شهدت مكتبة الإسكندرية امس فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر الدولي السادس "بيوفيجن الإسكندرية 2012"، الذي تنظمه المكتبة في الفترة من 22 إلي 25 إبريل 2012 تحت شعار "العلوم الحياتية الجديدة: الربط بين العلوم والمجتمع"، بمشاركة أكثر من 2050 مشاركاً ونحو 115 متحدث بارز. وتضمنت جلسات اليوم جلسة بعنوان "سعي العلم لتحقيق مستقبل أفضل"، شارك فيها أربعة من الحائزين علي جائزة نوبل؛ وهم: ريتشارد ارنست 'الكيمياء 1991'، وجين ماري لين 'الكيمياء 1987'؛ الذي شارك في المؤتمر من خلال مؤتمرًا مرئيًا، وهارولد كروتو 'الكيمياء 1996'؛ الذي أرسل رسالة للمشاركين عبر الفيديو، وبيتر دوهرتي 'الطب 1996' الذي شارك أيضًا من خلال الفيديو. وشهد اليوم الثاني للمؤتمر أيضًا جلسة بعنوان "عجائب العلوم المتعددة"، تحدث فيها كل من بروس البيرتس؛ الرئيس السابق للأكاديمية الوطنية للعلوم ورئيس تحرير مجلة العلوم. والدكتور مصطفي السيد؛ رئيس جوليوس براون ومدير معمل ديناميات الليزر ومعهد جورجيا للتكنولوجيا، وهانيلور دانيال؛ أستاذ علم وظائف الأعضاء الغذائية، وأدارها الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية. وألقي الدكتور مصطفي السيد كلمة عن استخدام تكنولوجيا النانو في المجتمع، مشيرًا إلي أن تكنولوجيا النانو وأبحاثها غير مكلفة علي الإطلاق، مقارنة بالفوائد الاجتماعية والاقتصادية التي تعود علي الدول التي تهتم بهذا العلم، الذي يطلق عليه "علم الفقراء"، مشيرًا إلي أن جميع الدول تقف منه علي مسافة واحدة نظرًا لحداثته، حيث بدأ عام 1980. وعن أهمية تكنولوجيا النانو في الصناعة، قال إن أي صناعة تقوم علي مواد معينة ذات صفات معينة يمكن أن يُصنع منها منتج لخدمة الإنسان، مؤكدًا أنه من هذا المنطلق تأتي أهمية تكنولوجيا النانو، التي تقوم علي الإبداع في تصغير المواد لتتغير خواصها، وبالتالي تحقق وظائف مختلفة لخدمة الإنسان. وألمح إلي أن الذهب والفضة يعتبران من أبرز الأمثلة علي فائدة تكنولوجيا النانو، حيث إن الذهب لا يعد مادة كيميائية فعالة، إلا إنه مع تحويله إلي جزيئات النانو، فهو يتفاعل مع الضوء، ويزيد من قوته، مما يزيد درجة الحرارة. وأشار إلي أن الفضة وعنصر الكربون تم استخدامهم في القضاء علي البكتيريا في حالة النانو. وأضاف أن أكسيد التيتانيوم يتم استخدامه الآن بشكل متزايد في المستشفيات بالولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث يستخدم في مواد الطلاء والسيراميك ويحتاج فقط إلي تسليط الضوء عليه ليقوم بتنقية نفسه من البكتيريا. وأوضح أن الاعتماد علي تكنولوجيا النانو يمكن أن يدفع بالدول التي تمول أبحاثها إلي تقدم وتطور مذهل، حيث إن هذه التكنولوجيا تساعد علي بدء صناعات جديدة، مما يؤدي إلي خلق وظائف، ودعم الاقتصاد. وقال إن عدد متزايد من الشركات تتجه الآن إلي الاستثمار في تكنولوجيا النانو، وارتفعت في السنوات السبع الأخيرة من 170 شركة إلي 730 في مجال الصحة واللياقة علي سبيل المثال. وأكد أن تكنولوجيا النانو تستخدم الآن في العديد من المجالات، كالصحة، والطاقة، والاتصالات، والبضائع، والمنسوجات، والصناعات الثقيلة، وغيرها. وتحدث عن استخدام جزئيات النانو في علاج السرطان، باستخدام مركبات الذهب الدقيقة. وقال إن الفكرة تكمن في وضع قطع الذهب لتتراكم علي الخلايا السرطانية وتدخل فيها، وبمجرد تسليط الضوء عليها تصبح ظاهرة للطبيب المعالج، كما أنها تعمل علي تركيز الأشعة الضوئية وكل الحرارة المتولدة عنها في تدمير الخلايا السرطانية وبالتالي القضاء علي السرطان في الجسم. وأشار إلي أن أهم مميزات استخدام النانو تكنولوجي في علاج مرض السرطان هي تجنب الجراحة ومخاطرها، وتخطي مشاكل العلاج الإشعاعي والكيميائي. وأوضح أن شخص واحد من كل أربعة أشخاص يموت بالإصابة بمرض السرطان سنويًا، حيث إن 23% من الوفيات في الولاياتالمتحدةالأمريكية يكون سببها مرض السرطان. وأكد جين ماري لين أن للعلم وخاصة الكيمياء دور كبير في إفادة المجتمعات في مجالات متعددة؛ كالصحة والاقتصاد. وأوضح أن الكيمياء تعتبر من الفروع المنسية، إلا أنها قدمت