أصدرت محكمة لبنانية حكما قضائيا بتنحية القاضي المكلف بالتحقيق في قضية انفجار ميناء بيروت البحري الذي وقع في 4 أغسطس الماضي، وإحالة ملف التحقيقات إلي قاض آخر. وقضت محكمة التمييز الجزائية في جلستها المنعقدة اليوم برئاسة القاضي جمال الحجار، بقبول طلب الرد "التنحية" المقدم من عضوي البرلمان علي حسن خليل وغازي زعيتر، ضد المحقق العدلي (قاضي التحقيق) فادي صوان، وأمرت المحكمة بنقل ملف التحقيقات في القضية إلي محقق عدلي آخر. وكانت التحقيقات في الانفجار قد توقفت منذ النصف الثاني من شهر ديسمبر الماضي، وذلك في ضوء الطلب المقدم إلي المحكمة بوقف السير في التحقيقات ورد المحقق العدلي فادي صوان وتكليف أحد القضاة الآخرين بمباشرة التحقيقات، حيث اعتبر النائبان اللذان تقدما بدعوي الرد أن الإجراءات التي اتخذها "صوان" تثير الريبة والشكوك والخشية من عدم تحقيق العدالة المنصفة بحقهما. وسبق للمحقق العدلي فادي صوان أن وجه اتهاما رسميا إلي رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب، ووزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزيري الأشغال والنقل السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بارتكاب جرائم الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة وإيذاء مئات الأشخاص في حادثة انفجار ميناء بيروت البحري، وقرر استدعائهم للتحقيق معهم كمدعي عليهم في القضية. ورفض دياب والوزراء السابقين المثول أمام المحقق العدلي، معتبرين أن مسار التحقيق تحول إلي نوع من "الاستهداف السياسي" وأنه تجاوز صلاحياته القانونية لا سيما وأن الأمر يتعلق باتهامات محلها "المجلس الأعلي لمحاكمة الرؤساء والوزراء".. كما قال الوزيران السابقان علي حسن خليل وغازي زعيتر إن الإجراءات التي اتخذها "صوان" بحقهما تخالف أحكام الدستور والقانون لا سيما في ضوء ما يتمتعان به من حصانة نيابية. ويعد وزير المالية السابق علي حسن خليل من قيادات حركة أمل وهو أيضا عضو في البرلمان ويشغل منصب المستشار السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، كما أن الوزير السابق غازي زعيتر أحد أعضاء مجلس النواب عن حركة أمل، في حين ينتمي الوزير السابق يوسف فنيانوس إلي تيار المردة الذي يترأسه السياسي البارز سليمان فرنجيه. ووقع انفجار مدمر بداخل ميناء بيروت البحري في 4 أغسطس الماضي جراء اشتعال النيران في 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار والتي كانت مخزنة في مستودعات الميناء طيلة 6 سنوات، الأمر الذي أدي إلي تدمير قسم كبير من الميناء، فضلا مقتل نحو 200 شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين، وتعرض مباني ومنشآت العاصمة لأضرار بالغة جراء قوة الانفجار علي نحو استوجب إعلان بيروت مدينة منكوبة. وقررت الحكومة اللبنانية بعد نحو من أسبوع من وقوع الانفجار، إحالة التحقيقات إلي "المجلس العدلي"، وهو الإجراء الذي ترتب عليه تعيين محقق عدلي لتولي مهمة التحقيق في القضية برمتها بدلا من النيابة العامة. وسبق وأصدر المحقق العدلي فادي صوان مجموعة من القرارات بالحبس الاحتياطي بحق مدير إدارة الجمارك بدري ضاهر وموظفين مسئولين عن إدارة وتشغيل ميناء بيروت البحري، وضباط يمثلون أجهزة أمنية مختلفة داخل الميناء (المخابرات والأمن العام وأمن الدولة والجمارك) علي ذمة التحقيقات، كما استمع لأعداد كبيرة من الشهود من بينهم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعدد من الوزراء الحاليين والسابقين ورؤساء الأجهزة الأمنية. ويعد المجلس العدلي جهة قضائية استثنائية تنظر في القضايا شديدة الخطورة التي تمس أمن الدولة اللبنانية.