يكون المطلق حريصًا على تحمل المسؤولية على الأقل فيما يتعلق بحياته، فيقدم على أداء كل شىء بنفسه، كما أن لديه مسبقا التوقعات التى ستنتظره. والمطلق غالبا ما يعمد إلى زيادة دخله فحياته تستدعى مصاريف أكثر من حياته عندما كان ينعم بالاستقرار فى بيت الزوجية. وهذا البند غالبا ما يشكل عقبة أمام الرجل الذى يشعر بأن المشاكل العاطفية التى نجمت عن الطلاق كفيلة بشل حركته والحد من نشاطه فى العمل. فضلاً عن أن المطلق يعانى فى البداية من جرح الانفصال عن أولاده. ويبدأ بعد التجربة المريرة فى تغيير تصوراته عن الحياة. وإذا كانت المرأة المطلقة كثيرًا ما تشكو من قلة الحيلة مع الشعور بافتقاد الجاذبية وفقدان هويتها الفردية بعد أن اندمجت وذابت فى هوية زوجها، فإن الرجل المطلق يسيطر عليه الشعور باللانتماء ويفقد الإحساس بالمكان، فالانفصال يعمق شعوره بأنه إنسان لا جذور له، وتطفو على السطح احتياجات عديدة كان يعتمد فيها على الطرف الآخر. كما يظهر الإحساس بالذنب ممتزجا بالقلق والاكتئاب. إن الطلاق صفعة لكل من الرجل والمرأة. ولكن بالنسبة للرجل يؤدى إلى شعوره بالفشل وينتابه الشك فى قدرته على التكيف فى المواقف الاجتماعية وتكثر مشاكله فى ميدان الجنس والعمل. وقد يسيطر عليه فى لحظة اليأس إحساس بانعدام احترامه لذاته ويهرب من ذلك بالاندماج فى نشاطات اجتماعية كثيرة كأن يشغل نفسه بدروس ليلية فى التصوير، واللغات والرقص والجولف والتنس. ويمضى أحدهم قائلاً: (سأفعل أى شيء لتجنب الذهاب إلى البيت. قد أذهب إلى السينما حتى لو اضطررت إلى مشاهدة الأفلام السيئة، وقد أجالس الغرباء حتى لو اضطررت إلى الانخراط فى أحاديث مملة. لقد اعتدت أثناء الزواج أن أعود من عملى إلى المنزل كنت أتناول القهوة مع زوجتى وأجلس لاقرأ لاطفالى قبل النوم. أما الآن فإن هذه الساعات قد باتت شاغرة ويجب أن أملأها بأى شيء حتى إذا كانت تفاهات). وفى معرض المقارنة تبرز الدراسة وضع المرأة المطلقة وما تتعرض له من عزلة ووحدة، فالفرصة أمام اندماجها فى المجتمعات تكاد تكون ضئيلة خاصة إذا كانت ربة بيت ولا تعمل وانحصرت علاقاتها من خلال معارف زوجها فقط. أما المرأة العاملة فتكون أسعد حالا حيث إنها سرعان ما تندمج فى علاقات اجتماعية كثيرة يساعدها فى ذلك محيط العمل. وبينما تشعر المطلقة بأنها فى شبه مصيدة، يظل الرجل يشكو من الشعور بالانتماء، بل دائما ما يظهر كما لو كان فى مباراة يعجز فيها عن تسجيل أى هدف. ويقول البروفيسور «هيثرنجتون» بأن الإحساس بالوحدة يزداد مع الأيام خاصة بالنسبة للمطلق الذى لا يلجأ إلى الزواج ثانية فى نهاية عامين على انفصاله. ففى البداية يتردد بكثرة على أطفاله إما بباعث تأدية الواجب أو للتخفيف من حدة الشعور بالذنب أو للإبقاء على عنصر المنافسة والانتقام من الطرف الآخر. ولكن ومع ذلك يظل إحساس الضياع والاكتئاب يحاصره. ولقد سلطت إحدى الدراسات الضوء على ما يشعر به المطلق من خيبة أمل بالنسبة لحياته الاجتماعية الجديدة. والشكوى العامة ترد فى أن الاطار الاجتماعى يستوعب الأزواج ويفسح لهم المجال. ولكن الأمر يختلف بالنسبة للشخص الذى يظهر فى المجتمعات بمفرده وبدون قرينته. وعلى صعيد الأصدقاء فإن المطلق قد يجد وسط المتزوجين كل مساعدة.ولكن ما يلبث أن يتحول إلى أمثاله من المطلقين الذين يشاركونه نفس الاهتمامات تقريبا وتتشابه ظروفه مع ظروفهم. والنقطة التى تشير إليها الدكتورة «مارثا كوكس» تدور حول أن الطلاق قد يسفر عن علاقة وثيقة بين الأب والابن. فمع الانفصال يحاول الأب بقدر الإمكان تطوير علاقته بأبنائه ويحرص على أن يستمتعوا بأكبر وقت ممكن معه يوفر لهم أثناءه السعادة والراحة. وعليه فقد تكون السمة العامة للعلاقة بين الأب وأطفاله فى البداية هى اللين واليسر ثم تتدرج إلى الانضباط والكبح. على حين أن الصورة هذه تأخذ الشكل المضاد مع الأم. ففى البداية تحرص المطلقة على ألا يفلت الزمام من يدها بالنسبة لأطفالها وتشرع فى استخدام الشدة لاحكام الانضباط، وهى الشدة التى غالبا ما تقابل بالتجاهل من قبلهم أو بالمكابرة والعناد.. وللحديث بقية.....