يومًا بعد يوم تثبت إثيوبيا بأنها دولة مارقة عن المجتمع الدولي وقوانينه واتفاقياته فهي لا تعترف بالقوانين الدولية التي تحمي الحدود والمياه بعد الاستقلال عن الاستعمار. رفضت الاعتراف باتفاقات المياه التي تمنح مصر حق الاعتراض على أي مشروع مائي يهدد جريان النهر إلى آخر دولة في المصب وهي مصر. ويلزم جميع دول حوض النيل بإخطار مصر مسبقًا عند إنشاء أي مشروع مائي على ضفاف النهر كانت هذه الاتفاقيات عام 1902، 1929 تمنح مصر هذه الحقوق وتحمي الشعب المصري من أي شطط ممكن يقوم به حاكم إثيوبي أو أفريقي في المستقبل، وهي اليوم ترفض أيضًا هذه الاتفاقيات الدولية التي تحمي الحدود لتبقي كما هي بعد الاستقلال دون المساس بها حتى لا تشتعل الحروب بين الدول المتجاورة. نص القانون الدولي واتفاقات جنيف أن حقوق المياه والحدود تظل ثابتة وتورث ولا يجوز نقضها بعد الاستقلال ولكن لأن إثيوبيا لم تصل بعد إلى فكرة الدولة الطبيعية التي تعيش في ظل القانون الدولي وتلتزم بأحكامه وقوانينه رفضت الاعتراف بحقوق مصر في المياه وهي اليوم ترفض ترسيم الحدود مع السودان الذي أقرته اتفاقية 1902 والتي تضمنت إقليم الفشقة بكامله إقليمًا سودانيًّا ولأنها دولة أفريقية تمثل النموذج الأبشع في الكذب والخداع نجحت في الاستيلاء على مليوني فدان من أجود وأخصب الأراضي السودانية في إقليم الفشقة منذ أكثر من 25 عامًا وذلك بلعبة خادعة أقنعت بها السودان، تقوم على تأجير الأراضي السودانية الخصبة للمزارعين الإثيوبيين وخلال هذه الفترة شكلت الاستخبارات الإثيوبية عصابات مسلحة تجوب في تلك الأراضي وتعتدي على المزارعين السودانيين وتحمي المزارعين الإثيوبيين ورويدًا رويدًا ووفق سياسة الأمر الواقع التي تحترفها إثيوبيا أصبح إقليم الفشقة بالكامل تحت سيطرة مجموعات من الجيش الإثيوبي، تزعم أديس أبابا أنها عصابات منفلتة وخارجة عن الدولة الإثيوبية وطوال هذه الفترة كانت إثيوبيا تلمح أن هذه الأرض سودانية يستفيد منها المزارعون في كلا البلدين وعندما حاول الجيش السوداني الاقتراب من حدوده في منتصف ديسمبر دبرت له الاستخبارات العسكرية الإثيوبية كمينًا وقتلت عددًا من جنوده وضباطه، وهو الأمر الذي كشف لقيادة الجيش السوداني أن هناك مؤامرة كبرى تقودها إثيوبيا للاستيلاء على أراضيه تحرك الجيش السوداني واستعاد أكثر من 80 بالمائة من أراضيه على الحدود مع إثيوبيا ساعتها سارعت القيادة العسكرية والسياسية في بلاد الحبشة الإعلان عن عدم اعترافهم باتفاق 1902 بحجة أن الاستعمار البريطاني هو من وقع نيابة عن السودان مع إثيوبيا.. المفاجأة كانت صادمة جدًّا لتيارات ونخب سياسية سودانية ظلت تصفق وتهلل لإثيوبيا الصديقة والحليفة خاصة بعد نجاح ثورة ديسمبر ووصول تحالف قوى الحرية والتغيير للحكم وكان الاستقبال الأسطوري لأبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا في الخرطوم احتفالاً بنجاح الثورة أبرز المظاهر على اقتناع وثقة هذه القوى بإثيوبيا الصديقة والحليفة وبالغ البعض في الترحيب والتهليل في ظل الخلاف بين القاهرةوأديس أبابا وكأنه يكايد مصر الحليف والشقيق الحقيقي للشعب السوداني. إثيوبيا التي ظنت أنها خدعت مصر تم كشف خداعها أمام العالم أجمع عندما نقلت مفاوضات سد النهضة إلى واشنطن بداية العام الماضي، ونجح المفاوض المصري في جلب شهود دوليين، وهم أمريكا والبنك الدولي على الخداع والكذب وعدم احترام إثيوبيا لاتفاقياتها الإقليمية والدولية وهي الآن يتم كشفها إفريقيًا في محاولة استيلائها على الأراضي السودانية مما يستدعي وقوف كل دول العالم التي تؤمن بالشرعية والقوانين الدولية ضد هذه الدولة المارقة خاصة أنها تضع الآن يدها على أكبر خزان مياه في العالم يهدد حال انفجاره بإبادة أكثر من 150 مليونًا هم سكان شعبي مصر والسودان.