' هنا القاهرة '.. 'هنا القاهرة'.. 'هنا القاهرة'.. عبارة تم بثها من أرض سوريا حين اعتدي العدوان الثلاثي الغاشم علي مصر في 29 أكتوبر 1956. عندما ضربت إحدي الغارات هوائيات الإرسال الرئيسية للإذاعة المصرية آنذاك، لم يخرس صوت مصر وخرج المذيع السوري ليعلن من دمشق: هنا القاهرة.. متحديا قوي العدوان المتجبرة.. لتحذو عدة إذاعات عربية في عدة عواصم حذو راديو دمشق وتبدأ برامجها بعبارة 'هنا القاهرة'. غصة في القلب ودمعة تأبي أن تسيل علي سوريا، تركناها جميعا ليغتصبها كلاب العصر، تركناها تستغيث برجولتنا ونخوتنا وعروبتنا نساء ورجالا وشبابا وجميعنا صم أذنه وأغمض عينيه وقطع لسانه وشنق ضميره، تركناكي يا سوريا فريسة لخوارج هذا العصر يمزقون ثيابك وينهشون عرضك ويستبيحون دمك ويغتالون أهلك بالمئات والآلاف بل وعشرات الألوف، يدمرون بنيتك وجيشك وتاريخك ومؤسساتك بينما نشاهد عهر الذقون وهي تنبح تردد باسمك اللهم وأنت منهم يا رب بريء.. تركناك يا سوريا وصرنا كما قال الشريف علي بن أبي طالب أننا 'الناس من خوف الذل في ذل' فصرنا الأذلاء الجبناء الخانعين، قتلناكي يا سوريا حين سمحنا لتجار الدين يحتلون أرضنا وأرضك باسم محمد بن عبد الله وباسم الإسلام وجبريل والجهاد والمشروع الإسلامي، فهل محمد وربه ووحيه ودينه يرتضون اغتصاب حرائرك بدعوي أنهن سبايا؟! وهل محمد وربه ووحيه ودينه يرتضون بإغراق شوارعك بالدم، دم العذاري والحبلي والعجائز والصغيرات في المهد؟! وهل محمد وربه ووحيه ودينه يرتضون استباحة أرضك وأرضنا واغتيال أهلك وأهلنا، الطلبة في المدارس والجامعات، الأطفال في أحضان أمهاتهم، المرضي علي أسرة مرضهم في المستشفيات، الموظفون الذين تم إلقائهم أحياء من مكاتب عملهم؟! عن أي دين وأي رب وأي محمد وأي وحي وأي جهاد يتحدث عهر هؤلاء؟! يا سوريا لا تسامحينا لأنك إن فعلتي فقد ازددنا ذلا ومذلة ومهانة وعارا.. يا سوريا لا تستصرخينا ولا تستغيثي بنا فكلنا ضعف وانكسار وقلوبنا ونفوسنا مليئة خرابا ودمارا.. يا سوريا لا تموتي واصمدي فلك إله هو رب العالمين جبارا وقويا وقهارا، أما نحن، فاتركينا نختبئ تحت الكراسي تارة وتارة أخري تحت عباءات العار.. يا سوريا عيشي أنت، فالمجد لك ولشهدائك وحرائرك ومقاوموك، أما نحن فمن عار إلي عار.. تحيا الجمهورية العربية المتحدة.. يحيا ناصر الذي مات ولم يمت.. تحيا سوريا وتحيا مصر.. والموت للعملاء والجبناء والخونة وتجار الدين، تحيا سوريا يا وطن في غفلة سيكتب عنها التاريخ غدا أننا كنا في عداد الأموات بينما ضرب العدو الصهيوني سوريا وقتل مئات الشهداء من جيشها الذي تكالب عليه الكلاب من الداخل والخارج.. المجد يا سوريا لك ولشهدائك ولأهلك الصابرين الصامدين.. والعار، كل العار لمن خانك ومن خذلك ومن غض بصره عن حماية أرضك وعرضك..