نعم صارت مصر.. كأنها وطن يعيش علي مساحة كبيرة من صفيح ساخن، ولا أقول صدأ، لم تحاول جماعة الإخوان جلوه، أو تغييره، أو إصلاح ما أفسده الدهر علي يد 'المخلوع' ونظامه الفاسد! ولهذا أكاد أجزم بأن ذاك 'الصفيح' يزداد سخونة والتهابًا يومًا تلو الآخر لا بفعل الجغرافيا، والطبيعة، والموسم الصيفي القائظ الحرارة والرطوبة، خاصة في شهور الثورات في مقدمتها شهر 'يوليه' وما أدراك ما شهر يوليو؟! وإنما بفعل الكوارث التي ترتكبها الجماعة الحاكمة 'جماعة الإخوان' في حق الوطن، والمواطن مستقبل البلاد قبل حاضرها. نعم صارت الأزمات والمصائب والمشكلات تتقافز أمام أعيننا كعملية إنتاج 'الفشار' سريع التكاثر والتراكم.. فأكم من مشاريع ملغمة من صكوك إسلامية ثم تختفي الإسلامية.. إلي محور غامض وملتبس لتنمية القناة، إلي حوادث مفجعة تشتبك مع بعضها البعض لتشكل منظومة من العنف والتبعية افتقاد الأمن.. وبالتالي اشتعال المرارات! ولعل أعلاها هولًا، ورعبًا، وإرهابًا، واقعة اختطاف الجنود السبعة في شمال سيناء في يوم الخميس الموافق 16/5 الأمر الذي يدفعنا بمرارة إلي التساؤل: هل فقدت الدولة المصرية في 'زمن الإخوان' الرخو السيطرة علي هذا الجزء العزيز علينا من الوطن وهي سيناء المصرية الذكية حتي نستردها؟! وهل بلغ الوهن والضعف بالدولة المصرية بحيث صارت تتفاوض مع الإرهابين عيانًا بيانًا حتي تسترد جنودها دون أن تستطيع دكهم دكًا حتي تردعهم بل تردع من هم علي شاكلتهم؟! هل يطوق الحكم الإخواني الجيش المصري' ويشل من حركته وإرادته حتي لا يتصدي لهؤلاء الإرهابيين الذين لم يعبروا الدولة ولا الوطن ولا الجيش أدني اعتبار أو اهتمام؟! الأسئلة عديدة والهموم تتكالب علي الرؤوس وتتحول إلي جراح نافذة وهي تسأل عن مصير ضباط الشرطة الثلاثة المختطفين في سيناء ومعهم أمين الشرطة، وأيضًا عن مصير ال16 جنديًا الذين قتلوا علي حدودنا المصرية في 'رفح المصرية' في رمضان الماضي شر قتلة وهم صائمون!! وانتظرنا شهورًا طوال كي يدلنا أحد في الرئاسة، أو الجماعة، أو غيرها من المؤسسات السيادية في الدولة.. ولكن الجواب 'حرثًا' كما قال الشاعر الفلسطيني الكبير 'محمود درويش'.. أي لا جواب.. لمَّا يأتنا بعد.. وكأنهم قذفوا للمجهول، وبيد المجهول خطفوا وقتلوا!! ولعل أداء 'الإخوان' في الحكم منذ مجيء د.محمد مرسي في 30 يونيه 2012.. وهو يقترب من العام.. قد راكم في نهر الحياة المصرية السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، معوقات وأزمات ومشكلات، عكرت ماؤه بل أعاقت الحركة مما أفقد المصريين الأمل في القادم! الأمر الذي دفع الناس بالشكوي والاحتجاج وأحيانًا بالتباكي علي عصر المخلوع! ومن هنا تجمعت فصائل وطنية عديدة، ومنها قوي إسلامية لرفض حكم الإخوان الاحتجاج، ومقاومته بالطرق السلمية المشروعة.. ومن هنا أيضًا تفتق وعي الشباب الثوري عن حملة 'تمرد' تلك الحملة التي تسعي إلي جمع 15 مليون توقيع تجبر بها د.