العديد من الإسهامات في تحسين حياة الإنسان، من خلال الملبس والمسكن وطرق الاتصال ومحاربة التلوث وتأمين مناطق العمل، وحتي تقديم الدعم في أبحاث المجالات الأخري كالفيزياء والبيولوجيا. وأشار إلي أن الكيمياء ساعدت علي تحسين جودة الحياة، وذلك للدور الذي تلعبه في فهم خواص المواد وتعديل الخواص لإنتاج مواد جديدة وبالتالي الخروج بمنتجات مختلفة وصناعات تساهم في دعم الاقتصاد. وأكد أنه بالرغم من أن الاعتماد علي العلوم لتحسين حياة الإنسان وخدمة المجتمعات قد ينطوي علي المجازفة، إلا أن الموقف الوقائي يعطل البحث والتجربة. وشدد علي أن دور العلم والعلماء والمؤتمرات والمراكز العلمية يتمثل في تحسين الفرص وتقليل المخاطر، بالإضافة إلي العمل علي نشر العلم بين الدول ودعم سبل توصيله للجميع. وقال إن الدول المتقدمة يجب أن تسعي إلي نشر الحلول العلمية والمعرفة في دول العالم النامي، كما أن العلماء يقع علي عاتقهم مسئولية البحث عن الحقيقة والمعرفة ونشرها، والاهتمام بتعليم العلوم. وفي رسالته للمؤتمر، أكد بيتر دوهرتي علي أهمية نشر العلوم والخبرات والابتكارات العلمية بين جميع الدول ومن خلال المؤتمرات والمراكز العلمية المختلفة، مستشهدًا بدور النهضة الإسلامية في العلوم المختلفة وتأثيرها علي العلم في أوروبا. وقال إن العلوم الحياتية أحدثت تأثير كبير في حياة الإنسان، خاصة في مجال مكافحة الأمراض وتوفير الغذاء ومواجهة التحديات البيئية، مشددًا علي أهمية المؤتمر في رصد المقاربات العلمية والتكنولوجية والسياسية والاجتماعية التي تساهم في وضع حلول تضمن تحسين مستوي المعيشة للأفراد ومساواة الأفراد علي مستوي العالم. من جانبه، أكد هارولد كروتو أن العالم لايزال مرتبكًا عند محاولة إدراك دور العلوم في حياة الإنسان، إلا أن الكيمياء علي سبيل المثال لعبت دورًا كبيرًا وقدمت حلول ذات قيمة عظيمة لخدمة المجتمع، خاصة في مجال فهم خواص المواد وبالتالي تحسين صحة الإنسان. وشدد علي أن العلم هو لغة دولية، لا تفرق بين الدولة أو الدين أو العرق، ولذلك يجب أن يعمل العلماء علي نشر تلك اللغة في جميع أنحاء العالم. وأضاف أن تعليم العلوم يجب أن يبدأ في سن مبكرة وأن يعتمد علي الشرح والتجريب والتطوير المستمر. وتحدث كروتو عن تجربته في محاولة تعليم العلوم دوليًا من خلال تقديم ورش عمل للأطفال، وعن طريق الانترنت من خلال برنامج GEOSET، والذي يقوم علي تقديم برامج فيديو وعروض علمية سهلة ومبسطة. وأكد أن العلم يحتاج عقول تتمتع بالخيال والتصور، كما أنه يعتمد علي قيم السلام والتناغم. وفي كلمته، تحدث ريتشارد ارنست عن أهمية تعليم العلوم والعمل علي نشرها، خاصة في دول العالم النامي وإفريقيا، وخاصة بالنسبة للمرأة. وتطرق إلي وضع المرأة المصرية، مشيرًا إلي أن وضع المرأة المصرية في مجال التعليم والعلوم تحسن في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يقارن بالتقدم الذي وصلت إليه دول أخري واجهت نفس التحديات؛ مثل عمان وإيران. وأوضح أن 40% من النساء فوق سن 15 في مصر يعانون من الأمية، كما أن النساء تشارك في العمالة بنسبة 24% فقط، بالإضافة إلي قلة تمثيل المرأة في الحياة السياسية. وشدد علي أن الثورة المصرية تمثل فرصة فريدة للمصريين لإعادة اكتشاف دور المرأة في العلوم، والتركيز علي توفير الفرص والمنح ومجالات البحث للمرأة في المجالات العلمية المختلفة. وفي كلمته، تحدث بروس البيرتس عن "عجائب العلوم المتعددة"، انطلاقًا من تجاربه الشخصية. وأكد أن تعرضه للفشل في مساره العلمي كان من أفضل الطرق للتعرف علي العلوم بشكل أفضل. وتطرق إلي اكتشاف ما يعرف بآلة البروتين؛ والتي تسمح بتكرار الحمض النووي. وأكد أن العالم يحتاج المزيد من العلماء المتخصصين في مجال الكيمياء الحيوية لدعم علم الأحياء النظري والتعرف علي خواص الخلايا، مبينًا أننا نحتاج وقت طويل جدًا لكسب معرفة حقيقية عن كيفية عمل الخلايا والكائنات الحية. وشدد البيرتس علي أهمية بناء المعاهد العلمية وإنشاء المعامل لتعزيز الابتكار، والربط بين تلك المعامل من خلال ثقافة اتصالية وتعاونية، وتشجيع التلاقي بين الأشخاص والأفكار.