يوم الاثنين القادم السابع من يناير 'ووفقًا للتقويم القبطي' يحل عيد الميلاد المجيد ذكري مولد نبي الله السيد المسيح عليه السلام، الذكري تستدعي لنا وجوب تكريس قيم المحبة والتسامح والعيش المشترك كي يكون نموذجًا للإخاء الإسلامي المسيحي ولثقافة الحوار وحرية العبادة، ولا شك أن تعاليم السيد المسيح هي نبراس يقتدي به كل محب للخير والعدل والإنصاف. الجدير بالذكر أن المنطقة العربية هي الوحيدة في العالم التي رسخت قيم العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين خلال تاريخها الطويل، ولهذا يتذكر المرء كيف أن مسيحيي الشرق انضموا إلي جيش 'صلاح الدين'، ووقفوا جنبًا إلي جنب مع أشقائهم المسلمين في مواجهة الفرنجة الذين غزوا المنطقة تحت ستار الدين بينما كانوا يهدفون إلي الاستيلاء علي ثروات الشرق وتحويله ليصبح جزءًا من امبراطوريات الغرب. الإخاء والمحبة بين المسيحيين والمسلمين تستدعي أيضًا ما نراه من تكاتفهما في الأرض الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وعملهما معًا للذود عن المقدسات الإسلامية والمسيحية. عيد الميلاد المجيد مناسبة تستدعي نصيحة تساق إلي كل حاكم في المنطقة بضرورة الحرص علي تعميق أواصر الإخاء والمواطنة والعيش المشترك، فهي علاقات مقدسة يتعين علي كل حاكم في المشرق العربي مراعاتها والحفاظ عليها وتجذيرها، فالحاكم الحكيم هو من يسعي إلي توثيق العلاقات والعمل علي أن تكون دولته منطلقًا ونموذجًا لحوار الأديان وللوسطية والاعتدال، وأن ينأي بنفسه بعيدًا عن التطرف الديني والتزمت والتعصب والمتاجرة بالدين. في عيد الميلاد المجيد يبعث كل مصري بتهنئة حارة للإخوة الأقباط ويشاركهم الفرحة بالاحتفالات ليبقي ذلك شاهدًا علي المحبة التي تجمع المسلمين والمسيحيين، وحرص كل منهما علي العيش المشترك والعمل معًا في وطن واحد تظلله مبادئ التسامح والإخاء والحق والعدل والمساواة من خلال قيم المواطنة. ويظل التقدير والاحترام والوئام هو الجامع المشترك بين المسلم والقبطي، فكلاهما يشكل نسيج المجتمع، فالأقباط أخوة في الوطن يجمعهم بالمسلمين مبدأ المواطنة، كما أن القبطي يشكل عنصر إثراء لمصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ولهذا يتعين علي كل مواطن في مصر الحفاظ علي التآخي بين المسلم والقبطي بوصفه إنجازًا يجب عدم التفريط فيه أو إهداره تحت أي سبب من الأسباب، ولهذا يجب أن نعمل معًا من أجل رفعة هذا الوطن، ونتبني المقولة الرائعة التي كان الراحل قداسة البابا 'شنودة الثالث' يرددها دومًا 'الدين لله والوطن للجميع'. وفي هذه المناسبة السعيدة نرفع التهنئة القلبية لقداسة البابا 'تواضروس الثاني' بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وإلي الإخوة الأقباط قائلين: 'المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة' وكل عام وأنتم بخير.