ظهرت مصر كعقبة كأداء أمام تفعيل ما يسمى بصفقة، القرن حيث إنها لا تقبلها بصورة كاملة، ومن ثم رأيناها تعارض أن تكون أبوديس عاصمة لدولة فلسطين بدلا من القدسالشرقية، كما لا تقبل أن تكون الخطة الاقتصادية لغزة بديلا عن خطة دبلوماسية يقبلها الفلسطينيون. ولهذا بادرت فأعلنت فى الحادى والعشرين من الشهر الماضى بعد اجتماع ضم الرئيس عبدالفتاح السيسى ووزير الخارجية سامح شكرى ورئيس المخابرات والمسئول عن ملف القضية الفلسطينية عباس كامل دعمها لكافة الجهود التى تهدف للوصول إلى اتفاق شامل على أساس القرارات الدولية التى اتخذت فى الماضى خاصة ما يتعلق بقرار مجلس الأمن رقم 242 والذى أكد ضرورة انسحاب القوات الاسرائيلية من الأراضى العربية التى احتلتها فى 67. عندئذ بالإمكان تمرير الصفقة ليتحول حلم الدولتين إلى حقيقة على أرض الواقع لتكون هناك دولة فلسطين وعاصمتها القدسالشرقية إلى جانب دولة إسرائيل. اتضحت معالم الصفقة أكثر وأكثر بعد المباحثات التى جرت فى المنطقة وقادها جاريد كوشنر مستشار ترامب والذى يعد عراب الصفقة، وجيسون غرينبلات خلال زيارتهما لكل من مصر والسعودية وإسرائيل والأردن وقطر من أجل الترويج لها. وترتكز الصفقة على قبول الفلسطينيين بأبوديس عاصمة لدولتهم بدلا من القدسالشرقية مقابل انسحاب اسرائيل من نحو خمس قرى وأحياء عربية شرقى القدس وشمالها لتصبح المدينة القديمة فى يد اسرائيل. كما أن وادى الأردن سيكون تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة وستكون الدولة الفلسطينية بدون جيش ومنزوعة السلاح، بالاضافة إلى وضع خطة اقتصادية لاعادة إعمار غزة. ويراهن ترامب فى تمرير الصفقة على عنصر المال الذى يعتبر العنوان الأبرز لتحسين الظروف المعيشية لمليونين من سكان قطاع غزة. وفى هذا الاطار يتم السعى لاقامة ميناء بحرى ومطار جوى فى منطقة رفح المصرية المحاذية لغزة إلى جانب محطة كهرباء عملاقة وأخرى لتحلية المياه ليكون المقابل التنازل عن الثوابت الوطنية وحقوق الفلسطينيين المشروعة فى العودة وتقرير المصير وتحرير الوطن من النهر إلى البحر. بمعنى آخر فإن صفقة القرن هى صفقة الشيطان الأمريكى لصالح إسرائيل. ولذلك فإن التحذير واجب إزاءها فهى مشروع لتصفية القضية الفلسطينية اعتمادا على المدخل لذلك ألا وهو الانقسام الفلسطينى وتثبيت كيان الاحتلال فوق الأرض العربية التى كان اسمها فلسطين. ولهذا يجب رفضها بكل الوسائل مهما كانت التضحيات. خوف السلطة الفلسطينية من الصفقة حدا بها إلى أن تطلق عليها مؤامرة تهدف إلى تقسيم غزة والضفة وترمى إلى تجنيب القضية آي مفاوضات دبلوماسية حول مستقبل فلسطين. بيد أن أمريكا تظل حريصة على إنجاح الصفقة لكونها تلبى كافة مطالب إسرائيل. ومن ثم بدأت التحركات للضغط على القيادة الفلسطينية وتهديدها إما بالموافقة أو الاقصاء. ويعول ترامب على قادة دول عربية لممارسة الضغط على عباس كى يعدل موقفه من الصفقة مقابل منحه ضمانات سياسية واقتصادية. غير أن الملابسات على الأرض تؤكد لكل ذى عينين أنها صفقة الشيطان، وأنه حرى بالعرب النأى بأنفسهم بعيدا عنها ولتذهب الصفقة إلى الجحيم وليذهب معها كل من هو على استعداد للتوقيع على التنازل عما لا يجوز التنازل عنه.