«أنا المختار من الله لإصلاح الخلل فى العلاقة التجارية مع الصين».. هكذا وصف الرئيس الأمريكى «ترامب» نفسه فى دلالة على استمرار نهجه فى محاربة الصين تجاريًا، وهو ما ظهر جليًا فى دعوته لشركة «آبل» الشهيرة بمغادرة الصين، وثناها بدعوته للشركات الأمريكية الكبرى بالبحث «فورا» عن بديل للصين، والتوجه نحو الاستثمار داخل الولاياتالمتحدة، مضيفًا: «لا نحتاج إلى الصين، وبصراحة، سنكون أفضل بدونهم». ومن جانبها، رفضت غرفة التجارة الأمريكية دعوة «ترامب»؛ حيث جاء فى بيان لنائب الرئيس التنفيذى للغرفة «مايرون بريليانت» أن الغرفة تؤمن بأن الالتزام البناء هو الطريق الأنسب للمضى قدمًا، مضيفًا أن «الوقت هو جوهر المسألة هنا، ولا نريد أن نرى تدهورًا أكبر للعلاقات الصينيةالأمريكية». ويبدو أن المواجهة بين الدولتين العظميين لن تقف عند المواجهة التجارية فقط، بل تمتد إلى ما هو أخطر وذلك إثر تصريح وزير الدفاع الأمريكى الجديد «مارك إسبر» بأن بلاده تخطط لنشر صواريخ أرضية متوسطة المدى جديدة فى آسيا فى المستقبل القريب، لا سيما بعد أن انسحبت أمريكا فى الثانى من أغسطس الجارى من «معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى» الموقعة مع روسيا (الاتحاد السوفيتى سابقًا) منذ عام 1987م، وهو ما دعا الرئيس الروسى إلى اتهام أمريكا صراحةً بالتخطيط للخروج من المعاهدة لتطوير صواريخ كانت محظورة ضمن المعاهدة، ومنها صواريخ «توماهوك» التى تُنشر برًا بحيث يمكن إطلاقها من منصات فى رومانيا وبولندا، وهو ما يخلق تهديدات لروسيا، ويدعو إلى سباق تسلح جديد. أما عن علاقة الصين بذلك، فيتلخص فى أنها لم تكن موقعة على المعاهدة الملغاة من الأساس، حيث لم تكن الصين فى عام 1987م تمثل تهديدًا عسكريًا لأحد، ولكن خلال الثلاثين عامًا الماضية باتت الصين دولة متطورة عسكريًا وتملك ترسانة ضخمة من الصواريخ قادرة على تهديد أمريكا وقواعدها المنتشرة فى «الفناء الخلفي» للصين بآسيا (اليابان، وكوريا الجنوبية، وغيرهما). وبالطبع، لن تقف الصين مكتوفة الأيدى أمام الحرب التى تشنها أمريكا حاليًا عليها، سواء تجاريًا أو عسكريًا، وهناك خيارات عدة يملكها الصينيون أهمها «السلاح الاقتصادي» الذى أثبت جدواه سابقًا إذ يجرى الحديث الآن عن عقوبات اقتصادية، مثل تقييد استيراد البضائع من الولاياتالمتحدة، والضغط على شركاتها العاملة فى الصين، ويزيد من أهمية هذا الخيار أن الصين هى أكبر شريك تجارى لمعظم دول المنطقة. وفى السياق نفسه، لا ننسى ما قامت به أمريكا منذ سنوات من نشر لصواريخ «تاد» بكوريا الجنوبية بدعوى مواجهة خطر كوريا الشمالية، وهو ما اعتبرته الصين تهديدًا مباشرًا لها، فلجأت لعقوبات اقتصادية صارمة ضد كوريا الجنوبية التى أعلنت -فى النهاية- أسفها وندمها على نشر الصواريخ الأمريكية!!