تركت فنجان القهوة وحيدًا علي الطاولة .. وتوجهت إلي صالة المقهي الداخلية حيث يقبع التليفزيون الكبير لأتابع المناظرة بين مرشحي الرئاسة: السيدين عمرو موسي وعبدالمنعم أبو الفتوح .. وبعيدًا عن ركاكة أداء السيد المذيع الذي أدار 'المناظرة الرئاسية' علي طريقة البرنامج الشهير 'من سيربح المليون'!! وبغض النظر عن خطاب المرشحين الذي عزف علي إيقاع 'الماضي' ووشي برغبتهما الشرسة في طعن وتمزيق 'تاريخ' بعضهما البعض دون أي تفنيد يذكر لبرامجهما 'الافتراضية' التي وضعاها لرسم مستقبل الوطن .. بعيدًا عن ذلك كله .. أحسست بالفرح وقلت لنفسي فعلاً لقد انتصرت الثورة فهذه هي أول مرة يقف فيها مرشحان للرئاسة في مصر وجهًا لوجه يتحاوران أو يتناحران أمام المواطن علي شاشة التليفزيون ليختار من بينهما 'السيد المواطن' رئيسًا للبلاد .. إنها تجليات وبشائر 52 يناير!!! لم تختلف حكومة السيد الجنزوري كثيرًا عن حكومة السيد شرف فكلتاهما 'خنقت' روح ثورة يناير التي تأججت وتجلت بعيد الثورة مباشرة في خروج الناس لتنظيف شوارعهم وتنظيم المرور وحراسة بيوتهم وأحيائهم .. وهتفوا 'ارفع راسك فوق إنت مصري'، ورفضوا الرشوة وقاوموا الفساد .. ولأن الحكومتين تعاملتا 'برخاوة شديدة' مع الفلتان والخارجين علي القانون .. عادت الرشوة بقوة وسارت السيارات عكس الطريق، وتحركت عربات الكارو بحرية في ميدان التحرير، واحتل الباعة الجائلون مداخل المترو والأرصفة وارتفعت الأبراج دون أي تراخيص، بل يزرع حاليًا تجار المخدرات في الأحياء الشعبية البانجو في الحدائق العامة!!! المضحك أن حكومة 'الانقاذ' أعلنت عن تغيير وزاري عجيب لم تفصح عن أسبابه الجوهرية ولا تأثيره في حياة المواطن، ولا دوره في استتباب الأمن والقضاء علي الفلتان!!! .. الأكثر إثارة للضحك، أن الأغليبة بمجلس الشعب التي أقامت الدنيا ولم تقعدها، ورفضت بيان الوزارة لأنه لا يحقق طموح الشعب بعد الثورة .. أعلنت ارتياحها لهذا 'اللا تغيير الوزاري' وقررت أن تعيد النظر في بيان الحكومة التي كانت تهدد بسحب الثقة منها!! .. فعلاً لقد سحب مجلس الشعب والحكومة البساط من تحت قناة 'موجة كوميدي' علي حد تعبير أحد أصدقائي في مقهي صدفة!!! خرج الدكتور شاكر عبدالحميد من الوزارة بناء علي طلبه لأنه اكتشف عدم قدرته علي تنفيذ ما يحلم به للثقافة الوطنية في ظل هذه الملهاة السوداء، وفي مناخ الفلتان الذي يزايد فيه الجميع ضد الجميع بغباء ووقاحة خاصة بعد أن ارتدي الأفاقون والفلول وأنصاف المواهب والمختبئون تحت الأسرة أثناء الثورة 'تي شيرت' 52 يناير!! قال ساركوزي بعد هزيمته في الانتخابات: 'لا تعليق لي فأنا أحترم إرادة الشعب الفرنسي' و'موقع رئيس فرنسا لابد أن يحترم' تري هل سيحترم أهل ائتلافاتنا المتكاثرة اختيار الشعب المصري في الانتخابات القادمة؟! .. أم سينسبونه إلي 'عبط' و'غباء' حزب الكنبة؟!!