مرسي علي الإذعان ومعه جماعته وعشيرته.. لإجراء انتخابات رئاسة مبكرة بعد أن فاض الكيل بالعباد وازداد الفقر والهم.. ولعل هذا الرقم الذي يسعون إلي تحقيقه يفوق ما حصل عليه د.مرسي شخصيًا كي يفوز بمنصب الرئاسة! ولمن يعترض علي حملة 'تمرد' ومن يشن عليها حربًا شعواء من 'أهلي وعشيرتي' نذكرهم بالتاريخ.. وبحملة مشابهة قام بها رفاق ثورة 19 وهم يجمعون التوقيعات ليذهب بها زعيم الأمة 'سعد زغلول' إلي 'لندن' ليتفاوض باسم الشعب المصري للمطالبة بالجلاء من الاستعمار والإنجليزي الجاثم علي قلب الوطن وربما هذه الواقعة التاريخية الموثقة اتعطي مشروعية لما يقوم به الشباب المصري الباهر، في الموجه الثانية لثورة 25 يناير المجيدة تلك الموجه التي يستهلها بجمع التوقيعات بطريقة سلمية، ومشروعة، دون عنف، أو مراوغة، أو كذب أو افتئات كما شاهدنا أساليب الجماعة وهي تتسلح بكل ما هو مراوغ وكاذب وملتبس! ولأنها جماعة عاشت دهرًا تحت الأرض '85 عامًا' فلا تزال أساليب التنظيم السري يصاحبها ودائمًا نظرية المؤامرة تقودها، وللأسف من فشل إلي فشل كبير.. وهم يخترعون حملة مضادة ل'تمرد' ويسمونها 'تجرد' ولا نعرف تجرد من أي شيء؟! ولا عجب أن يستخدموا الدين- والدين الصحيح منهم براء- في محاولة لتكفير 'تمرد' وشبابها الباهر! فيصف أحد الشيوخ المتحالفين عبده مشتاق- بأن الذي يتمرد علي د.مرسي مثل إبليس الذي تمرد علي مشيئة الله سبحانه وتعالي!! ألا يعد ذلك كفرًا صريحًا؟! عندما يضع الشيخ د.مرسي في مكانة الله؟! والعجيب ألا يردعه أحد وكأن العشيرة والأهل صاروا من أهل الكهف.. صم، بكم، عمي.. فهم لا يفقهون!! ولقد تذكرت واقعة حدثت في أواخر زمن المخلوع.. بل لعلها كانت تؤذن بزواله. في نقابة الصحفيين التي دعت لمؤتمر حاشد يتضامن مع حركة استقلال القضاء، ويرفض الاعتداء الآثم علي 'القضاء' ويدين سياسة القمع والاستبداد التي مارسها النظام علي 'القضاة'.. خاصة واقعة اعتداء ضابط البوليس علي القاضي محمد حمزة'.. بعد أن جذبه علي الأرض وانهال عليه بالضرب.. هذه الواقعة أشعلت المؤتمر.. بل جعلت الأرض تهتز من تحت أرجل رجال النظام البائد!! وقد وقفت علي المنصة المستشارة 'نهي الزيني' لتطالب بحملة لجمع التوقيعات علي نسق ما تم في ثورة '19' وتيمنًا بها.. والهدف من ورائها إسقاط نظام المخلوع. أما وقد قام الشباب الثوري ممثلاً في طليعته التي أشعلت الثورة '25 يناير' وتضامن معها جميع الفئات من الشعب المصري حتي سقط المخلوع، لكن لم يسقط نظامه بعد فهل سيفاجئنا هذا الشباب الرائع ممثلًا في حملة 'تمرد' بمفاجأة مدوية قريبة في '30 يونيه' أم أن مصر حُبْلَي بالمفاجآت والمتغيرات الكبري علي الدرب الطويل؟!