وصف المستشار أحمد الزند رئيس نادي قضاة مصر الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره رئيس الجمهورية محمد مرسي مساء الخميس بأنه تجريف لدولة القانون ويخالف مبدأ الفصل بين سلطات الدولة الثلاث 'التشريعية والتنفيذية والقضائية'. وقال الزند -خلال كلمة القاها مساء الخميس بالنادي النهري للقضاة بحضور المئات من رجال القضاء، والنيابة العامة، وممثلي العديد من التيارات والقوي السياسية- إن الإعلان الدستوري المذكور يمثل انتقاصا لاستقلال القضاء وتدخلا في شئونه إلي جانب مساسه بحرية الرأي والتعبير. وأضاف أن الإعلان تضمن ألفاظا وعبارات لا تتلاءم مع انضباط المادة الدستورية، فضلا عن كونه حصر عملية القصاص لدماء الشهداء والمصابين علي أفراد النظام السابق دون النظام الحالي حيث استبعد الإعلان أن يكون هناك من النظام الحالي من شارك في أعمال القتل. وتابع أننا نعيش الآن يوما يعاقب فيه القضاء بينما القضاء هو الذي يعاقب ولا تتم معاقبته، مؤكدا تضامن جموع قضاة مصر مع أسر الشهداء والمصابين في أحداث ثورة 25 يناير، مشيرا إلي أن القصاص العادل لدماء هؤلاء الشهداء يكون عن طريق القضاء العادي وليس عن طريق القوانين الاستثنائية. وانتقد الزند ما تضمنه الإعلان من تطبيق القانون بأثر رجعي علي النائب العام لمضي أربع سنوات علي تعيينه، مشددا علي أن القواعد القانونية والدستورية المستقرة تؤكد أن العمل بالقانون يتم اعتبارا من تاريخ صدوره واصفا قرار إقالة عبدالمجيد محمود بأنه صدر تصفية لحسابات مع شخصه. وقال الزند ان الإعلان الدستوري الجديد ينبيء عن توجه يتمثل في خلق حاكم بأمره يتفرد بكافة سلطات الدولة دون أن يكون لأي أحد الحق في أن يسائل الرئيس، مؤكدا أن المادة المتعلقة باختيار النائب العام قد عطلت آلية اختياره التي كانت مطبقة حتي في عهد الحاكم المستبد. وأوضح أن النائب العام كان يتم اختياره من قبل مجلس القضاء الأعلي من بين نواب رئيس محكمة النقض أورؤساء محاكم الاستئناف، مؤكدا أن تطبيق القانون بأثر رجعي بهدف إزاحة المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام من منصبه يمثل انقلابا في نظريات القانون. وأعرب الزند عن عميق أسفه لما اعتبره بأن مصر تعود للواراء في ضوء هذا الإعلان، خاصة وأن مصر في مقدمة دول العالم التي عرفت سيادة القانون منذ فجر التاريخ، مشيرا إلي أن هذا الإعلان يخالف البرنامج الانتخابي للرئيس مرسي الذي أكد فيه ضرورة حفظ سيادة القانون من خلال بسط وتعزيز سلطات القضاء وضمان استقلاله والعمل علي تنفيذ أحكامه واحترامها وخضوع كافة سلطات الدولة للقانون واعتبار كل تصرف يخرج عن السلطات العامة مخالفا للدستور والقانون مستحقا المساءلة. ودعا إلي ضرورة تكاتف كافة قوي وفصائل المجتمع لإعلان رفضهم لهذا الإعلان الدستوري، معربا عن أسفه لأن تأتي تلك الخطوة لتشكيك الأمة والتفريق بين أبنائها في وقت كان الجميع يتطلعون فيه إلي وحدة الشمل وتوحيد صفوف الأمة. وأكد الزند تضامنه التام والكامل مع المستشار عبدالمجيد محمود، معربا عن دهشته بأن يصدر قرار تعيين النائب العام الجديد المستشار طلعت عبدالله دون عرضه علي مجلس القضاء الأعلي كما ينص قانون السلطة القضائية عليه. كما تحدث خلال اللقاء كل من الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة وأحمد حسن ممثلي عن الحزب الناصري والدكتور أحمد البرعي وزير القوي العاملة السابق وعمرو موسي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية والدكتور أحمد الفضالي رئيس حزب السلام الاجتماعي وغيرهم، حيث أجمعوا علي رفضهم التام للاعلان الدستوري الصادر مؤكدين أنه يمثل مساسا بسيادة القانون والدول الدستورية. وحذروا من أن المساس بالسلطة القضائية إنما يلحق أضرارا بالغة بحقوق المواطنين ويمس بحرياتهم وحقوقهم؟، وناشدوا كافة القوي السياسية بإعلان موقفهم الرافض لذلك الإعلان نظرا لما يمثله من ردة بمسيرة دولة القانون. وأكدوا علي الحرص علي ترسيخ استقلال القضاء وسيادة حكم القانون باعتبار أن ذلك الأمر هو الضمانة الحقيقة لأمن وسلامة الوطن والمواطنين.