أثار مانشرته مجلة"شارلي إيبدوا" الفرنسية من رسوم مسيئة لمعلم الإنسانية ورسول البشرية والرحمة المهداه لكل العالمين حفيظة المسلمين في بلاد الدنيا قاطبة حيث أن المبررات جائت واهية فقد ادعت أسرة تحرير المجلة أن هذا العمل المسيئ في اطار حرية الرأي والتعبير وخروج عدد من المسئولين هناك عن النص بالدفاع عن حريات مغلوطة والكيل بمكيالين وهو مايتنافي مع مبادئ الأخوة الإنسانية واحترام حقوق الآخر والتي تجرم الإضطهاد والظلم والغطرسة وازدراء الأديان وحول هذا الأمر وسبل نصرة رسول الإنسانية ودور كل مسلم نحو دينه ومجتمعه كان لنا هذا اللقاء مع فضيلة الاستاذة الدكتورة بديعة على احمد الطملاوى أستاذ الفقه المقارن والعميد السابق لكلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية. تقول أ. د بديعة الطملاوي.. ما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة عن إقدام بعض الحاقدين على الإسلام ونبي الإسلام عليه الصلاة والسلام على نشر صور مسيئة، زعم ناشروها أنها تمثل الرسول الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم، وهي صور لا توجد إلا في مخيلة مروجيها ممن أكل الحقد والكراهية قلوبهم للإسلام ونبي الإسلام قلوب دعاتها. ومعلوم أن أنبياء الله ورسله هم خير البشر، وهم الذين اختارهم الله لحمل رسالاته، وإبلاغها لعامة الخلق، فواجب الخلق تجاههم الإيمان بهم، ونصرتهم، وتعزيرهم، وتوقيرهم، وقبول ما جاءوا به من عند الله. قال تعالى: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ" .. وقد أخبر سبحانه أن رسله منصورون بنصره. فقال:"إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ". وتضيف :اننا إذ نستنكر هذا البهتان العظيم الموجه لنبي الإسلام وخاتم النبيين عليه الصلاة والسلام لعلى يقين بأن الله سبحانه ناصر لنبيه، وخاذل لأعدائه، كما قال سبحانه: "إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا" (2). . وقال سبحانه: "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (4) . وهناك بعض الأمور التي يمكننا من خلالها العمل على نصرة النبي ، ومواجهة هذه الهجمة الشرسة ، كلٌّ على قدر إمكاناته؛ فالكل يتحمل مسئوليته،ومن خلال موقعه. حول دور كل مسلم في نصرة نبيه صلى الله عليه وسلم يتطلب من كل فرد مايلي: 1- التفكير في دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم القاطعة بأنه رسول رب العالمين، وأصلها القرآن الكريم، وما تضمنه من دلائل على صدق نبوته . 2- تعلم الأدلة من القرآن والسنة والإجماع الدالة على وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، والأمر باتباعه، والاقتداء به صلى الله. 3- العلم والمعرفة بحفظ الله لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال الجهود العظيمة التي قام بها أهل العلم على مر العصور المختلفة، فبينوا صحيحها من سقيمها، وجمعوها على أدق الأصول التي انفردت بها هذه الأمة عن غيرها من الأمم السالفة. 4- استشعار محبته صلى الله في القلوب بتذكر كريم صفته الخَلقية والخُلقية، وقراءة شمائله وسجاياه الشريفة، وأنه قد اجتمع فيه الكمال البشري في صورته وفي أخلاقه صلى الله عليه وسلم. 5- استحضار عظيم فضله وإحسانه صلى الله عليه وسلم على كل واحد منا، إذ أنه هو الذي بلغنا دين الله تعالى أحسن بلاغ وأتمه وأكمله، فقد بلغ صلى الله عليه وسلم الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، ورسولاً عن قومه. 7- استحضار أنه صلى الله عليه وسلم أرأف وأرحم وأحرص على أمته، قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} . 8- الانقياد لأمر الله تعالى بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ومناصرته وحمايته من كل أذى يراد به، أو نقص ينسب إليه، كما قال تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} . 9- استحضار النية الصادقة واستدامتها لنصرته، والذب عنه صلى الله عليه وسلم. 10- الحرص على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، وبعد الأذان، وفي يوم الجمعة، وفي كل وقت؛ لعظيم الأجر المترتب على ذلك، ولعظيم حقه صلى الله وسلم علينا. 11- قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة، مع الوقوف على حوادثها موقف المستفيد من حكمها وعبرها، والاستفادة من الفوائد المستخلصة من كل حادث منها، ومحاولة ربطها بحياتنا وواقعنا. 