وسط ما تتعرض له مصر من مخاطر تتعلق بما يواجه المصريين ويهدد حياتهم بسبب نقصان موارد المياه وتفاقم تلك المشكلة بأبعادها المتعددة، وإفصاح الرئيس عبدالفتاح السيسى عنها مؤخرًا خلال مؤتمر الشباب أى بدخول مصر لمرحلة الفقر المائى، إضافة إلى الآثار السلبية المتوقعة من جراء بناء سد النهضة الإثيوبي، وبما سيؤثر على نقصان حصتنا المنصوص عليها من مياه النيل لسنوات مقبلة، فبرغم استمرار المفاوضات الشاقة وغير المثمرة مع الجانب الإثيوبى فى وقت يمكن أن تتعرض له مصر وشعبها خلال فترة ملء السد أو ما بعده من انقطاع المياه وشحها بنهر النيل وبالتالى نشوء أزمة كبيرة تتعلق بحياة وأرواح ملايين المصريين وتعطيش أراضيهم وبتوقف السد العالى عن العمل، وبما يهدد مستقبل الحياة بمصر لأجيال قادمة، وإذا كانت مصر تشعر بفداحة هذا الخطر وتحذر الأطراف الأخرى من مغبة كوارثه، فإن الجانب الإثيوبى ومنذ العام 2011 لايزال مصرًا على تعنته وتملصه، ومن مواقفه ومواقف مسئوليه التى تتعمد تجاهل حقوق ومخاوف الطرف المصرى، بل ومتجاهلة لكل التحذيرات والدراسات الفنية المقدمة والمتعلقة بمخاطر إقامة السد وتشغيله، وبدون مراعاة واحترام الاتفاقات والقوانين الدولية المبرمة التى تتعلق بتأمين حصة مصر من مياه النيل، ناهيك عن المراوغة والتعنت والتسويف وعدم الإكتراث خلال المفاوضات الرسمية التى جمعت الأطراف الثلاث، وبرغم عدم جدية إثيوبيا فى المفاوضات وعدم وضوح موقفها ونواياها الحقيقية تجاه تلك الأزمة فإن مصر لا تزال مصرة على إتباع الطرق السلمية والدبلوماسية الراقية فى التعامل مع تلك الأزمة وأحقيتها فى تأمين حصتها، فإن الشارع المصرى يعيش حالة من الغليان والقلق على حياته ومصيره، ومع ما تقوم به السلطات المصرية والمختصين من جهود ومشاريع لسد عجز المياه بإقامة مشاريع تحلية مياه البحر وإعادة تدوير وتنقية مياه الصرف الصحى فان كل تلك الحلول والمعوقات والتحديات على هذا النحو لا تضمن بما يكفى لطمأنة المصريين على حياتهم ومستقبلهم، وهو الأمر الذى يمكن أن يدفع المختصين بمصر وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية لإعادة النظر فى مشروع نهر الكونغو وإمكانية ربطه بنهر النيل، وذلك بعد أن أبدت كل من روسيا والصين مشاركتهما فى إقامة هذا المشروع بتكاليف اقل بكثير عما سبق، وليصبح بذلك هذا العمل فى حالة موافقة المسئولين عليه مشروع مصر القومى. فأمام ما قامت به مصر من مشروعات جبارة خلال السنوات الخمس الماضية تصبح وبإرادة شعبها قادرة على التحدى وإنجاز المشروع وتذليل كل الصعوبات من أجل أن يرى النور، وبتحقيقنا لهذا المشروع نكون قد سبقنا الزمن وضربنا مشروع سد النهضة الذى يستهدف مصر وحضارتها وأمنها القومى, ولن يتأتى لنا تحقيق ذلك إلا من خلال سرعة اتخاذ الخطوات والدراسات العلمية المتخصصة والمخلصة، والاعتماد فى تنفيذ هذا المشروع القومى على سواعد المصريين، وبالوقوف أيضًا فى وجه البيروقراطية والعقليات العقيمة المتواجدة ببعض مؤسساتنا، وعندها فإن مصر ستظل ومنذ فجر التاريخ بلد المعجزات والإنجازات العظيمة التى تجعل منها ومن شعبها ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً مثلاً أعلى لكل الدنيا.