أري نور شهر رمضان يلوح في الأفق، ونسيمه الرقراق يسري في النفوس في الأجواء والطرق ، وعبق عطره الجذاب يفوح ، وأصوات ذكره تقترب ، وحلاوة طاعته تدنو وتسري في النفوس ، يتوق إليها عشاقها ، ومن ثم فالفرصة ذهبية لاغتنام البركات وإحلالها بالبيوت، وهنيئاً لكل مسلم يدرك هذه البركات الوفيرة ، أداء فرضية الصوم ، ليس بالامتناع عن الطعام والشراب ، بل مدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع ، فالإيمان نصفان : نصف شكر ، ونصف صبر، وقد أمر الله به - أي بالشكر - ونهي عن ضده ، وأثني علي أهله بأحسن الجزاء ، أيها المسلم المقتدر مادياً ، لا تنسي الفقراء في الشهر الكريم ، فهم يعيشون معيشة ضنكاً ، فمن التصرفات المؤلمة في عصرنا الحالي أن يُترك الفقراء فلا يُدْعون إلي الطعام ، مع أنهم غير قادرين، بينما يُدعي إلي الطعام الأغنياء وهم قادرون علي شراء الطعام وتوفيره ، وقد حذر رسولنا الكريم الرحيم من ذلك ، فقال : شر الطعام طعام الوليمة ، يُدْعَي لها الأغنياء ، ويُترك الفقراء 'رواه البخاري ومسلم ' فهنيئاً لمن أنفق وأعطي بسخاء ابتغاء وجه ربه الأعلي ، فقد نال جماع الخير وهو البر ، وبركة الصدقة ممتدة مستمرة ، لا تنتهي بنهاية حياة المتصدق ، وإنما تتجاوز ذلك ، فتنفعه بعد مماته ، كما أنها تطهر النفوس، حيث تطهر نفس الفقير من الحقد والحسد ، وتطهر نفوس الأغنياء من الشح والبخل ، ويظن البخلاء أن الصدقة تنقص المال ، وهذا اعتقاد غير صحيح ، لقوله :ما نقصت صدقةٌ من مالٍ ، والمعني أنه بصلة الرحم وحسن الخلق يبارك الله للمسلم في الأرزاق والأموال والمساكن ؛ وصلة الرحم أيضاً سبب لنيل البركة العظمي الكبري وهي الجنة ، وفي المقابل.. فإن قطيعة الرحم سبب في اللعنة ، وهي الطرد من رحمة الله ، فلا نجعل صيامنا جوعا وعطشا بل نجعل أفعالنا هي التي تعبد الله ، فنستيقظ مبكرا لأعمالنا ، تعطيل مصالح البشر بحجة الصوم فهذا آثم ، فالصبر علي العبادة من أحب الأشياء إلي الله ، جاهد نفسك علي محاربة الجنيه الحرام ، فالعبرة كل العبرة بالبركة، فكم من صغير كبّره الله، ولن تضيق أرض الله بعبد يتقي الله، ولن يضيق العيش والرزق علي من خشي الله واتقاه ، ولله در من قال: عليك بتقوي الله إن كنت جاهلاً يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري فالكسب الحلال ينير القلب، ويشرح الصدر، ويورث الطمأنينة، والسكينة، ويغرس في نفس المسلم خشية الله، ويعين الجوارح علي العبادات والطاعات ، وهو من أسباب قبول الأعمال الصالحات، ومن متطلبات إجابة الله لدعاء عباده ، اللهم أجعل هذا الشهر ، شهر خيرا وبركة علي مصر