12- تعلم سنته صلى الله عليه وسلم ، بقراءة ما صححه أهل العلم من الأحاديث المروية عنه ، مع محاولة فهم تلك الأحاديث، واستحضار ما تضمنته تلك التعاليم النبوية من الحكم الجليلة والأخلاق الرفيعة والتعبد الكامل لله تعالى، والخضوع التام للخالق وحده. 13- الحرص على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في المستحبات، ولو أن نفعل ذلك المستحب مرة واحدة في عمرنا؛ حرصًا على الاقتداء به في كل شيء. 14- الحذر والبعد عن الاستهزاء بشيء من سنته صلى الله عليه وسلم. 15- الفرح بظهور سنته صلى الله عليه وسلم بين الناس. 16- محبة آل بيته صلى الله عليه وسلم من أزواجه وذريته، والتقرب إلى الله تعالى بمحبتهم لقرابتهم من النبي صلى الله عليه . 17- محبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيرهم، واعتقاد فضلهم على من جاء بعدهم في العلم والعمل والمكانة عند الله تعالى. 18- محبة العلماء وتقديرهم لمكانتهم وصلتهم بميراث النبوة؛ فالعلماء هم ورثة الأنبياء، فلهم حق المحبة والإجلال، وهو من حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته. وحول مايتطلب من ولاة الأمور في البلاد الإسلامية والدعاة تقول "د. بديعة الطملاوي".. 1- دعوة الدول الإسلامية لتبني رسالتها الدعوية في التعريف بالإسلام ودعم وزارات الأوقاف معنوياً ومادياً لأداء دورها. 2- قيام وزارة الأوقاف بوضع الخطط والبرامج والأنشطة لنشر الفهم الصحيح للإسلام في المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية. 3- قيام الوزارات والمؤسسات بوضع خطط طويلة المدى للدعوة للإسلام والتعريف برسوله الكريم في الغرب، وعدم الاقتصار على ردود الأفعال والجهود الارتجالية والعمل على التنسيق والتكامل بين تلك الجهود. 4- تنظيم منتديات ومؤتمرات فكرية في دول العالم بالتنسيق مع الفعاليات الفكرية والثقافية في تلك الدول وغيرها حول الإسلام وقضاياه. 5- فتح قنوات التواصل مع النخب المثقفة والمؤثرة في العالم لتعريفها بالإسلام وقيمته الحضارية من خلال المحاضرات الأكاديمية والمؤتمرات العلمية وغيرها. 6- اعتماد تدريس مادة خاصة للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم وتربية النشء المسلم على أخلاقه الكريمة وغرس محبته واتباعه وبيان عظمته صلى الله عليه وسلم في جميع مستويات التعليم العام والعالي. وعليه فإن نصرة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - واجبة على جميع المسلمين، قولاً وفعلاً، كل في مكانه ، وأدناها بالقلب، ثم باللسان، ثم باليد؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا، فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ))؛ رواه مسلم، فإن كل إنسان بحسب قدرته واستطاعته، وهي فرض على الكفاية، إذا قام بها البعض سقط عن الآخرين. والدليل على وجوب نصرة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قوله - تعالى -: {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} ، ونصرة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من نصرة الله – تعالى - وقوله - تعالى -: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} ، فعلق الفلاح بالنصرة، فمن لم ينصره، فليس من المفلحين، وقوله - تعالى -: {وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ} ، فنصرة المؤمنين واجبة، ونصرة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أوجب، وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، فهذا في حق المؤمنين، وفي حقِّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أعظم. ومما ينبغي الإشارة إليه أن إذن الشرع للمؤمنين أن ينتصروا لنبيهم -صلى الله عليه وسلم- يكون من غير تجاوز للحد المشروع؛ إذ لا يجوز مقابلة الظلم بالظلم، والفاسد بالفاسد، والبدعة بالبدعة؛ فالمؤمنون قد أمروا - إذا أرادوا الدفاع عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم- بالعدل لا بالظلم، وبالحق لا بالباطل، وبالصلاح لا بالفساد، وبالسنة لا بالبدعة. قال تعالى: [والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون , وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين , ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل, إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم , ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور].