شهر شعبان من الأشهر المحببة إلي قلوب المسلمين، فهو الشهر الثامن في ترتيب أشهر السنة الهجرية، وهو الشهر الذي يسبق شهر رمضان المبارك، حيث يتمّ خلال أيامه المباركة التمهيد للصيام والأعمال الصالحة وفعل الطاعات عند المسلمين، ولهذا فقد شرع فيه الصيام من اجل الاستعداد لاستقبال شهر رمضان، حيث يتم خلاله ترويض النفس علي دوام طاعة الله وحسن عبادته. ولشهر شعبان فضائل كثيرة وعديدة، وقد قيل أن تسميته ترجع إلي أن العرب قديما كانوا يتشعّبون فيه للبحث عن الماء، وفي بعض الرّوايات لتشعّبهم في الغارات، وقيل انه شهر القرء من القراءة: قال سلمة بن كهيل الحضرمي الكوفي التابعي رحمه الله تعالي: وذلك لأن القوم كانوا إذا أقبل عليهم شهر شعبان تفرَّغوا لقراءة القرآن الكريم، ومن ثَمَّ قالوا: شعبان شهر القُرَّاء، وفي ذلك قال أيضا سلمة بن كهيل الحضرمي الكوفي التابعي رحمه الله تعالي: وذلك لأن القوم كانوا إذا أقبل عليهم شهر شعبان تفرَّغوا لقراءة القرآن الكريم، ومن ثَمَّ قالوا: شعبان شهر القُرَّاء، ومن فضائله أيضا أن الرسول ص، كان يُكثر الصيام في شهر شعبان أكثر من أيّ شهر آخر، وذلك لقول أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: 'ما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا في رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان'. ونظراً لأنّ شهر شعبان يكون مقدمةً لشهر رمضان، فيكون الصيام فيه كتمرينٍ للعبد المسلم، وبذلك يكون قد اعتاد عليه، حتي لا يكون في صيام شهر رمضان مشقّة وتعب وكلفة علي الناس، بل يُقبلون عليه بكلّ همّة ونشاط، وأمّا الإمام ابن القيم فيقول في صوم شهر شعبان أنّه تعظيم لشهر رمضان، وهو الشهر الذي تُرفع فيه الأعمال إلي الله تعالي، لقوله عليه السّلام: 'ذلك شهر يغفل النّاس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلي ربّ العالمين، فأُحبّ أن يُرفع عملي وأنا صائم'. شهر شعبان هو شهر قراءة القرآن الكريم: وذلك لقول سلمة بن كهيل الخضرميّ الكوفيّ التابعيّ أنّ القوم كانوا إذا جاء شعر شعبان تفرّغوا لقراءة القرآن، وتدبّره، والعمل به حتي سُمّي بشهر القرّاء، وشعبان هو شهر الأعمال الصالحات والطاعات التي تقرّب العبد من ربه تعالي، فهناك الكثير من الأعمال التي يمكن أن يقوم بها العبد المسلم، ومنها الصدقة ولو بشقّ تمرة، وصلاة النوافل وقيام الليل، والأذكار وهي الباقيات الصالحات، وإخراج زكاة الأموال، ودعاء الله تعالي، فكان السّلف الصالح يتركون مشاغل الدنيا، ويقبلون علي الله بجميع الأعمال التي تقرّب إليه، كما أن من أهم فضائله وجود ليلة النصف من شعبان وهي ليلة الخامس عشر منه، أي الليلة التي تسبق يوم الخامس عشر، وتبدأ من بعد صلاة المغرب وحتي دخول صلاة فجر اليوم التالي. ولهذه الليلة أهمية خاصّة في الإسلام، لأنه تم فيها تحويل القبلة من بيت المقدس إلي البيت الحرام بمكة المكرمة - بالعام الثاني من الهجرة علي أرجح الآراء - بعد أن صلي المسلمين قرابة الستة عشر شهراً تقريباً تجاه المسجد الأقصي. ولأنه ورد فيها عدة أحاديث نبوية تبيّن فضلها وأهميتها، ويحييها عدد من المسلمين بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن والدعاء ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة، ورد في فضلها عدة أحاديث مجموعها يدل علي أن لها أصلاً، بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف وبعضها شديد الضعف، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلي ندب إحياء ليلة النصف من شعبان لأنها تكفر ذنوب السنة كما أن ليلة الجمعة تكفر ذنوب الأسبوع وليلة القدر تكفر ذنوب العمر، ولأن هناك خمس ليالي لا يرد فيهن الدعاء: ليلة الجمعة، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان.