السعودية تعيش ربيعًا ثقافيًا وفنيًا هائلاً.. وأتمنى تدشين أكاديمية للموسيقى خضت تجربة التمثيل فى السبعينيات من خلال مسلسل درامى.. وأتمنى تقديم فيلم وثائقى البحث عن عمل فنى راقٍ هذه الأيام هو بمثابة البحث عن لؤلؤة ثمينة فى أعماق بحر مظلم.. ولكن بين الحين والآخر نجد المطرب الكبير محمد عبده يصول ويجول بأرقى الألحان والكلمات والتى هى بمثابة طوق نجاة من العديد من الأعمال التى يقولون عنها إنها فن!! وللعام الرابع على التوالى يأتى «فنان العرب» إلى القاهرة ليحيى حفلته السنوية على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، وحضرها مساء الجمعة الماضى، شخصيات دبوماسية وسفراء عرب واجانب ووزراء وفنانون وإعلاميون من دول خليجية وعربية، وشدا فنان العرب بأغنيات ألبومه الجديد «ياغافية قومى» وضم 12 أغنية جميعها من ألحان الموسيقار طلال، وتحت إشراف خالد أبو منذر منسق الأعمال الفنية للموسيقار طلال. وأثناء إجراء «فنان العرب» لبروفات الحفل بأحد الفنادق المطلة على نيل القاهرة سرقنا من وقته الثمين دقائق حاور خلالها «الأسبوع»، وكشف عن اسباب اختيار القاهرة لاطلاق البوماته الجديدة، ورأيه فى النجاح الذى حققته أغنيته الخالدة «الأماكن»، وعمل ابنائه بالفن، وأشياء أخرى عديدة، فى الحوار الذى خص به «الاسبوع». للعام الرابع على التوالى تدشن ألبوماتك الغنائية على مسرح دار الأوبرا المصرية.. ما هو شعورك تجاه القاهرة؟ القاهرة هى هوليوود الشرق ولدى جمهور كبير جدًا هنا وبمناسبة احتفالات سيناء الحبيبة أقول ان بداية انطلاقى كانت من القاهرة عام 1973 حيث شاركت فى حفل أضواء المدينة والجمهور الذى استمع إلىّ تعدى وقتها ال 20 مليون عربي، وكانت شهرتى الكبيرة ولو أنا غنيت فى لبنان والسعودية لم أكن أحقق الشهرة مثلما شهرتنى هذه الحفلة الكبيرة. «الأماكن كلها مشتاقة لك» حققت شهرة واسعة على مستوى العالم هل كنت تتوقع ذلك؟ فى عام 2005 كان أول ظهور لهذه الأغنية فى مهرجان جدة بالرياض وهذه الأغنية جاءت فى وقت يحتاج إليه العالم العربى لمثل هذا النوع من الأغانى، وخاصة الناس كانت تحتاج لهذه الكلمات وهذا الشجن الذى حملته هذه الأغنية وأتذكر أنه أثناء رحلة من رحلاتى جاء لى أحد ركاب الطائرة وأراد التحدث معى فى البداية ظننت أنه يريد أن يوجه النصح لى ولكننى فوجئت بأنه يشكرنى على أغنية «الأماكن». وهل انتهى هذا الراكب بشكرك فقط، أم ماذا؟ فى البداية لم أفهم لماذا وجه هذا الشخص الشكر ولكن الرجل حكى لى موقفًا تعرّض له مع والدته التى توفى زوجها وابنها فى حادث أليم، وأنها كانت تمر بحالة نفسية سيئة جدًا، كتمت فيها ألمها ولم تكن تبكى على الإطلاق، وذهبت السيدة للأطباء النفسيين بلا فائدة وفى مرة سمعت الأغنية فانتابتها موجة عارمة من البكاء، ويكمل الرجل أخذنا أمى للمستشفى وقتها ونصحنا الطبيب بتشغيل الأغنية لها دومًا حتى تتمكن من تفريغ شحنات الحزن المكبوت بداخلها، ذلك لأن الأغنية هدف والأغانى ليست فقط للتسلية وتمضية الوقت السعيد. رغم اعترافك السابق بأنك أفضل ملحن لأغنياتك وأن موهبتك كملحن نضجت قبل صوتك إلا أنه بعد هذه التجارب الناجحة كان رد فعلك مختلفًا؟ تركت مهمة التلحين للجيل الجديد الموهوب جدًا لأحصل منهم على أحاسيس مختلفة عن إحساسى فى الكلمات كملحن، وأن الكلمات التى كانت تأتى إلىّ أتخيل أننى سمعتها أو لحنتها وفق تطلعاتهم إلى مساحات الصوت لدىّ وإبراز موهبتهم من خلال صوتى. سمعنا أن ولديك عبدالرحمن وبدر لديهما ميول فنية هل توافق على عملهما بالفن؟ فى الحقيقة أنا حرصت أن استثمر فى ابنى للحصول على شهاداتهما الجامعية إلى جانب الموهبة وهذا كان اشتراطى معهما على ذلك فى السابق حيث إنهما مارسا الفن كهواية وكان عليهما تدعيم الهواية بالدراسة الأكاديمية أولاً. لماذا لم تكرر تجربة التمثيل مرة أخرى؟ لأ طبعا التجربة كانت مسلسلاً تليفزيونيًا فى فترة السبعينيات أما الآن أتمنى أن يكون فيلمًا تسجيليًا أو وثائقيًا وليس عملاً دراميًا. لماذا لا يوجد فى المملكة العربية السعودية أكاديمية تحمل اسمك؟ أتمنى أن يكون فى المملكة العربية السعودية أكاديمية للموسيقى بشكل عام فى ظل هذا الانفتاح الكبير والعظيم التى تنتهجه المملكة هذه الأيام. الانفتاح والتطور الكبير الذى حدث فى المملكة فى الفترة القصيرة وخاصة فى مجال الغناء والحفلات المتعددة.. كيف ترى هذا من وجهة نظرك؟ بصراحة السعودية تعيش ربيعًا ثقافيًا وفنيًا وهذا سر سعادتى وتفاؤلى الشديد بما يحدث فى المملكة لأنها تعيش حالة من الانفتاح الفنى والثقافى تنبئ بمرحلة مختلفة من تاريخ السعودية. ماذا عن تعاونك مع الموسيقار الكبير الدكتور طلال؟ تعاونى مع الموسيقار الكبير طلال بدأ منذ أكثر من 30 عامًا فى ألبوم «يا هلا بالطيب الغالى» مؤكدًا أن استمراره كملحن بكل هذه القوة يعنى أنه فنان لا ينضب أبدًا وأن لديه الكثير ليقدمه للفن والموسيقى العربية، وطيلة سنوات التعاون مع طلال قدمنا سويًا مجموعة من أجمل وأروع الأغنيات، وأهم ما يميز طلال هو حرصه الشديد وتأكيد الهوية الفنية السعودية وأنه يضع الفن السعودى فى منافسة مع كافة الفنون العربية الأخرى. قدمت حفلات كثيرة فى الإمارات وتعاملت مع العديد من الشعراء والملحنين الاماراتيين.. فما رأيك فى الاغنية الاماراتية الآن؟ من الطبيعى أن تزدهر الأغنية بازدهار البلد الذى تنتمى إليه وبازدهار أهله ولذلك لاشك فى أن الأغنية الإماراتية قفزت قفزات عالية وخلال فترة قصيرة وقفت وقفة ثابتة إلى جانب الأغانى الناجحة فى البلاد العربية كالأغنية السعودية والكويتية والمصرية واللبنانية والمغربية وغيرها.