ظهر ترامب كمتعصب وعنصرى ونرجسى ومعادى للمرأة ولطالما اعتقد أن الأبيض هو المواطن الأمريكى الحقيقى. أما المهاجرون فهم أمريكيون بشكل مشروط. ولهذا لم يكن مفاجئا الاستماع إليه وهو يطالب أربع نائبات بالكونجرس بالعودة إلى بلادهن التى جاءوا منها. كلامه هذا يجسد العنصرية الواضحة والتى يتردد صداها مع الفكرة التأسيسية للقومية التى تبناها ترامب منذ وقت طويل. لقد خرق ترامب بذلك قولا وفعلا القيم التى تطمح الولاياتالمتحدة إلى التمسك بها والتى تتصدرها المساواة بناء على القانون والحرية الدينية والحماية للجميع من الاضطهاد؛ حيث إنه لا يؤمن بأى منها. ولهذا أعلن أنه سيوقف اللجوء على الحدود الأمريكية المكسيكية رغم تحذيره من أن المحاكم سترفض قراره. إن ما يقوم به ترامب ليس إلا محاولة لتذكير الأمريكيين بأنه الشخص الذى يدير البلاد وبيده القرار الذى اتخذه وفيه ازدراء للحقوق المدنية. إنه ترامب الذى يشعر بالألم من فكرة أن الدستور الأمريكى لا يفرق فى اللون. لم يأل ترامب جهدًا فى الاستغراق فى العنصرية. وآخر ملامحها دعوته لبرلمانيات ديمقراطيات للعودة من حيث أتين معتبرا أنهن جئن من دول تعانى حكوماتها أوضاعًا كارثية هى الأسوأ والأكثر فسادا والأقل كفاءة فى العالم وأردف قائلا: (مناطقهم فاشلة تنتشر فيها الجرائم. والغريب أن يأتين بعد ذلك ليعلمونا كيف نعمل). مضى ترامب وحمل عليهن واتهمهن بكراهية إسرائيل. الغريب أنه يتحدث عن نائبات جرى انتخابهن من قبل الناخب الأمريكي. ولهذا تعرض لانتقادات شديدة من مسؤولين فى الحزب الديمقراطى حيث وصفوه بالعنصرى الذى يميل إلى بث الكراهية ضد الأجانب. بل إن مجلس النواب ندد بعنصريته وسارعت « نانسى بيلوسى» رئيسة مجلس النواب ورفضت تعليقاته التى تنم عن كراهية الأجانب والرامية إلى تقسيم الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولهذا صوت مجلس النواب الأمريكى على قرار يدين تصريحاته حيال النائبات الأربع واتهامه لهن بالتحريض ودعم الإرهاب ضد الولاياتالمتحدة. لقد كان غريبا حقا أن يمضى ترامب فيتحدث عن نائبات انتخبن. ولكن بدا وكأن وراء تعصبه هدفا سياسيا ألا وهو صرف نظر الرأى العام عن فشله سياسيا والعمل على الهاب عاطفة قاعدته الانتخابية للفوز بفترة ولاية ثانية فى البيت الأبيض. على أساس أن تصريحاته العنصرية هذه لن تضعفه فى الحملة الانتخابية المقبلة بل على العكس تضعف خصومه فى الحزب الديمقراطى. لا سيما وأن النائبات الأربع صدرت عنهن مواقف وتصريحات لا توافق عليها غالبية الأمريكيين. والنموذج النائبة «إلهان عمر» التى شاركت فى حملة من أجل مقاطعة إسرائيل، وهو ما يعتبره ترامب يمثل موقفا عنصريا ضد اليهود. كما أن النائبة نفسها هونت من أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001. لقد بدت تصريحات ترامب العنصرية وكأنها استراتيجية تعتمد على حكم الشارع. ويبدو أنه قد ثبت لديه أنه كلما زاد فى وتيرة تلك التصريحات المثيرة كلما ارتفع رصيده بين مؤيديه. ولا غرابة فنحن أمام رجل فى البيت الأبيض مختلف كلية عن جميع من شغلوا هذا المنصب من قبل؛ فلقد تراءى له أنه نموذج فريد من نوعه، وأنه رجل قوى يقدم على فعل أمور تبدو للكثير من الأمريكيين بأنها معقولة بل مطلوبة، ومن ثم شرع يجازى كل من يجترئ ويعارضه ويسير عكس التيار الذى نسجه وأراد أن يمليه على الجميع.