات الأمريكية في الموعد المحدد في الأول من مايو المقبل بموجب الاتفاق بين واشنطن وطالبان، بيد أنه قال في الوقت نفسه، إنه لا يستطيع تصور أن تبقي القوات الأمريكية في أفغانستان في العام المقبل. ووفقا لنيويورك تايمز، أعرب بعض كبار المسؤولين في إدارة بايدن عن تشككهم في أي تنبؤ استخباراتي بعودة ظهور تنظيم القاعدة أو داعش بذريعة أن قادة طالبان لا يزالون يعارضون تنظيم داعش في أفغانستان وأن تنظيم القاعدة الذي لا يتمتع بأي تواجد حالي في البلاد، لا ينتظر الانسحاب الأمريكي ويمكنه إعادة تنظيم صفوفه في أي المناطق الأخري التي ينعدم فيها القانون في جميع أنحاء العالم. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلي أن التحذير الاستخباراتي لم يجب عن مسألة ما إذا كان يمكن لأفغانستان أن تزدهر حقًا إذا بقيت القوات الأمريكية إلي أجل غير مسمي. ورجحت أن يمنع التواجد الأمريكي في أفغانستان انهيار قوات الأمن الوطنية ويسمح للحكومة في كابول بالاحتفاظ بالسيطرة علي مدنها الرئيسية، لكن لا يزال من المرجح أن توسع طالبان تدريجياً نفوذها في أجزاء أخري من البلاد. وكانت حركة «طالبان» قد هددت أمس باستئناف المعارك مع القوات الأجنبية في أفغانستان، حال عدم الوفاء بمهلة انسحابها في أول مايو، وقال أحد متحدثيها إن الحركة ملتزمة باتفاق السلام العام الماضي "وتريد من الجانب الأمريكي أن يظل ملتزما بحزم أيضا". وأصر مسؤولو إدارة بايدن علي عدم اتخاذ قرار نهائي. ومع ذلك، ومع اقتراب الموعد النهائي، يتنافس مسؤولو الإدارة الأمريكية للتأثير علي بايدن وكبار مسؤولي الأمن القومي. وبينما لم يشر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلي مسار العمل الذي يفضله بشأن أفغانستان، استغل بعض مسؤولي البنتاجون الذين يعتقدون بوجوب استمرار القوات الأمريكية لفترة أطول، التقييم الاستخباراتي الذي يتنبأ باستيلاء طالبان علي البلاد. وجادل بعض القادة العسكريين ومسؤولي الإدارة الأمريكية بأن أي موعد محدد لسحب ما يقرب من 3500 جندي أمريكي المتبقين في أفغانستان، سواء كان ذلك في الأول من مايو أو في نهاية العام، مصيره الفشل وخسارة ما تحقق حتي الآن من مكاسب. وقالوا إن الطريقة الوحيدة للحفاظ علي المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في أفغانستان هي الحفاظ علي الوجود الأمريكي الصغير هناك لفترة كافية لفرض اتفاق دائم بين طالبان والحكومة الأفغانية. واستخدم هؤلاء المسؤولون التقييم الاستخباراتي للتأكيد علي أن الانسحاب هذا العام سيؤدي إلي سقوط حكومة كابول الحالية وتآكل حاد في حقوق المرأة وعودة الجماعات الإرهابية الدولية. وفي هذا الصدد، قال مسؤولون إن الاندفاع نحو الانسحاب لن يؤدي إلا إلي جر الولاياتالمتحدة إلي أفغانستان بعد وقت قصير من مغادرتها - مثلما كان الحال في السابق.