منذ أن داهمنا فيروس كورونا بشراسة فى منتصف مارس الماضي، وأجبرنا على البقاء فى المنازل، والنزول إلى الشارع بمحاذير، انقسم المجتمع إلى نصفين: الأول؛ ملتزم تمامًا وقلق، الثاني؛ مؤمن بنظرية الإنكار وتصديق روايات من نوع إن الفيروس اختراع"صيني"، وحرب بيولوجية لا علاقة لنا بها.. هذا النوع هو من بحت أصوات المسئولين فى الصحة والأطباء لنصحهم وإقناعهم بخطورة الأمر، ولكنهم لا يهتمون حتى مع تخطي عدد الإصابات العشرة آلاف إصابة، والوفيات تجاوزت الخمسمائة. هذا النوع الذى يتعامل مع الوباء على أنه "شبح" لن يقترب منهم، هم من يرتكبون تصرفات لا تتفق إطلاقا مع أبسط مبادئ الوعي الصحي، حيث حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بمشاهدات من الشارع تحكي روايات عن قيام بعض المواطنين أمام المصالح التى تلزم بارتدائها قبل الدخول، بتبديل الكمامات بل واستغلال البعض للوضع، وتأجيرها لمن يرغب، فى عملية يمكن تسميتها ب"الكمامة الدوارة"!. المشاهدات المتداولة أكدها نائب السويس طارق متولي، وعضو لجنة الصناعة، الذى أشار إلى أن الوعي بآليات، وطرق استخدام هذه المستلزمات الطبية بشكل صحيح، وسليم غائب لدى بعض المواطنين، والبعض الآخر يحاول استغلال هذه النقطة فيمثل غياب الوعي بابًا للنصب عليهم، حيث انتشرت صور تؤكد تأجير "الكمامات" للدخول بها إلى الأماكن الحكومية وسط الزحام، وهو ما ينذر بكارثة تظهر بعدها بعدة أيام.. وطالب النائب وزارة الصحة بضرورة عمل نشرة صحية يومية للمواطنين عن كيفية وطرق ارتداء الكمامة والتخلص منها بطريقة سليمة وصحية، بالتعاون مع النقابات المهنية والطبية ومنظمات المجتمع المدني المعنية. وبغض النظر عن غياب الوعي بين هؤلاء المواطنين بخطورة ارتداء كمامة مستعملة، باعتبارها مصدرًا أساسيًّا لنقل العدوى، وبغض النظر أيضًا "الفهلوة" التى يتعامل بها البعض مع أمور غاية فى الخطورة على الصحة العامة سواء من جانب من يقبل استخدام كمامة ارتداها قبله شخص قد يكون مصابًا أو حاملاً للفيروس، أو من أولئك الذين وجدوها فرصة للتربح واستغلال الأمر حتى لو كان على حساب "جثث ضحايا" هذا التصرف، فإن السؤال الذى يطرح نفسه.. لماذا لا تلزم المصالح نفسها ببيع "الكمامة" للمواطنين المتعاملين معها بأسعار مخفضة، أو بجنيهين فقط، كما تفعل سلسلة متاجر شهيرة، ولماذا لا تقوم البنوك بذلك أيضا؟ نتمنى على المسئولين فى الحكومة تدارك هذا الأمر وخطورته، وأن تخصص منافذ بيع أو تلزم المصلحة الحكومية أو البنوك، بتوفير الكمامة للعملاء بأسعار مخفضة، خاصة أن إنتاج الكمامات أصبح وفيرًا فى الأسواق، لأننا بذلك نكون قد قضينا على مصدر مؤكد من مصادر العدوى، مع توصيل رسالة لهؤلاء المستهترين بخطورة ما يرتكبونه على أنفسهم أولاً وعلى المجتمع ككل.. ليتنا نفيق وننسي قليلاً نظرية "خليها بالبركة".. قبل أن يفتك كورونا بمزيد من الضحايا!! حفظ الله مصر وشعبها ورفع عنا الوباء.