لن تكون "كورونا" آخر المطاف..فهي، وإن اقتحمت عالمنا في وقت "مضطرب"..لكنها ستبقى جزءًا "من حرب "مكتومة"..تدور رحاها منذ سنوات، بين قوتين، تتصارعان علي مركز "القطب الأوحد" في العالم. ولندرك أبعاد ما يجري،علينا تأمل الصورة "المستترة"، في خلفية حرب "مستعرة" منذ سنوات..فقبيل تفكيك "الاتحاد السوفيتي" الذي كان يعرف باسم "الدب الأحمر" في العام 1991 ، ومع انتهاء "الحرب الباردة،بين أمريكا وروسيا،كانت مراكز الأبحاث الأمريكية قد أعدت تقريرا حول "العدو الإستراتيجي" المنتظر بحلول العام 2020. في هذا الوقت، كانت كافة مراكز الأبحاث العالمية، تحذر من "التنين الأصفر"نسبة إلى"الصين"، التي كانت قد بدأت، في السنوات الماضية، الصعود بشكل "مخيف"، سواء علي الصعد العسكرية، أو الاقتصادية، أو الإستراتيجية؛ الأمر الذي حدا ببعض منظري وخبراء السياسات الأمريكية حول العالم إلى تصنيفها كمهدد خطير للأمن القومي الأمريكي..وراحت تضع كافة الاحتمالات المستقبلية، بما فيها دور القواعد المتمركزة في "أوراسيا" و"الشرق الأوسط" في حال نشوب حرب ومواجهات بينهما. وانطلاقا من هذا الشعور بالمخاطر، التي راحت تتنامى بقوة في الواقع الأمريكي، بدأت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" في الاستعداد للمواجهة المرتقبة، وذلك عبر تطوير منظومة الصواريخ الأرضية "المجنحة المحظورة"، خاصة بعد خروج واشنطن من معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى لردع الصين، وقدراتها الصاروخية،وترقية منظومة السيطرة في سيناريوهات الحرب عليها.0 وبتخطي المقارنة الحسابية بين الجيشين، تتميز إمكانيات الصين العسكرية من حيث منع الوصول وحظر المناطق وسيناريوهات الحرب البحرية التي حذرت من قوتها الصاروخية،وحرقها مواقع كثيرة بالمحيط الهادي حتى شمال أستراليا، علاوة على مدمراتها التي تفوق مثيلتها الأمريكية واليابانية من حيث نوعية التسليح الصاروخي والإلكتروني. وتعد الحرب البرية على الصين ضربًا من الخيال، ويستوعب ذلك كلا الطرفين وحلفاؤهما ومدى الدمار الشامل على منطقة شرق آسيا ومناطق كثيرة أخرى. المخاوف الأمريكية، مبعثها بناء الصين،وامتلاكها قواعد الصواريخ المضادة للسفن التي تعوق حرية القوات البحرية الأمريكية،حيث احتلت الصين خلال السنوات القليلة الماضية المركز الثاني بعد الولاياتالمتحدة في الإنفاق العسكري علي مستوى العالم، وأصبحت منافسا شديدًا لسوق السلاح الأمريكية؛ الأمر الذي تعاملت معه أمريكا بتوظيف كل الوسائل المؤثرة لعرقلة نمو الصين في حرب تجارية معلنة، وأخري فيروسية، حتى لو أنكرت واشنطن،وذلك بعد أن فشلت الأجهزة الأمريكية في اختراق الحزب الشيوعي الصيني، والنظام الحاكم في بكين، بجواسيس يفككون الدولة الصينية، كما نجحوا مع الاتحاد السوفيتي القديم، وفوق ذلك فشل واشنطن الذريع في زرع أجهزة تنصت متقدمة، لفك الاتصالات الصينية المشفرة، وغير ذلك، بفعل المنظومة التكنولوجية المتخصصة،التي اعتمدت عليها الصين. علي ضوء هذه التباينات، تعمل الولاياتالمتحدة على التعامل مع الصين، كعدو استراتيجي، رافعة شعارها الأحادي البعد: "أمريكا أولًا"، ضد التعاون الدولي متعدد الأطراف، وتزيد الطين بلة بالتلويح بتكلفة الحماية الأمنية لحلفائها واستغلالهم لها دون دفعهم المقابل المناسب، بل تريد من الجميع الالتزام بقبلة "إعادة العظمة لأمريكا" دون حساب لانهيار النظام العالمي وتفشي انعدام الأمن. وحقيقة الأمر في الصراع مع الصين كقوة عظمى منافسة لأمريكا اقتصاديًا وتقنيًا، ودخولها بعد مرحلة النمو الاقتصادي السريع مرحلة التنمية عالية الجودة، ومشروعها الحضاري "طريق الحرير"، وإطلاقها شبكات الجيل الخامس، وسعيها إلى الاستقلال عن فضاء الإنترنت الأمريكي الأوحد، فإن كافة المؤشرات بعد"حرب كورونا" تكاد تقطع بأن الصين ستخرج منتصرة في نهاية المطاف، وستقضي علي أسطورة "أمريكا أولا".. و"القطب الأوحد".